لقطع الطريق أمام الصين.. أوروبا تبرم اتفاقيات جديدة مع إفريقيا

يهدف الاتحاد الأوروبي إلى تنويع مصادر توريد الموارد الرئيسة، ومواجهة استثمارات الصين الضخمة في مجال البنية التحتية بعدد من المناطق، بما في ذلك إفريقيا.

لقطع الطريق أمام الصين.. أوروبا تبرم اتفاقيات جديدة مع إفريقيا

ترجمات – السياق

كشفت شبكة بلومبرغ، أن الاتحاد الأوروبي يضع اللمسات الأخيرة، على عقود شراكة مع جمهورية الكونغو الديمقراطية وزامبيا لتعزيز الصناعات المحلية، حيث يتنافس التكتل الأوروبي مع الصين، لتأمين المعادن الأساسية للقطاعين الأخضر والرقمي.

ونقلت "بلومبرغ" عن مصادر مطلعة، قولها إن حكومات ومؤسسات من القطاع الخاص ستوقع مذكرة تفاهم مخطط لها، بدعم من الاتحاد الأوروبي، وتتضمن تطوير سلاسل القيمة المحلية، في ظل سيطرة الصين على عمليات معالجة المعادن الحيوية، بما في ذلك الليثيوم أو الكوبالت، التي على أراضيها.

حسب الشبكة، يهدف الاتحاد الأوروبي إلى تنويع مصادر توريد الموارد الرئيسة، ومواجهة استثمارات الصين الضخمة في مجال البنية التحتية بعدد من المناطق، بما في ذلك إفريقيا.

في هذا الإطار، وقَّع الاتحاد صفقات مماثلة مع كندا وكازاخستان وناميبيا وأوكرانيا والأرجنتين وتشيلي، كما يبحث عقد اتفاقات مع رواندا وأوغندا.

 

منتدى عالمي

وعن تفاصيل الاتفاق الجديد، أوضحت مصادر "بلومبرغ" -التي طلبت عدم كشف هوياتها لسرية المناقشات- أن الاتحاد الأوروبي يخطط لتوقيع الشراكات، خلال منتدى غلوبال غيتواي، وهو برنامج الاتحاد الأوروبي الاستثماري بـ 300 مليار يورو (317 مليار دولار)، المقرر انعقاده في بروكسل يومي 25 و26 أكتوبر.

ومن المقرر أن يجمع المنتدى مسؤولين كبارًا بالاتحاد الأوروبي ودول أخرى، ورجال أعمال أوروبيين.

جاءت المحادثات مع الكونغو في أعقاب زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمفوض الأوروبي تييري بريتون إلى كينشاسا في مارس الماضي، وفق أندريه واميسو، نائب رئيس مسؤولي الشؤون الاقتصادية للرئيس الكونغولي فيليكس شيسيكيدي.

وذكر واميسو، عبر رسالة نصية: "يرغب الاتحاد الأوروبي في شراكة بقطاع المعادن الأساسية الاستراتيجية، رحبت بها جمهورية الكونغو الديمقراطية".

وحسب الشبكة الأمريكية، رفض مسؤول زامبي التعليق.

وأشارت إلى أن هذه الاتفاقيات ستسهل الوصول إلى المعادن الحيوية، وستكون جزءًا من مساعي الاتحاد الأوروبي الموسعة لتطوير ممر لوبيتو الاستراتيجي عبر إفريقيا، وهو مشروع للسكك الحديدية، لربط أنغولا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وزامبيا، وشحن المواد الخام والمعادن عبر المحيط الأطلسي.

وتعد الكونغو أكبر منتج للكوبالت في العالم، وتتنافس مع بيرو كثاني أكبر منتج للنحاس، ويرجع الفضل في ذلك إلى تكثيف الاستثمارات الصينية خلال السنوات الأخيرة.

