وثائق مسربة تكشف دور أمريكا في إقالة عمران خان بباكستان

كشفت وثائق مسربة، أن الولايات المتحدة ساعدت جيش باكستان في الحصول على خطة إنقاذ من صندوق النقد الدولي، مقابل صفقة أسلحة سرية لأوكرانيا، مكنته من تأجيل الانتخابات، وسجن رئيس الوزراء السابق عمران خان.

وثائق مسربة تكشف دور أمريكا في إقالة عمران خان بباكستان

ترجمات – السياق

كشفت وثائق مسربة، أن الولايات المتحدة ساعدت جيش باكستان في الحصول على خطة إنقاذ من صندوق النقد الدولي، مقابل صفقة أسلحة سرية لأوكرانيا، مكنته من تأجيل الانتخابات، وسجن رئيس الوزراء السابق عمران خان.

وحسب موقع ذا إنترسبت الأمريكي، فقد ساعدت مبيعات الأسلحة الباكستانية السرية للولايات المتحدة، في تسهيل خطة إنقاذ مثيرة للجدل من صندوق النقد الدولي، وفقًا لمصدرين مطلعين على الأمر، مع تأكيد من وثائق حكومية باكستانية وأمريكية داخلية.

وأشارت المصادر إلى أن مبيعات الأسلحة كانت لإمداد الجيش الأوكراني بالعتاد اللازم، ما يشير إلى تورط باكستان في صراع واجهت فيه ضغوطًا أمريكية للانحياز إلى أحد الجانبين.

وذكرت أن وزارة الخارجية الأمريكية، حثت الحكومة الباكستانية -في اجتماع عُقد 7 مارس 2022 بين مسؤولين في الخارجية الأمريكية والسفير الباكستاني لدى الولايات المتحدة- على عزل عمران خان من منصب رئيس الوزراء، بسبب حياده بشأن الغزو الروسي لأوكرانيا، وفقًا لوثيقة حكومية باكستانية سرية، حصل عليها موقع ذا إنترسبت الأمريكي، ضمن سجلات الوثائق السرية الباكستانية، تُعرف بـ "الشفرة السرية".

وحسب الوثيقة، هددت واشنطن بعزل إسلام آباد إذا استمر خان في منصبه، وعرضت في المقابل "الصفح عن كل شيء وتعزيز العلاقات" حال التخلص من خان وحجب الثقة عن حكومته، وهو ما كان بعد شهر فقط من اجتماع المسؤولين الأمريكيين مع سفير باكستان في واشنطن.

 

مناورات بالكواليس

يُشكل هذا الكشف نافذة على ذلك النوع من المناورات في الكواليس، بين النخب المالية والسياسية، التي نادرًا ما تُكشف لعامة الناس، رغم أنهم يدفعون الثمن نهاية المطاف، وفق "ذا إنترسبت".

فقد أدت الإصلاحات الهيكلية القاسية التي طالب بها صندوق النقد الدولي، في ظل شروط خطة الإنقاذ الأخيرة إلى إطلاق جولة مستمرة من الاحتجاجات.

ووقعت ضربات كبيرة في باكستان -خلال الأسابيع الأخيرة- ردًا على هذه الإجراءات.

تعد الاحتجاجات الفصل الأخير في أزمة سياسية مستمرة منذ أكثر من عام تعصف بالبلاد.

ففي أبريل 2022، ساعد الجيش الباكستاني -بتشجيع الولايات المتحدة- في تنظيم تصويت بحجب الثقة لإقالة رئيس الوزراء عمران خان.

وقبل إطاحة خان، أعرب دبلوماسيون في وزارة الخارجية الأمريكية سرًا عن غضبهم لنظرائهم الباكستانيين، مما وصفوه بموقف باكستان "المحايد بشدة" بشأن الحرب الأوكرانية في عهد خان.

وحذروا من عواقب وخيمة، إذا بقي خان في السلطة ووعدوا "بالصفح عن كل شيء" إذا أقيل، وفق المصادر.

وتكشف البرقية، التي تُعرف داخليًا بـ "الشفرة"، الوسائل التي استخدمتها وزارة الخارجية في حملتها ضد خان، حيث وعدت بعلاقات أكثر دفئًا إذا أزيح خان، ووعدت -في المقابل- بفرض العزلة على باكستان إذا ظل خان.

