شهادات حية تفضحهم... كيف يقاتل الإخوان في صفوف الجيش السوداني؟

أصيب أمير كتيبة البراء بن مالك، المصباح أبو زيد طلحة، في المعارك التي دارت على أبواب سلاح المدرعات، وزاره بعد خروجه من الحصار مباشرة قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، في مدينة عطبرة.

شهادات حية تفضحهم... كيف يقاتل الإخوان في صفوف الجيش السوداني؟

السياق

«لدينا كتائب ظل تعرفونها»، كلمات حملت تهديدًا مباشرًا لمتظاهري ثورة ديسمبر في السودان، لتعلن -لأول مرة- وجود مليشيات تابعة لتنظيم الحركة الإسلامية في السودان.

إعلان جاء على لسان الأمين العام السابق للحركة الإسلامية "الإخوان"، علي عثمان محمد طه، ليكشف دور الحركة في السودان، التي تربطها علاقة مباشرة بتنظيم الإخوان، الذي بدأ يتغلغل داخل الجيش، بينما فشل الأخير مرارًا في نفي اتهامات تربطه بالتنظيم، الذي تعالت المطالبات في البلد الإفريقي، بتصنيفه «إرهابيًا».

طالب قيادي في «قوى الحرية والتغيير» -قبل أيام- بتصنيف الحركة الإسلامية «جماعة إرهابية»، خاصة الجناح المتطرف فيها، بعد العقوبات الأمريكية، على أحد أبرز قادة الحركة «الإخوانية»، وزير الخارجية السوداني الأسبق، علي كرتي.

ورغم أن تلك العقوبات لم تستهدف الحركة الإسلامية فحسب، بل قيادات في قوات الدعم السريع، فإن دور تنظيم الإخوان والمليشيات التابعة له، واضح، منذ بدء الاقتتال في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في أبريل الماضي.

كانت وكالة رويترز نقلت عن مصادر عسكرية قولها، إن آلافًا ممن عملوا في جهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني، في عهد الرئيس السابق عمر البشير، يقاتلون إلى جانب الجيش.

إلا أن الجيش السوداني نفى مرارًا على لسان رئيسه عبدالفتاح البرهان، الاتهامات بتورط الكيزان في الحرب التي اندلعت قبل أشهر.

ورغم ذلك، فإن هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» نشرت شهادات لمقاتلين من الجماعة الإسلامية، شاركوا إلى جانب القوات المسلحة بالحرب الدائرة، في ثالث أكبر بلد إفريقي من حيث عدد السكان.

 

شهادات حية

وأكدت «بي بي سي»، أن آلافًا من أبناء الحركة الإسلامية انضموا للجيش في الأسابيع الأخيرة.

ونقلت «بي بي سي»، عن الشاذلي عطا، وهو سوداني من ولاية كسلا شرقي البلاد، ينتمي للحركة الإسلامية السودانية، قوله، إنه -حتى الآن- تدرب على استخدام سبعة أنواع من الأسلحة، في أحد معسكرات الجيش السوداني، مضيفًا: أنتظر دوري للمشاركة في الحرب، لأنال شرف الدفاع عن هذا البلد.

وتطوع الشاذلي عطا بالانضمام للجيش، لمواجهة قوات الدعم السريع، حسب "بي بي سي"، مشيرة إلى أن آلافًا من أبناء الحركة الإسلامية انضموا للجيش في الأسابيع الأخيرة.

وينفي الجيش السوداني أن يكون الكيزان أو أي داعمين، طرفًا فاعلًا في القتال، كما يستنكر اتهام بعضهم له بالتحول لحاضنة للمقاتلين الإسلاميين.

إلا أن الشاذلي يقول، إنه ينضم يوميًا إلى المعسكر بمجرد عودته من عمله وقت الظهيرة، مشيرًا إلى أنه يتدرب على استخدام الأسلحة والمهارات القتالية.

وحسب "بي بي سي"، فإن الشاذلي انضم إلى معسكر السواقي الجنوبية في مدينة كسلا شرقي السودان، التي شهدت استنفارًا لمئات المتطوعين لدعم الجيش، في حربه ضد قوات الدعم السريع.

ويقول الشاذلي، إنه قبل انضمامه للمعسكر، حضر أحد هذه اللقاءات التي نظمها القيادي في النظام السابق أحمد هارون، والمطلوب من المحكمة الجنائية الدولية، ويعد أحد أكثر القيادات نشاطًا في حشد المقاتلين من شرقي السودان.

ويضيف الشاذلي: «مولانا أحمد هارون أراد أن يشارك في الحرب مع الجيش كسوداني، وأراد أن يحشد أعضاء الحركة الإسلامية كجزء من الشعب».

