مشاركة أم مقاطعة؟ مواقف متباينة للمعارضة المصرية بشأن انتخابات الرئاسة
بعد أيام من حكم بحبس رئيس مجلس أمناء التيار الحر هشام قاسم، إثر اتهامه في قضية سب وقذف، قرر التيار الليبرالي الحر، الذي يضم أربعة أحزاب وشخصيات عامة معارضة، مقاطعة الانتخابات الرئاسية المقبلة.

السياق
مشاركة أم مقاطعة؟، سؤال طرح نفسه على الساحة السياسية بشأن الانتخابات الرئاسية في مصر، بعد تسارع وتيرة الأحداث، من ترشيح أحد التيارات عسكريًا للرئاسة، مرروًا بحكم على أحد السياسيين دفع تياره لإعلان المقاطعة.
مواقف متباينة للمعارضة المصرية، جعلت جدارها هشًا أمام أي تطور قد يحدث، وأفقدها ثقة الشارع المصري، الذي لا يعرف كثيرًا عنها، وجعل إمكانية فوز أي مرشح قد تدفع به -حال قرارها المشاركة- ضئيلًا للغاية، إن لم يكن منعدمًا.
ماذا حدث؟
بعد أيام من حكم بحبس رئيس مجلس أمناء التيار الحر هشام قاسم، إثر اتهامه في قضية سب وقذف، قرر التيار الليبرالي الحر، الذي يضم أربعة أحزاب وشخصيات عامة معارضة، مقاطعة الانتخابات الرئاسية المقبلة، وتعليق مشاركاته السياسية مؤقتًا.
كانت المحكمة الاقتصادية في مصر قررت معاقبة هشام قاسم بالحبس ستة أشهر، وغرامة 20 ألف جنيه (نحو 520 دولارًا) في القضية المرفوعة ضده من القيادي العمالي بالحركة المدنية المعارضة كمال أبوعيطة، بتهمة السب والقذف.
ورغم أن الحكم الصادر جاء بعد التحقيق في بلاغ وزير القوى العاملة الأسبق في مصر أبوعيطة، فإن التيار الليبرالي الحر، عدَّه استهدافا لهشام قاسم، الذي اعتزم الترشح لانتخابات الرئاسة المقبلة.
وفي قراره لمقاطعة الانتخابات الرئاسية، قال التيار الحر (حديث العهد أنشئ قبل أربعة أشهر)، إن الأجواء السياسية لن تسمح بحرية ونزاهة وعدالة الانتخابات، مشيرًا إلى أن المقاطعة غير ملزمة لأعضائه.
جدل بين التيار والمتحدث باسمه
قرار التيار الحر جاء بعد أيام من جدل آخر أثاره المتحدث باسمه عماد جاد، الذي اقترح أن يكون الرئيس القادم عسكريًا، يأتي بعده رئيس مدني، ورشح الفريق محمود حجازي رئيس أركان الجيش السابق، صهر الرئيس المصري الحالي عبدالفتاح السيسي، ليخوض السباق الانتخابي المقبل.
وفي منشور عبر «فيسبوك» عن الانتخابات الرئاسية المقبلة، بعنوان «نداء من أجل الوطن»، قال جاد: «لا نريد مرشحين هواة من خارج دولاب الدولة، الأحزاب السياسية المصرية ضعيفة، منهكة أو مستوعبة، ولا أرى فيها مَن يصلح لشغل منصب رئيس الجمهورية».
وأضاف متحدث التيار الحر: «نريد مرحلة انتقالية يقودها أحد أبناء مؤسسات الدولة، نريد رئيسًا تتعاون معه مؤسسات الدولة وأجهزتها، لا نريد استمرار السياسات الحالية ولا تكرار تجربة رئيس من خارج المؤسسات في الوقت الحالي كما حدث عام 2012».
وحسب جاد، فإن «الرئيس القادم سيكون انتقاليًا يأتي بعده رئيس مدني بعد فتح المجال العام»، مشيرًا إلى أن «التغيير المأمول لن يحدث بين ليلة وضحاها بل يتطلب مرحلة انتقالية، فالتطور السياسي سيتحقق تدريجيًا وليس بقفزة في الهواء، الفريق محمود حجازي الرئيس الأمثل لمصر في المرحلة المقبلة».
