إبراهيم تراوري ينجو من انقلاب عسكري... ماذا يحدث في بوركينا فاسو؟

سبق إعلان محاولة الانقلاب، توقيف 3 عسكريين وجهت إليهم تهمة التآمر ضد أمن الدولة، ولحقها تراوي بتعيينات وإقالات في أجهزة استخباراته

إبراهيم تراوري ينجو من انقلاب عسكري... ماذا يحدث في بوركينا فاسو؟

السياق 

أفلت الرئيس البوركيني، ذائع الصيت، المعروف بمعاداته لفرنسا، من محاولة انقلاب، أتي بمثلها إلى الحكم قبل عام تقريبًا.

وأعلنت الحكومة الانتقالية في واغادوغو -مساء الأربعاء- أنّها أحبطت "محاولة انقلاب"، بعد عام تقريبًا من وصول الكابتن إبراهيم تراوري إلى السلطة.

وجاء في بيان عبر التلفزيون الوطني أنّ "أجهزة الاستخبارات والأمن البوركينية أحبطت محاولة انقلاب مؤكدة في 26 سبتمبر 2023".

وأضافت الحكومة، في بيانها "إلقاء القبض على ضبّاط وفاعلين مفترضين متورّطين في هذه المحاولة لزعزعة الاستقرار، وأن البحث جارٍ عن آخرين".

واتّهم البيان منظّمي محاولة الانقلاب بـ"تغذية الأهداف الشريرة المتمثّلة في مهاجمة مؤسسات الجمهورية ودفع البلاد إلى الفوضى".

 

دعم شعبي

ونزل آلاف إلى شوارع العاصمة واغادوغو مساء الثلاثاء، دعماً للكابتن تراوري و"دفاعاً" عنه، في ظلّ انتشار شائعات عن انقلاب في شبكات التواصل الاجتماعي.

وسبق إعلان محاولة الانقلاب، توقيف 3 عسكريين وجهت إليهم تهمة التآمر ضد أمن الدولة، ولحقها تراوي بتعيينات وإقالات في أجهزة استخباراته.

وأكّدت الحكومة -في بيانها- أنّها تريد "تسليط الضوء على هذه المؤامرة"، معربة عن "الأسف لأنّ ضبّاطاً أقسموا على الدفاع عن الوطن، تورطوا في مشروع من هذا النوع، يهدف إلى عرقلة مسيرة شعب بوركينا فاسو من أجل سيادته وتحريره من جحافل الإرهاب التي تحاول استعباده".

 

استياء عسكري

تولى تراوري السلطة في انقلاب هو الثاني خلال ثمانية أشهر في بوركينا فاسو التي تعاني هجمات دامية في جزء كبير من أراضيها منذ عشر سنوات تقريبًا.

وتزامن مع "محاولة الانقلاب" نشر مجلة فرنسية مقالين تحدثت فيهما عن "توتر واستياء داخل القوات المسلحة".

لكن قبل يومين حظرت السلطات "جون أفريك" بنسختيها المطبوعة والإلكترونية في البلاد، واتهمتها بالسعي إلى تشويه سمعة جيشها.

وقال المجلس العسكري في بوركينا فاسو: "إن حظر توزيع المجلة الفرنسية في البلاد جاء على خلفية نشرها مقالات وصفها المجلس بالكاذبة، من دون تقديم أي دليل على ذلك".

واتهم المجلة بالسعي لتشويه سمعة القوات المسلحة والتلاعب بالمعلومات "لنشر الفوضى".

المتحدث باسم الحكومة، وزير الاتصالات، ريمتالبا جان إيمانويل ويدراوغو، أكد أن الحكومة في واغادوغو علقت جميع وسائل توزيع مجلة جون أفريك في بوركينا فاسو حتى إشعار آخر.

