المساعدات المصرية لدرنة... هل تقطع القاهرة الطريق أمام تركيا؟

رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها القاهرة، فإنها منذ اللحظة الأولى لكارثة الفيضانات في ليبيا، أرسلت مساعدات غذائية ومستلزمات طبية وسيارات إسعاف وعشرات المروحيات والمنقذين والمسعفين

المساعدات المصرية لدرنة... هل تقطع القاهرة الطريق أمام تركيا؟

السياق

منذ الساعات الأولى لكارثة إعصار دانيال الذي ضرب ليبيا وأسفر عن قتل الآلاف، تحركت مصر عبر تقديم مساعدات ضخمة للمتأثرين، لتكشف نفوذ مصر التاريخي شرقي ليبيا، وتقطع الطريق أمام أي عاصمة أخرى -وعلى رأسها أنقرة- للاستثمار السياسي في هذه الأزمة الإنسانية.

ورغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها القاهرة، فإنها منذ اللحظة الأولى للكارثة، أرسلت مساعدات غذائية ومستلزمات طبية وسيارات إسعاف وعشرات المروحيات والمنقذين والمسعفين، فضلًا عن معدات ثقيلة لعمليات الإزالة والحفر في ما يتعلق بالبحث والتنقيب.

كما أن رئيس أركان الجيش المصري الفريق أسامة عسكر ذهب بنفسه وقدم تعازيه.

ويبعث التدخل المصري اللافت خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها القاهرة، رسائل سياسية مفادها أن شرق ليبيا منطقة نفوذ مصرية لن تسمح القاهرة بدخول منافسين إليها وخاصة تركيا التي حاولت منذ الساعات الأولى تصدر المشهد بإرسال مساعدات وفرق إنقاذ.

ويرى مراقبون أن التحرك السريع من قبل مصر وتقديم المساعدات الإنسانية، تعززان تواجدها على الساحة الليبية، خاصة المنطقة القريبة من حدودها.

أظهرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، ترحيب الليبيين بمعدات تحملها عربات الجيش المصري من حفارات وغيرها وفرق إنقاذ طبية وهندسية، إضافة إلى مستلزمات لوجستية ومساعدات إغاثية وإنسانية.

ودخلت قوات الجيش المصري إلى ليبيا عبر منفذ السلوم الحدودي، للمساعدة في عمليات البحث والإنقاذ بالمناطق المنكوبة شرقي البلاد.

واستقبل الليبيون في منطقة امساعد الجيش المصري بحفاوة بالغة مرددين هتاف: "تحيا مصر".

ووجَّه الرئيس المصري بتجهيز حاملة طائرات ميسترال للعمل كمستشفى ميداني، واستخدامها في عمليات البحث والإنقاذ الجارية في مدينة درنة.

وأشاد السيسي بجهود أجهزة الدولة المصرية والقوات المسلحة الدؤوبة، وسرعة التنسيق مع الأشقاء في ليبيا والمغرب، للوقوف بجانبهم في هذه المحنة الأليمة.

ودعا  -وفق ما نشرته الرئاسة المصرية عبر حسابها بمنصة إكس-  القوات المتجهة إلى ليبيا لبذل أقصى جهد لتخفيف آثار الكارثة الإنسانية.

في المقابل يرى محللون أن تركيا تسعى للوصول إلى المنطقة الشرقية و"كسر الجليد" مع البرلمان وقائد الجيش المشير خليفة حفتر، وهو ما تخشاه الإدارة السياسية في القاهرة.

وتسيطر أنقرة على قواعد عسكرية غربي ليبيا، وتنشر قوات لها بموجب اتفاقيات عسكرية، وقَّعتها مع حكومة الوفاق السابقة وحكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها.

حسب وسائل إعلام، فإن تركيا تريد اعتراف السلطات العسكرية والسياسية شرقي ليبيا، باتفاقية ترسيم الحدود البحرية، التي وقَّعتها في نوفمبر 2019.

 

وضع مأساوي

تعيش ليبيا أيامًا صعبة، بعدما ضربتها العاصفة دانيال، ما أدى إلى انفجار سدين أعلى مدينة درنة، لتتدفق المياه جارفة معها الأبنية وآلاف الأشخاص.

وتظهر مخاوف جديدة متعلقة بانتشار الأوبئة والأمراض، نتيجة انتشار الجثث في الشوارع وتلوث المياه.

وحسب وسائل إعلام ليبية، فإن وزير الصحة الليبي، عثمان عبدالجليل، توجه إلى السلطات الصحية المصرية بطلب الاستعانة بذوي الخبرة وﺍﻻختصاص، في مجال انتشار العدوى بوضع آلية للتعامل مع انتشار الأوبئة، ومعالجة الآثار الجانبية لتحلل الجثامين.

 

حالات تسمم

من جانب آخر أعلن المركز الوطني لمكافحة الأمراض، تسجيل 55 حالة تسمم بين الأطفال، جراء تلوث المياه في درنة.

وقال رئيس المركز حيدر السايح ، إنه يتوقع ارتفاع حالات التسمم، جراء تلوث المياه في درنة، بسبب تهالك النظام الصحي بالمدينة.

وطالب بضرورة إخلاء المناطق التي تضررت مبانيها وتلوثت فيها مياه الشرب من السكان، خاصة النساء والأطفال.

ورغم مرور أيام على الكارثة التي ضربت ليبيا، وفيها ابتلع البحر مناطق سكنية بأكملها، فإن هناك أملًا بالعثور على أحياء تحت الأنقاض، في المناطق المنكوبة.