الوثيقة، التي بعنوان "سري"، تتضمن سردًا للاجتماع بين مسؤولي وزارة الخارجية الأمريكية، الذين كان بينهم مساعد وزير الخارجية لمكتب شؤون جنوب ووسط آسيا دونالد لو، مع أسعد مجيد خان، الذي كان في ذلك الوقت سفير باكستان في واشنطن.

ومنذ إطاحة خان، برزت باكستان كداعم مفيد للولايات المتحدة وحلفائها في الحرب، وهي المساعدة التي قوبلت بقرض من صندوق النقد الدولي.

وحسب الموقع الأمريكي، سمح القرض الطارئ للحكومة الباكستانية الجديدة، بالحد من كارثة اقتصادية تلوح في الأفق وإرجاء الانتخابات إلى أجل غير مسمى.

ونقل عن عارف رفيق، الباحث غير المقيم في معهد الشرق الأوسط، المتخصص في شؤون باكستان، قوله: "قد تكون الديمقراطية الباكستانية -نهاية المطاف- ضحية للهجوم المضاد الذي شنته أوكرانيا".

 

الدعم بالذخائر

تُعرف باكستان بأنها مركز إنتاج لأنواع الذخائر الأساسية اللازمة للحرب الطاحنة في أوكرانيا.

وبينما تعاني أوكرانيا النقص المزمن في الذخائر والمعدات، ظهرت قذائف باكستانية الصُنع وغيرها ضمن المعدات العسكرية الأوكرانية في تقارير إخبارية مفتوحة المصدر بشأن الصراع، رغم عدم اعتراف الولايات المتحدة ولا الباكستانيين بهذا الترتيب.

كان هناك تسريب للسجلات التي توضح تفاصيل معاملات الأسلحة إلى "ذا إنترسبت" من مصدر داخل الجيش الباكستاني.

وتحدد الوثائق، مبيعات الذخائر المتفق عليها بين الولايات المتحدة وباكستان من صيف 2022 إلى ربيع 2023.

وجرى توثيق بعض الوثائق من خلال مطابقة توقيع عميد أمريكي بتوقيعه على سجلات الرهن العقاري المتاحة للجمهور في الولايات المتحدة، وبمطابقة الوثائق الباكستانية بالوثائق الأمريكية المقابلة.

ووفقًا للوثائق، كان التوسط في صفقات الأسلحة، من شركة "غلوبال ميليتاري بروداكتس"، وهي تابعة لشركة "غلوبال أوردنانس" المثيرة للجدل.

وتشمل الوثائق التي تحدد مسار الأموال والمحادثات مع المسؤولين الأمريكيين، العقود الأمريكية والباكستانية، والتراخيص، ووثائق الطلبات المتعلقة بالصفقات التي توسطت فيها الولايات المتحدة لشراء أسلحة عسكرية باكستانية لأوكرانيا.

وحسب الموقع الأمريكي، لعب رأس المال الاقتصادي والنيات السياسية الحسنة من مبيعات الأسلحة دورًا رئيسًا في تأمين خطة الإنقاذ من صندوق النقد الدولي، حيث وافقت وزارة الخارجية الأمريكية على منح الصندوق، الضوء الأخضر، مقابل صفقة الأسلحة غير المعلنة، وفقًا لمصادر مطلعة على الترتيب، وأكدتها وثيقة ذات صلة.

وللفوز بالقرض، أخبر صندوق النقد الدولي باكستان بأن عليها تلبية أهداف معينة، أبرزها إعادة التمويل في ما يتعلق بديونها واستثماراتها الأجنبية، وهي الأهداف التي كانت البلاد تكافح لتحقيقها.

وجاءت مبيعات الأسلحة لإنقاذها، حيث قطعت الأموال التي حصلوا عليها من بيع الذخائر لأوكرانيا شوطًا طويلاً لتغطية الفجوة.

وأدى تأمين القرض –أيضًا- إلى تخفيف الضغط الاقتصادي، وتمكين الحكومة العسكرية من تأخير الانتخابات -وهو حساب محتمل في أعقاب إقالة خان- وتعميق الحملة ضد أنصاره والمعارضين الآخرين.