وتمتلك الكيانات الصينية، في الكونغو -التي تُعد مصدرًا لنحو 70% من الإنتاج العالمي من الكوبالت- حصصًا في 15 من أصل 19 منجمًا لإنتاج الكوبالت، منذ عام 2020.

كانت الولايات المتحدة باعت أحد أكبر مناجم النحاس والكوبالت في الكونغو إلى الصينيين عام 2020.

وحسب مراقبين، مثّل بيع شركة تعدين أمريكية عملاقة في الكونغو إلى تكتل صيني، بداية النهاية لأي وجود أمريكي كبير في مجال تعدين الكوبالت بالدولة الإفريقية.

أما زامبيا، فهي أيضًا مُنتِج رئيس للنحاس، وتسعى الحكومات الغربية إلى إقامة تحالفات مع البلدين، لتحدي هيمنة الصين في سلاسل توريد المعادن الحيوية.

 

صفقة بلينكن

وذكرت "بلومبرغ" أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، وقَّع -العام الماضي- مذكرة تفاهم مع الكونغو وزامبيا، لاستكشاف سُبل دعم خطتهما لتطوير سلاسل إمدادات السيارات الكهربائية.

وضمت شراكة أمن المعادن (إم إس بي)، 13 عضوًا من مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي، حيث تتطلع هذه البلدان إلى تأمين مزيد من المعادن النادرة لصناعاتها.

ومن خلال التعهد بالتعدين بشكل مختلف، تؤكد واشنطن أنها ستساعد في "تحويل الاقتصادات الإفريقية لفرص".

ويقول عاموس هوشستين، مبعوث الرئيس الأمريكي جو بايدن لجميع الأمور المتعلقة بأمن الطاقة: "إن تحول الطاقة النظيفة عالميًا فرصة كبيرة لإفريقيا".

ويرى المسؤولون الأمريكيون أن إفريقيا تساعد في حل مشكلتين، الأولى: النقص العالمي في المعادن، التي ستكون ضرورية إذا كان العالم يريد تحقيق أهدافه المناخية بالتحول نحو الطاقة النظيفة، حيث تعتقد وكالة الطاقة الدولية أنه بحلول عام 2040، سيحتاج صانعو تقنيات الطاقة النظيفة إلى الليثيوم أكثر من عام 2020، بـ40 ضعفًا، و25 ضعفًا من الغرافيت، ونحو 20 ضعفًا من النيكل والكوبالت.

ومن ثمّ قد يكون الطلب على العناصر الأرضية النادرة والمعادن الموجودة في الأجزاء الباطنية المستخدمة في كل شيء، من مغناطيسات توربينات الرياح إلى الطائرات المقاتلة، أعلى بـ7 أضعاف، نهاية العقد المقبل.

المشكلة الثانية، التي ستحلها إفريقيا -بالنسبة للغرب- تأثير الصين الضخم في سلاسل التوريد، حيث تكرر الأخيرة 68% من النيكل في العالم، و40% من النحاس، و59% من الليثيوم، و73% من الكوبالت، وفقًا لتقرير يوليو عن معهد بروكينغز، وهو مؤسسة فكرية أمريكية.

كان الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، قد أعلنا -على هامش قمة مجموعة الـ 20 في نيودلهي- التزامهما باستكشاف التعاون في استثمارات البنية التحتية للنقل، وترتيبات تسهيل التجارة، وتحقيق النمو الاقتصادي الشامل والمستدام واستثمار رأس المال في الدول الثلاث التي تضم ممر لوبيتو عبر إفريقيا.

وكخطوة أولى في هذا الاتجاه، من المقرر أن يدعم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الدراسات الأولية لبناء خط سكة حديد "زامبيا - لوبيتو" الجديد من شرقي أنغولا عبر شمالي زامبيا.

وقالت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، في نيودلهي: "ستستثمر شراكتنا أيضًا في سلاسل القيمة المحلية والطاقة النظيفة ومهارات القوى العاملة المحلية"، مشددة على أن "هذا النهج جديد تمامًا للاستثمار الكبير في البنية التحتية".