هل تحد أوروبا من النفوذ الصيني في إفريقيا؟

المفوضية الأوروبية حذرت الدول الأعضاء من أنها تخاطر بإضعاف تأثير استثماراتها، إذا استمرت في تجزئتها، والسعي إلى تحقيق مصالحها الوطنية على حساب استراتيجية الاتحاد الأوروبي الأكثر شمولاً، كما تضغط المفوضية أيضًا على الحكومات الوطنية، لدعم بعض المبادرات في إفريقيا بكل قوتها لضمان نجاحها.

هل تحد أوروبا من النفوذ الصيني في إفريقيا؟

ترجمات – السياق

يسعى الاتحاد الأوروبي، إلى تعزيز دوره اقتصاديًا، على مستوى العالم خاصة إفريقيا، للحد من نفوذ الصين في القارة السمراء، بحسب وكالة بلومبرغ الأمريكية.

لكن يبدو أن المساعي الأوروبية هذه، لم تكتمل، إذ نقلت "بلومبرغ"، عن مسئولين أوروبيين، قولهم: عدد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، يعارض توقيع استراتيجية للتكتل، لمجابهة نفوذ الصين في إفريقيا، قبل قمة رفيعة المستوى، تعقد هذا الشهر.

كان الاتحاد الأوروبي قدَّم خطة، يعتزم من خلالها مواجهة النفوذ الصيني في العالم، من خلال تمويل استثمار للدول النامية، تقدر قيمته بـ300 ألف مليون يورو، بحلول عام 2027.

جاءت هذه الخطوة، بعد ثماني سنوات من إطلاق الصين استراتيجيتها لتعزيز مكانتها في العالم، على أساس تمويل البنية التحتية الذي تقدر قيمته بـ1.1 تريليون يورو، وهو ما يعرف بـ "طريق الحرير الجديد".

 

أوروبا في خطر

وحسب "بلومبرغ"، فقد أصدرت المفوضية الأوروبية -الذراع التنفيذية للكتلة الأوروبية- مسودة وثيقة استراتيجية، تهدف إلى ضمان أن يزيد الاتحاد الأوروبي ثقله في الهيئات الدولية، خصوصًا إفريقيا، وتضمنت هذه الوثيقة، أن "القدرة التنافسية العالمية للاتحاد الأوروبي والاستقلالية الاستراتيجية، في خطر أمام نفوذ الصين المتصاعد، فضلاً عن قدرة الاتحاد الأوروبي على تعزيز قيمه".

وتتضمن استراتيجية الاتحاد الأوروبي، ليصبح المحرك الأول لوضع المعايير الدولية -أمام تصاعد نفوذ الصين- الاستفادة من اتفاقيات التجارة والتعاون مع البلدان الأخرى ذات التفكير المماثل، بما في ذلك الولايات المتحدة، من خلال مجلس التجارة والتكنولوجيا.

وأوضحت "بلومبرغ" أنه بدعم من الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الذي تتولى بلاده رئاسة الاتحاد الأوروبي، حتى يونيو المقبل، تحاول المفوضية الأوروبية إقناع الدول الأعضاء بتخصيص 20 مليار يورو (22.3 مليار دولار) من استثمار عام للتكتل والدول الأعضاء، لإفريقيا سنوياً.

وحسب الشبكة، تهدف المفوضية الأوروبية للتوصل إلى اتفاق، في الوقت المناسب، قبل الاجتماع مع القادة الأفارقة، ببروكسل في 17 فبراير الجاري.

وتعليقًا على ذلك، نقلت "بلومبرغ" عن مسؤولين أوروبيين -طلبوا عدم كشف هوياتهم- قولهم: ألمانيا أشارت إلى أن بعض المشاريع، التي يريدها الاتحاد الأوروبي، للقمة التاريخية، غير جاهزة.

بينما ذكرت حكومات أخرى، مثل المجر، والبرتغال، وفنلندا، أنها لا يمكنها تقديم التزامات خاصة، في تلك المرحلة، لأنها تعمل على ميزانياتها الوطنية للعام المقبل.

وأوضحت الشبكة، أنه بعد التوتر مع روسيا بسبب أوكرانيا، وانقسام أوروبا في السياسة الخارجية، يحاول ماكرون، على مدى سنوات، إقناع الدول الأعضاء الـ27 في الاتحاد، بتنسيق نشاطها في الخارج، للاستجابة إلى مشهد عالمي متغير، يتسم بتزايد نفوذ الصين.

 

تراجع التأثير

وحسب "بلومبرغ" فإن المفوضية الأوروبية حذرت الدول الأعضاء من أنها تخاطر بإضعاف تأثير استثماراتها، إذا استمرت في تجزئتها، والسعي إلى تحقيق مصالحها الوطنية على حساب استراتيجية الاتحاد الأوروبي الأكثر شمولاً، كما تضغط المفوضية أيضًا على الحكومات الوطنية، لدعم بعض المبادرات في إفريقيا بكل قوتها لضمان نجاحها.

وأشار المسؤولون الأوروبيون -الذين تحدثوا لـ "بلومبرغ"- إلى خلاف أيضاً بين الدول الأعضاء بشأن القائمة المقترحة للمشاريع ذات الأولوية، إذ أشارت إسبانيا إلى أن مبادرات شمال إفريقيا غير ممثلة بما يكفي، مقارنة بمشاريع جنوب الصحراء الكبرى.

وأمام هذه التحذيرات، نقلت "بلومبرغ" عن المتحدث باسم الرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي، قوله: إنهم يمضون الكثير من الوقت في التشاور مع الدول الأعضاء، لافتتاح هذه المقاربة الجديدة للشراكة مع إفريقيا.

ووفق متحدثة باسم المفوضية في بروكسل، كثفت المفوضية جهودها خلال الأسابيع الماضية، لوضع اللمسات الأخيرة على حزمة الاستثمارات.

وأشارت "بلومبرغ" إلى أن تشارلز ميشيل رئيس المجلس الأوروبي، عمل بالتعاون مع ماكرون، على كسب التأييد لهذه الخطة، ونقلت عن ميشيل قوله: حزمة الاستثمارات "ستساعد في ضمان تعاون الدول الإفريقية بشأن قضايا الهجرة، بما في ذلك مكافحة الوافدين غير القانونيين والمهربين".

 

شراكة جديدة

وأوضحت "بلومبرغ" أن القمة الأوروبية الإفريقية المحتملة، ينظر إليها كنقطة انطلاق "شراكة جديدة" بين الاتحاد الأوروبي وإفريقيا، رغم أن المسؤولين الأوروبيين قالوا للشبكة، إن نجاحها يعتمد على سخاء الكتلة التجارية.

وأشارت الشبكة، إلى أن علاقة الاتحاد الأوروبي بالدول الإفريقية توترت، بسبب تعامل الكتلة مع جائحة كورونا، إذ احتجت بعض الحكومات الإفريقية على قرار الاتحاد الأوروبي، بفرض قيود على السفر إلى الدول الواقعة جنوبي إفريقيا، بعد اكتشاف متحور أوميكرون شديد العدوى.

ووفقاً لما قاله مسؤولون أوروبيون لـ "بلومبرغ"، فقد شعرت هذه الحكومات بالإهانة، عندما أعلنت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين، هذا القرار من دون تحذير هذه الدول، كما وقع خلاف بين الاتحاد الأوروبي وإفريقيا، بشأن إعفاءات براءات الاختراع الخاصة بإنتاج لقاحات كورونا.