ضربة جديدة لإخوان تركيا... ما أسباب إيقاف الناشطة غادة نجيب؟

أوقفت السلطات الأمنية التركية زوجة الفنان المصري، هشام عبدالله، لأسباب قال عنها إنها سياسية، وفق زعم زوجها الإخواني، الملاحق هو الآخر بتهم الإرهاب من السلطات المصرية.

ضربة جديدة لإخوان تركيا... ما أسباب إيقاف الناشطة غادة نجيب؟

السياق

على وقع عودة جريان المياه في نهر العلاقات الدبلوماسية المصرية التركية، ووصولها لمحطة تبادل السفراء، اجتهدت أنقرة في إيصال رسائل إلى مصر، بشأن ملف تنظيم الإخوان، الذي تصنفه القاهرة إرهابيًا.

ملف كان عقبة كبيرة في عودة العلاقات المصرية التركية إلى طبيعتها، إلا أن أنقرة -منذ أشهر- تضيق على أعضاء وقادة التنظيم الإرهابي، الموجودين على أراضيها، بالقبض على بعضهم تارة، وبمنع تجديد الإقامات والترحيل تارة أخرى.

إجراءات تركية، جعلت البلد الذي كان ملاذًا آمنًا لقادة وأعضاء تنظيم الإخوان، المصنف إرهابيًا في مصر، أكثر المناطق خطورة عليه، وعلى قادته، وفكره الإرهابي، خاصة أن القاهرة وضعت شروطًا، لعودة العلاقات، منها إغلاق المنابر الإخوانية، وعدم استخدام الأراضي التركية كمقر للهجوم عليها وعلى قياداتها.

 

ما الجديد؟

أوقفت السلطات الأمنية التركية –الثلاثاء- زوجة الفنان المصري، هشام عبدالله، لأسباب قال عنها إنها «سياسية»، وفق زعم زوجها الإخواني، الملاحق هو الآخر بتهم الإرهاب من السلطات المصرية.

وقال هشام عبدالله، في منصة إكس، (تويتر سابقًا)، إن «المخابرات التركية اعتقلت زوجتي، غادة نجيب، من المنزل لأسباب سياسية»، مضيفًا: «بعيدًا عن التفاصيل وطريقة القبض عليها أمام أطفالها بشكل مهين، ليس فيه رحمة ولا مروءة، لا أفهم كيف يحدث هذا... من اعتقال سيدة في دولة مؤسسات، يحكمها القانون وتكفل حرية الرأي للجميع، وتحترم المرأة بشكل عام».

وحاول الإخواني المصري، مناشدة قادة التنظيم الذي ينتمي إليه، ضرورة التدخل والضغط على السلطات التركية، لإطلاق سراح زوجته، قائلًا: «أرجو ممن يهمه الأمر أن يصحح الوضع بما يتماشى مع مبدأ الأنصار والمهاجرين»، في رسالة مغازلة باسم الدين، كتلك التي اعتاد تنظيم الإخوان الإرهابي استخدامها في الشدائد، لحث أنصاره على الانصياع لأوامره.

 

لماذا اعتقلت السلطات التركية زوجة هشام عبدالله؟

في إطار التقارب مع مصر، أصدرت السلطات التركية في يونيو 2021، تحذيرات لزوجة هشام عبدالله، تدعوها للتوقف عن الكتابة والتدوين على شبكات التواصل الاجتماعي، إلا أن الأخيرة رفضت، وأصرت على تغريداتها التي تستهدف السلطات المصرية.

وقالت غادة نجيب في «فيسبوك» -آنذاك- إن السلطات التركية أبلغت زوجها رسميًا بأنها ممنوعة من التدوين على مواقع التواصل الاجتماعي.

ورغم ذلك، فإن غادة نجيب كثفت انتقاداتها للدولة المصرية، خاصة في الفترة الأخيرة، مع استعداد البلد الإفريقي، لإجراء الانتخابات الرئاسية المرتقبة.

غادة نجيب، سورية الأصل لكنها وُلدت في العاصمة القاهرة. أسقطت عنها السلطات المصرية الجنسية، لإقامتها خارج البلاد، إلا أنه صدر حكم بإدانتها في إحدى التهم المتعلقة بالأمن.

كان النائب العام المصري، الأسبق نبيل صادق، أصدر عام 2016 قراراً بوضع هشام عبد الله وزوجته غادة نجيب على قوائم ترقب الوصول إلى الأراضي المصرية.

بينما قضت الدائرة 14 إرهاب بمحكمة جنايات الجيزة، بمعاقبة هشام عبدالله وزوجته غادة نجيب، بالسجن 5 سنوات في القضية رقم 1102 لسنة 2017 حصر أمن الدولة العليا طوارئ.