 

توتر مع فرنسا

منذ استيلاء تراوري على السلطة، توترت العلاقات بين فرنسا وبوركينا فاسو إحدى مستعمراتها السابقة، حتى وصل الأمر لطرد دبلوماسيين منهم السفير الفرنسي، بينما حظر بث إذاعة فرنسا الدولية وقناة فرنسا 24.

وألغت بوركينا فاسو -في مارس- اتفاقًا عسكريًا مع فرنسا يعود إلى عام 1961، بعد بضعة أسابيع من مطالبتها وحصولها على انسحاب القوة الفرنسية "سابر" من أراضيها التي تشهد أعمال عنف.

كذلك، طلبت الحكومة مغادرة جميع الفرق العسكرية الفرنسية التي تعمل في إداراتها.

واستُدعي السفير الفرنسي في واغادوغو بعد انقلاب سبتمبر 2022 ولم يعين أحد مكانه.

 

أنشطة تخريبية

قبل أيام، قررت بوركينا فاسو طرد الملحق العسكري في سفارة فرنسا، بتهمة ممارسة "أنشطة تخريبية"، في مؤشر جديد لتدهور العلاقات بين البلدين.

وكتبت وزارة الخارجية في بوركينا في رسالة إلى باريس، بأن "حكومة بوركينا فاسو قررت (...) سحب الإذن من السيد إيمانويل باسكييه، ملحق الدفاع لدى سفارة فرنسا في بوركينا فاسو لقيامه بأنشطة تخريبية"، ومنحته مع فريقه "مهلة أسبوعين لمغادرة أراضي بوركينا".

ولم تتضمن الرسالة، أي تفسير يتصل بـ"الأنشطة التخريبية" التي اتُهم بها الملحق الفرنسي.

وأوردت الرسالة أيضًا أن حكومة بوركينا، قررت إغلاق مقر البعثة العسكرية التابعة لها في باريس.

وسرعان ما عدَّت فرنسا أن الاتهام الذي وجّهته بوركينا فاسو لملحقها العسكري "من نسج الخيال".

وقالت ناطقة باسم وزارة الخارجية الفرنسية لوكالة فرانس برس: "الاتهام بممارسة أنشطة تخريبية، بالطبع من نسج الخيال".

 

نحو روسيا وإيران

في مقابلة بثتها إذاعة وتلفزيون بوركينا، أكد الكابتن تراوري أن ليس لديه شيء ضد "الشعب الفرنسي" بل ضد قادته.

وقال: "لسنا أعداء للشعب الفرنسي، إنها سياسة مَن يحكمون فرنسا التي تطرح مشكلة في إفريقيا".

وأضاف تراوري: "ينبغي القبول بالتعامل من الند إلى الند وإعادة النظر في تعاوننا".

وكان قد شكك أيضًا في فاعلية وجود الجنود الفرنسيين في بوركينا فاسو في إطار مكافحة الأنشطة الإرهابية، ما دفعه إلى المطالبة برحيلهم في يناير.

ومذاك، تبحث بوركينا عن مساحات للتعاون مع دول أخرى، خصوصًا روسيا.

وبحث وفد روسي -نهاية أغسطس- مع تراوري في واغادوغو مسألتي التنمية والتعاون العسكري.

وكان تراوري زار في وليو مدينة سان بطرسبرغ، في إطار مشاركته بالقمة الروسية الإفريقية.

من جهتها، أعربت وزيرة خارجية بوركينا أوليفيا روامبا عن رغبة بلادها في "تعزيز التعاون الثنائي" مع إيران، خلال محادثات في طهران مع الرئيس إبراهيم رئيسي.

وتشهد بوركينا فاسو -منذ عام 2015- هجمات لمجموعات مرتبطة بتنظيمي "القاعدة" و"داعش" أسفرت عن آلاف الضحايا، وأدت إلى نزوح مليوني شخص على الأقل.

وتبنت بوركينا ومالي والنيجر -منذ الانقلاب الذي أطاح الرئيس المنتخب محمد بازوم في 26 يوليو- نهجًا معارضًا للسياسة الفرنسية في منطقة الساحل.