 

قنابل لعمليات الإنقاذ

في 23 مايو 2023 -وفقًا لتحقيق موقع ذا إنترسبت- التقى السفير الباكستاني لدى الولايات المتحدة مسعود خان، مساعد وزير الخارجية الأمريكي دونالد لو في مقر وزارة الخارجية بواشنطن العاصمة، لبحث كيف يمكن لمبيعات الأسلحة الباكستانية إلى أوكرانيا أن تدعم وضعها المالي في نظر صندوق النقد الدولي.

كان الهدف من الاجتماع، مناقشة تفاصيل الترتيب قبل الاجتماع المقبل في إسلام أباد، بين السفير الأمريكي لدى باكستان دونالد بلوم ووزير المالية آنذاك إسحاق دار.

وأخبر لو، مسعود خان في اجتماع 23 مايو بأن الولايات المتحدة وافقت على دفع ثمن إنتاج الذخائر الباكستانية وستخبر صندوق النقد الدولي بشكل سري عن البرنامج.

واعترف "لو" بأن الباكستانيين يعتقدون أن مساهمات الأسلحة بـ 900 مليون دولار، ما يساعد في سد الفجوة المتبقية بالتمويل الذي يطلبه صندوق النقد الدولي، والمقدر بنحو ملياري دولار.

وقال لـ"خان": إن الرقم الدقيق الذي ستنقله الولايات المتحدة إلى صندوق النقد الدولي لا يزال التفاوض بشأنه.

وفي اجتماع الجمعة، طرح إسحاق دار سؤال صندوق النقد الدولي مع بلوم، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة باكستان اليوم، قال إن "الاجتماع سلط الضوء على أهمية معالجة اتفاق صندوق النقد الدولي المتعثر وإيجاد حلول فعالة للتحديات الاقتصادية التي تواجهها باكستان".

ورفض متحدث باسم السفارة الباكستانية في واشنطن التعليق، وأحال الأسئلة إلى وزارة الخارجية.

ونفى متحدث باسم وزارة الخارجية أن تكون الولايات المتحدة قد لعبت أي دور في الحصول على القرض، وقال إن "المفاوضات بشأن مراجعة صندوق النقد الدولي، كانت محل نقاش بين باكستان ومسؤولي صندوق النقد الدولي، ولم تكن الولايات المتحدة طرفًا في تلك المناقشات، رغم أننا نواصل تشجيع باكستان على المشاركة بشكل بناء مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامجها الإصلاحي".

كما نفى متحدث باسم صندوق النقد الدولي تعرض المؤسسة لضغوط، لكنه لم يعلق على أخذها على محمل الثقة بشأن برنامج الأسلحة.

وقالت المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي راندا النجار: "ننفي بشكل قاطع الادعاء بأي ضغوط خارجية على صندوق النقد الدولي -بطريقة أو بأخرى- أثناء مناقشة الدعم لباكستان".

بينما رفضت "غلوبال أوردنانس" -الشركة المشاركة في صفقة الأسلحة- التعليق على الأمر.

وحسب الموقع الأمريكي، يتناقض نفي وزارة الخارجية مع تصريح سابق للسيناتور الديمقراطي عن ولاية ماريلاند كريس فان هولين، وهو صوت بارز بواشنطن في الشؤون الخارجية.

فقد قال فان هولين لمجموعة من الصحفيين الباكستانيين: "لقد لعبت الولايات المتحدة دورًا فعالًا للغاية، في التأكد من أن صندوق النقد الدولي قدم مساعداته الاقتصادية الطارئة".

يذكر أن فان هولين، الذي كان والداه يعملان في باكستان موظفين في وزارة الخارجية، ولد في كراتشي ومن المعروف أنه أقرب مراقب لباكستان في الكونغرس.

وفي مقابلة مع موقع ذا إنترسبت، بمبنى الكابيتول، قال فان هولين إن معرفته بدور الولايات المتحدة في تسهيل قرض صندوق النقد الدولي جاءت مباشرة من إدارة بايدن.

وأضاف: "ما أفهمه، استنادًا إلى المحادثات التي أجريت مع أشخاص في الإدارة، أننا دعمنا حزمة قروض صندوق النقد الدولي نظرًا للوضع الاقتصادي اليائس في باكستان".

وردًا على سؤال من السيناتور الديمقراطي، كريس فان هولين، عن قرار باكستان بالامتناع عن التصويت بإدانة روسيا في الأمم المتحدة، قال لو: "لقد زار رئيس الوزراء عمران خان موسكو حديثًا، ونحن نتحرى النظر في كيفية التعامل معه بعد هذا القرار".

