''القصف أفضل من المخيمات''... سوري يحفر ملجأ تحت الصخر ليحمي عائلته

لحماية عائلته من القصف والتهجير، حفر خليل عام 2017 ملجأ في الصخر تحت منزله، يأويه وزوجتيه وأولادهم السبعة، في كل مرة يسمعون دوي غارة أو قصفاً مدفعياً قريباً

''القصف أفضل من المخيمات''... سوري يحفر ملجأ تحت الصخر ليحمي عائلته

السياق

حفر أحمد خليل ملجأ في الصخر، تحت منزله عند خط تماس شمال غربي سوريا، ليحمي أطفاله من الغارات والقذائف التي تكثّفت، وحتى لا يضطر لخوض تجربة النزوح المُرّة في مخيمات مكتظة، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال خليل (53 عاماً)، لوكالة الصحافة الفرنسية: «الوضع في المخيمات صعب، ولا توجد أماكن، ففضلتُ أن أبقى هنا في هذا الملجأ... تحت القصف».

تبعد قرية كنصفرة أقل من كيلومترين عن خطوط التماس مع قوات النظام السوري في محافظة إدلب، التي تسيطر هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) على نحو نِصف مساحتها.

وكثيرًا ما تعرّضت القرية، مع كل تصعيد عسكري، لقصف جوي ومدفعي هدّم منازل كثيرة فيها وترك أهلها من دون ملجأ، حتى باتت أحياء عدة منها شبه خالية من السكان.

ولحماية عائلته من القصف والتهجير، حفر خليل عام 2017 ملجأ في الصخر تحت منزله، يأويه وزوجتيه وأولادهم السبعة، في كل مرة يسمعون دوي غارة أو قصفاً مدفعياً قريباً، أو حتى في كل مرة تحلق بها طائرات الاستطلاع في سماء المنطقة.

أضاء خليل ملجأه بلمبة واحدة، وخصّص زاوية فيه لوضع المونة، وفرش الأرض بحصائر بيضاء وزرقاء.

لم يغادر خليل قريته سوى مرّات قليلة، ظنّ خلالها أن حتى هذا الملجأ لم يعد يحميه، آخرها خلال العملية العسكرية البرية التي شنتها قوات النظام السوري، بدعم روسي عام 2019 وسيطرت خلالها على نِصف مساحة محافظة إدلب، حتى وصلت إلى أطراف كنصفرة.

لكنه سرعان ما عاد إلى منزله والملجأ الصخري مع انتهاء العملية. بعد فترة من الهدوء النسبي، عاد لاستخدام الملجأ، على وقع تصعيد للقصف مستمر منذ بضعة أسابيع، بين قوات النظام وروسيا من جهة، وهيئة تحرير الشام من جهة أخرى.

وقال: «الحالة يُرثى لها، حتى أننا لا نستطيع الخروج لشراء الخبز لأن طائرات الاستطلاع لا تغادر المنطقة».

وتأوي مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام في إدلب 3 ملايين شخص، نحو نِصفهم من النازحين الموزعين على مئات المخيمات المكتظة، خصوصاً قرب الحدود التركية شمالي إدلب، بينما وجد آخرون في أبنية مهجورة وكهوف، أو حتى بين الأبنية الأثرية وفي الحافلات الصدئة، ملجأ لهم.

وتفتقر المخيمات للحاجات الأساسية، ويعتمد سكانها على مساعدات غذائية وطبية ولوجستية، تقدّمها المنظمات الدولية، في ظل تفشي الأمراض والفقر المتزايد والمدقع، وارتفاع الأسعار بشكل كبير.

وأوضح خليل: «صحيح أن الملجأ أشبه بالقبر (...) لكن ماذا نفعل، يقولون لي إن عليّ الذهاب إلى الخيم، لكن وضعها أسوأ بألف مرة».

في الملجأ الذي سارع إليه قبل أيام، يجلس خليل على الأرض، بينما تنظم زوجته برطمانات المونة، ويلعب أولاده في الزاوية بألعاب أتوا بها من المنزل.

وأضاف خليل: «أولادي يحلمون باللعب في الشارع، أن يلعبوا كرة القدم أو يركبوا الدراجات الهوائية، لكنني أحبسهم في الملجأ».

وتابع: «الحياة صعبة هنا. ليس لدينا جيران ولا أناس حولنا، نجلس وحدنا. الكل فرّوا ونزحوا. أولادي يعيشون وحدهم، حتى أنه لا يوجد أطفال يلعبون معهم».