كان محامون سودانيون، انتقدوا قبل أشهر، تحركات هارون، وطالبوا النيابة بالقبض عليه، كهارب من السجن، إلا أن السلطات القضائية ألغت مذكرة توقيفه بعد أيام من صدورها.

وحسب الشاذلي عطا، فإن الإسلاميين قدموا خيرة كتائبهم وأعضائهم للانضمام لهذه الحرب، مضيفًا: «أنا كسوداني لا يقدر أي شخص أو قوة على تحجيم دوري، ولو كان الجيش نفسه».

وتقول "بي بي سي"، إن كثيرا من زملاء عطا انتقلوا إلى الخرطوم للقتال بجانب الجيش، مشيرة إلى أن 17 ألف شخص، هو عدد الدفعة الأولى من المتطوعين في ولاية كسلا، الذين أرسلوا إلى الخرطوم.

بداية يوليو الماضي، هجمت قوات الدعم السريع على مقر قوات شرطية تسمى الاحتياطي المركزي غربي العاصمة.

والتحق الشاذلي عطا، بوحدة عسكرية قرب منزله في مدينة أم درمان إلى الغرب من الخرطوم، بعد شهر من بداية القتال، قائلًا: بعد شهر من بداية الحرب، أطلق القائد العام للقوات المسلحة عبدالفتاح البرهان نداءً ناشد الشباب فيه الانضمام. ومنذ ذلك الوقت صرت أنا وزملائي جزءًا من الجيش، واشتركت بمعارك عدة في أم درمان.

وحسب الشبكة البريطانية، فإن هذه المجموعة تسلمت تسليحها منذ اليوم الأول للقتال في السودان، مشيرة إلى أنها وثقت مقاطع فيديو، تظهر استخدام الكتيبة طائرات مسيرة عادة ما تكون بحوزة الجيوش.

ويقر الشاذلي بوجود الإسلاميين في الجيش، كالشيوعيين ولجان المقاومة، مضيفًا: هذه حرب يحركنا فيها الضمير الوطني والغيرة على أعراضنا التي انتهكتها قوات الدعم السريع.

 

المليشيات الإخوانية داخل الجيش

«كتائب الظل»، ميليشيات «إخوانية» قاتلت إلى جانب الجيش في حروبه جنوبي السودان والنيل الأزرق وجنوبي كردفان، ولعبت أدوارًا أخرى في الاحتجاجات الشعبية عام 2018، وغيرها.

ويقول الكاتب الإسلامي السابق أشرف عبد العزيز، في تصريحات صحفية، إن «كتيبة البراء بن مالك» الوحيدة المتبقية للإسلاميين، التي بمقدورها القتال مع الجيش.

كان أمير كتيبة البراء بن مالك، المصباح أبو زيد طلحة، أصيب في المعارك التي دارت على أبواب سلاح المدرعات، وزاره بعد خروجه من الحصار مباشرة قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، في مدينة عطبرة.

وعن ذلك يقول الكاتب الإسلامي، إن أمير كتيبة البراء يزعم أن عددها يتجاوز 20 ألفاً من المجاهدين، مشيرًا إلى أن الحقيقة عكس ذلك، فقوام قواتها الفعلية لا تتجاوز 2000 مقاتل، وتعمل على استقطاب الشباب المستنفرين للقتال مع الجيش، لتضخيم عددها.

وأشار إلى أنه بمساندة كتيبة البراء، تمكن الجيش من تحقيق بعض الانتصارات، لأن تلك الكتيبة، تقاتل على أن الحرب عملية «انتحارية»، لا تملك خياراً غير الانتصار فيها.

إلا أنه في الآونة الأخيرة برزت خلافات بينهم وبين ضباط الجيش، كامتداد لخلافات قديمة بين أفراد الدفاع الشعبي وقيادات الجيش، حسب الكاتب الإسلامي، الذي قال إن قيادات الجيش بدأت تشعر بأن هناك تمييزاً بينهم وبين أفراد الجيش، وتتذمر من محاولاتهم فرض سيطرتهم على الجيش.

وحسب مراقبين، فإن أصل «كتيبة البراء بن مالك» قوات الدفاع الشعبي، مشيرين إلى أن معظم المنضوين تحت لوائها مقاتلون سابقون في الميليشيات الإخوانية، وقاتلوا إلى جانب الجيش جنوبي السودان ضد الحركة الشعبية لتحرير السودان.

إلا أنه بعد حل الدفاع الشعبي وإلغاء قانونه، اكتفت الكتيبة بالعمل الاجتماعي، وتركت العمل القتالي، واقتصر نشاطها على لقاءات أخوية، وزيارات لأسر الشهداء.

وإلى جانب «كتيبة البراء» تقف مجموعات من المقاتلين السابقين المتطرفين، بينهم جماعة الدبابين، التي ذاع صيتها إبان الحرب جنوبي السودان، وجماعة الطيارين، الذين كانوا يعملون شرقي السودان.