ماذا وراء صفقة تبادل السجناء بين واشنطن وطهران؟

رأى محللون أن الاتفاق الجديد، بعد أشهر من المفاوضات، في الكواليس، يؤذن بتخفيف حدة التوتر بين الخصمين، وقد يفضي إلى مزيد من الجهود الهادئة للتعامل مع مخاوف، منها ما يتعلق ببرنامج إيران النووي وتسارع وتيرته.

ماذا وراء صفقة تبادل السجناء بين واشنطن وطهران؟

السياق

بعد أشهر من المفاوضات في الكواليس، من المنتظر الإفراج –الاثنين- عن أموال إيرانية مجمدة، وإطلاق سراح سجناء في اتفاق جديد بين واشنطن وطهران، من شأنه تخفيف التوتر بين البلدين.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، في مؤتمر صحفي أسبوعي: "نأمل أن نلحظ الاستحواذ –الاثنين- على الأصول الإيرانية"، مشيرًا إلى أن "تبادل السجناء سيكون في اليوم نفسه".

ومن المقرر التبادل في قطر التي أسهمت في جهود الوساطة بين البلدين العدوين، اللذين لا تربطهما علاقات دبلوماسية منذ عقود.

وحال تنفيذه الاثنين، يتزامن تطبيق الاتفاق مع الوصول المرتقب للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى نيويورك، للمشاركة في الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة.

وأوضح كنعاني: "سيفرج عن خمسة إيرانيين مسجونين في الولايات المتحدة"، مقابل خمسة أمريكيين كانت تحتجزهم الجمهورية الإسلامية نُقلوا -الشهر الماضي- من السجن إلى الإقامة الجبرية خارجه في إطار الاتفاق.

وأشار المتحدث إلى أنه بين مواطني طهران الخمسة "سيعود اثنان إلى إيران، وآخر سيذهب إلى بلد ثالث لوجود عائلته فيه، وسيبقى اثنان في الولايات المتحدة".

وأعلن هذا الاتفاق في 10 أغسطس. وفي إطاره، نقلت إيران خمسة أمريكيين من السجن إلى الإقامة الجبرية في فندق خاضع للحراسة، قبل نقلهم إلى قطر للإفراج عنهم.

 

غايات إنسانية

من المفرج عنهم رجل الأعمال سياماك نمازي، الذي يمضي منذ عام 2016 عقوبة بالسجن عشر سنوات، لإدانته بتهمة التجسس لحساب الولايات المتحدة.

وتشمل أيضًا قائمة المفرج عنهم رجل الأعمال عماد شرقي، المدان بالسجن عشرة أعوام لإدانته بتهمة بالتجسس، ومراد طهباز الذي يحمل أيضًا الجنسية البريطانية، وحُكم عليه بالسجن 10 أعوام أيضًا بتهمة "التآمر مع الولايات المتحدة"، وهؤلاء الثلاثة يحملون الجنسية المزدوجة، وفضّل الآخران عدم كشف هويتهما.

 

قائمة الإيرانيين

في المقابل، أكد القضاء الإيراني في أغسطس 2022 أن "عشرات" الإيرانيين محتجزون في الولايات المتحدة، ومعظم هؤلاء مزدوجو الجنسية ومتّهمون بمخالفة عقوبات واشنطن على طهران.

وتشمل قائمة الإيرانيين المسجونين في الولايات المتحدة كامبيز عطار كاشاني ورضا سرهنك بور المتهمين بمخالفة العقوبات الاقتصادية.

وفي إطار الاتفاق، أكدت واشنطن أنها وافقت على نقل ستة مليارات دولار، هي أصول إيرانية كانت مجمّدة في كوريا الجنوبية، إلى حساب خاص في قطر.

هذه الأصول أموال مستحقة لإيران، بموجب بيع النفط إلى كوريا الجنوبية، لكنّ سيول جمّدتها مذ انسحبت الولايات المتحدة أحاديًا عام 2018 من الاتفاق بشأن برنامج طهران النووي، وأعادت فرض عقوبات على طهران.

 

إشراف صارم

تشدد إدارة الرئيس جو بايدن، على أنه يمكن لإيران استخدام هذه الأموال حصراً لشراء الأغذية والأدوية والسلع الإنسانية، التي لا تشملها العقوبات الأمريكية، إلا أن بعض المسؤولين في طهران ألمحوا إلى عدم وجود قيود على إنفاق هذه الأرصدة.

لكن واشنطن حذّرت من أنها قد تعيد تجميد الأصول، إن استخدمتها طهران لغير الغايات الإنسانية المحدّدة.

كان المتحدث باسم الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر، قد قال للصحفيين: "سنبقى على يقظة ونراقب إنفاق هذه الأصول، ولدينا القدرة على تجميدها، إن دعت الحاجة".

وشدّد على أنه سيكون لوزارة الخزانة الأمريكية "إشراف صارم" على الأصول المنقولة من كوريا الجنوبية إلى قطر.

وأوضح: "لدينا اطّلاع على كيفية إنفاقها، وقدرة على ضبط استخدامها".

وسبق للطرفين أن أبرما اتفاقات لتبادل السجناء، آخرها في يونيو 2020 رغم التوتر بينهما والخلافات بشأن ملفات متشعبة.

 

تخفيف التوتر

رأى محللون أن الاتفاق الجديد، بعد أشهر من المفاوضات، في الكواليس، يؤذن بتخفيف حدة التوتر بين الخصمين، وقد يفضي إلى مزيد من الجهود الهادئة للتعامل مع مخاوف، منها ما يتعلق ببرنامج إيران النووي وتسارع وتيرته، منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي لعام 2015.

إلا أنهم استبعدوا أن يمهّد الاتفاق لتفاهمات أكبر خصوصًا بشأن النووي، لاسيما مع اقتراب ولاية بايدن من نهايتها واستعداد واشنطن للدخول في أجواء الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر 2024.

يأتي اتفاق تبادل السجناء والإفراج عن الأصول، بعد زهاء عام من انهيار مباحثات، لإحياء الاتفاق النووي.

وأتاح الاتفاق بين إيران والقوى الكبرى، تقييد الأنشطة النووية للجمهورية الإسلامية، مقابل رفع عقوبات اقتصادية عنها.

لكن واشنطن انسحبت أحاديًا منه عام 2018 وأعادت فرض العقوبات، ما دفع طهران للتراجع تدريجيًا عن التزاماتها النووية، خصوصًا في مجال تخصيب اليورانيوم.

وأجرت إيران والقوى الكبرى -بتسهيل من الاتحاد الأوروبي ومشاركة الولايات المتحدة بشكل غير مباشر- مباحثات من أبريل 2021 لإحياء الاتفاق، من دون أن تؤدي إلى نتيجة.