وقبل أن تفرج عنه، إثر تدخل قيادات الإخوان، ألقت السلطات التركية عام 2018، القبض على هشام عبد الله في مدينة اسطنبول عام 2018، لإدراج اسمه على قوائم الإنتربول كإرهابي.

 

لماذا الآن؟

ما أن عادت المياه إلى نهر العلاقات الدبلوماسية بين القاهرة وأنقرة، تمارس الأخيرة، التضييق على تنظيم الإخوان، في محاولة لإرضاء مصر، في الملف الذي كان أحد أسباب الخلافات بين البلدين.

أعلنت مصر وتركيا -يوليو الماضي- تطبيع العلاقات، بإعادة تبادل السفراء، في خطوة أنهت عشرة أعوام من القطيعة الدبلوماسية بين البلدين.

وفي أعقاب عودة التمثيل الدبلوماسي إلى مستوى السفراء، بدأت تركيا تفرض قيودًا جديدة على أنشطة تنظيم الإخوان الإرهابي، إضافة إلى حملة مداهمات استهدفت التنظيم، ما أدى إلى احتجاز من لا يحمل هوية ولا إقامة ولا جنسية.

ليس ذلك فحسب، بل إن السلطات التركية طلبت من بعضهم مغادرة أراضيها، وعلقت إصدار تأشيرات أو إقامات لبعضهم، كان آخرهم الإخواني وجدي غنيم، الذي خرج في مقاطع صوتية يرثي فيها حاله، ويعاتب الإخوان الذين التقوا الرئيس التركي، لأنهم لم يقفوا معه في محنته.

وبث القيادي الإخواني والملاحَق من مصر لارتكابه جرائم إرهابية عدة، وجدي غنيم، مقطع فيديو عبر «يوتيوب»، تباكى فيه، وذرف الدموع، لعدم دعوته للقاء الذي جمع قادة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وشن غنيم في المقطع، هجومًا على الإخوان الذين حضروا اللقاء، مستخدمًا فيه كلمات دينية، من باب الإخوة، ونصرة المسلمين، لتبرير انتقاداته لأولئك الذين حضروا هذا اللقاء من دون دعوته.

كان الرئيس التركي التقى في 8 أغسطس الماضي، وفدًا من اتحاد علماء المسلمين، ضم أكثر من 20 شخصًا، لمناقشة أوضاع المسلمين، حسب بيانات القادة الإخوانيين الذين حضروا اللقاء.

وحسب غنيم، فإن أولئك الذين حضروا هذا اللقاء، يعلمون أنه يقيم في تركيا منذ 9 سنوات، من دون إقامة ولا جنسية، إلا أنهم لم يثيروا تلك القضية خلال اجتماعهم بالرئيس التركي، ما جعله عرضة للقبض عليه أو الترحيل من أنقرة.

ومع استمرار السلطات التركية في تضييق الخناق على قادة تنظيم الإخوان الإرهابي المقيمين على أراضيها، بدأ هؤلاء يعزفون لحن البكاء، أملًا بأن يقودهم إلى تخفيف القبضة المفروضة عليهم من السلطات، أو إزاحة أي فكرة لتسليمهم إلى مصر، بعد التقارب الأخير بين أنقرة والقاهرة.

 

هل يغادر الإخوان تركيا؟

كان الباحث المتخصص في شؤون الحركات الإرهابية منير أديب، قال في تصريحات لـ«السياق»، إن جماعة الإخوان بدأت البحث عن وطن بديل، عبر نقل معظم استثماراتها إلى صوماليا لاند، وألمانيا وهولندا ماليزيا، حتى تكون على استعداد لأي موقف قد تتخذه الحكومة التركية.

في السياق نفسه، قال الباحث في شؤون حركات الإسلام السياسي محمود علي، في تصريحات لـ«السياق»، إن تنظيم الإخوان أصبح عبئًا ولم تعد له فائدة، مشيرًا إلى أن هناك دولًا بدأت تتحرر من دعمه سياسيًا، لأنه لم يحقق أي نجاح، سواء في ملفاته الداخلية أم الخارجية.

وأوضح الباحث في شؤون حركات الإسلام السياسي، أن تنظيم الإخوان فشل في أن يكون ورقة ضغط فاعلة في ملفات إقليمية، مؤكدًا أنه حتى التغيرات السياسية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط والمصالحات والتقلبات في العلاقات بين الدول، لم يعد للتنظيم فيها ثقل.

وأشار إلى أن نحو 70% من تنظيم الإخوان أصبح معه الجنسية التركية، الأمر الذي جعل بدائله في الحركة سهلة جدًا، خاصة إلى أوروبا وإفريقيا، لذا لم تعد معضلة التحرك، أزمة لهؤلاء، الذين أتيحت لهم بدائل عدة.