وحسب التعديلات التي أقرها الرئيس السيسي عام 2020، على ضباط الجيش العاملين أو المتقاعدين عدم الترشح للرئاسة أو لعضوية البرلمان، إلا بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
جاد أشار إلى أن مجرد «بيان أكتبه بصفة شخصية»، دفع التيار الحر إلى التبرؤ من وجهة النظر الواردة فيه، ليقول -في بيان- السبت: «ينفي التيار أي علاقة له بما كتبه الأستاذ عماد جاد عن تفضيله لرئيس من خلفية عسكرية لمصر وترشيحه للفريق محمود حجازي كرئيس قادم لمصر، ويؤكد التيار أن ما كتبه جاد رأيه الشخصي كما أوضح هو شخصيًا في مطلع منشوره بفيسبوك».
موقف التيارات الأخرى
في بيان لحزب الدستور قبل أيام، نشرته رئيسته جميلة إسماعيل عبر منصة إكس، قال إن الهيئة العليا لحزب الدستور ستعقد اجتماعًا الأربعاء 20 سبتمبر الجاري، لإعلان موقف رئيسة الحزب من الترشح على مقعد رئاسة الجمهورية وإصدار خطاب للهيئة الوطنية للانتخابات، بشأن ضمانات نزاهة العملية الانتخابية، وحرية الانتخابات وسلامة القائمين على حملات المرشحين وأمانهم، خلال الانتخابات، حتى إعلان نتائجها.
وقالت جميلة إسماعيل رئيسة حزب الدستور، في البيان، إن الحزب ما زال يناقش جدوى القرار وضرورته السياسية مع دوائر واسعة ومتنوعة داخل الحزب وخارجه، حتى تكون المشاركة دفعة لتسييس المجتمع، أو تكون المقاطعة رفضاً لتحويل الديمقراطية لـ«عرس شكلاني».
وأوضحت رئيسة حزب الدستور، أن قرار المشاركة يتطلب بداية مناخ لا تستهدف فيه الأجهزة أو الحكومات هواتف المرشحين، واختراق خصوصايتهم وإلقاء القبض على أعضاء حملاتهم.
وأشارت إلى أن حرية الحركة وأمان وسلامة الدوائر الفاعلة والمحيطة بالمرشح، أثناء الانتخابات وبعد إعلان نتائجها، ومعايير مراقبة مدنية يفرضها الدستور، شروط جوهرية للقرار.
في السياق نفسه، أكدت الحركة المدنية أن الانتخابات المقبلة فرصة لتغيير سلمي وآمن، لرفع المعاناة عن ملايين المواطنين، مؤكدة أنها تتمسك -بشكل حاسم- بانتخابات تنافسية حقيقية بين عدد من المرشحين الجادين، وحيادية كاملة من مؤسسات الدولة، بلا إعلان عن مرشح بعينه، يمثلها في انتخابات تجرى قبل نهاية العام الجاري، أو بداية العام المقبل.
وشددت على سعيها الجاد للتوافق بين كل المرشحين المنتمين إلى أحزاب الحركة المدنية، أو إلى التيار الديمقراطي من خارج الحركة.
المواقف المتباينة للتيار الحر والمتحدث باسمه، أكدت الفكرة التي يقرها المجتمع المدني، بأنه لا توافق على مرشح معين للدفع به نحو انتخابات الرئاسة، رغم أن المعارضة لديها المرشح أحمد الطنطاوي، الذي ارتفعت أسهمه في الفترة الأخيرة، بعد عودته من لبنان.
موقف أحمد الطنطاوي
في مقطع بثه عبر «فيسبوك»، قال أحمد الطنطاوي، الذي أعلن نيته الترشح للرئاسة «إنه وحملته مستمرون في سباق الانتخابات للنهاية، حتى لو ترتب على ذلك تغييبه عن المشهد نهائيًا».
وزعم الطنطاوي، أن حملته تتعرض لتضييقات أمنية ومحاولات استهداف، رغم أن وزارة الداخلية المصرية نفت ذلك.
وادعى المرشح المحتمل لرئاسة مصر، أن هناك إعلاميين «محسوبين على النظام» يهاجمونه وحملته، وطالبهم باستضافته وتوجيه كل الأسئلة التي يريدونها له وسيرد عليها جميعًا، فليس لديه ما يخفيه، وأنه يحترم حق كل مصري في المعرفة.
وأشار إلى تعرضه لمحاولات تلفيق اتهامات لشخصه عبر الذكاء الاصطناعي، لكنهم حذفوها بسرعة، زاعمًا أنهم (لم يحدد هويتهم) تجسسوا عامين عليه، بحثًا عن زلة أو غلطة لاغتياله عن طريقها معنويًا.