وبدا فان هولين غاضبًا لأن وزارة الخارجية الأمريكية لم تتواصل مع خان بشأن هذه القضية.

كان عمران خان قد خطب في اليوم السابق للاجتماع أمام حشد من أنصاره، مهاجمًا الولايات المتحدة ومحاولة فرض موقف على باكستان، في ما يتعلق بسياستها الخارجية، قائلًا: "هل نحن طوع أوامرهم؟ ما ظنكم بنا؟ أنحن عبيدكم، تأمروننا فتُطاعون؟ نحن أصدقاء لروسيا، وأصدقاء للولايات المتحدة، نحن أصدقاء للصين وأصدقاء أوروبا، نحن لسنا تابعين لأي تحالف معين".

 

صفقة منتصف الليل

وجاءت المناقشة الدبلوماسية للقرض قبل شهر من الموعد النهائي في 30 يونيو لمراجعة صندوق النقد الدولي لدفعة مخططة بمليار دولار، وهي جزء من اتفاقية بـ 6 مليارات دولار توصلوا إليها عام 2019.

تعني المراجعة الفاشلة عدم ضخ الأموال النقدية، لكن في الأشهر المقبلة وقبل أسابيع من الموعد النهائي، نفى المسؤولون الباكستانيون أنهم واجهوا تحديات خطيرة في تمويل القرض الجديد.

أوائل عام 2023، قال وزير المالية إسحاق دار، إن ضمان التمويل الخارجي -بمعنى آخر، الالتزامات المالية من أماكن مثل الصين أو دول الخليج أو الولايات المتحدة- لم تكن شرطًا يصر صندوق النقد الدولي على تلبية باكستان له.

ولكن في مارس 2023، ناقض ممثل صندوق النقد الدولي المسؤول عن التعامل مع باكستان تقييم دار الوردي.

وقالت إستير بيريز رويز من صندوق النقد الدولي، في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى وكالة "رويترز" للأنباء: إن جميع المقترضين بحاجة إلى أن يكونوا قادرين على إثبات قدرتهم على تمويل السداد، و"باكستان ليست استثناءً".

وأدى بيان صندوق النقد الدولي إلى دفع المسؤولين الباكستانيين إلى البحث عن حل.

وتحدد التمويل المطلوب، وفقًا للتقارير العامة وأكدته مصادر مطلعة على هذا الترتيب بـ 6 مليارات دولار.

ولتحقيق هذا الهدف، زعمت الحكومة الباكستانية أنها حصلت على التزامات بـ 4 مليارات دولار تقريبًا من دول الخليج.

ومن شأن صفقة الأسلحة السرية لأوكرانيا أن تسمح لباكستان بإضافة ما يقرب من مليار دولار أخرى إلى ميزانيتها العمومية -إذا سمحت الولايات المتحدة لصندوق النقد الدولي بالدخول سرًا- وفق الموقع الأمريكي.

في 29 يونيو، أي قبل يوم واحد من الموعد المقرر لانتهاء البرنامج الأصلي، أصدر صندوق النقد الدولي إعلانًا مفاجئًا مفاده أنه بدلاً من تمديد السلسلة السابقة من القروض وإطلاق الدفعة التالية البالغة 1.1 مليار دولار، سيدخل البنك في ما تُسمى اتفاقية الترتيب الاحتياطي، مع قيود أقل، وشروط أكثر ملاءمة، بـ 3 مليارات دولار.

وتضمن الاتفاق السماح بتعويم العملة بحرية وسحب دعم الطاقة.

وأوضح الموقع الأمريكي، الانتهاء من الاتفاق في يوليو بعد أن وافق البرلمان على الشروط، بما في ذلك زيادة بنسبة 50 بالمائة تقريبًا في تكلفة الطاقة.

وقال عزير يونس، مدير المبادرة الباكستانية في مركز جنوب آسيا التابع للمجلس الأطلسي، إن صفقة صندوق النقد الدولي كانت حاسمة لبقاء باكستان اقتصاديًا على المدى القصير، مضيفًا: "لو لم يحدث ذلك، لانهار اقتصاد البلاد".

وظلت كيفية تغلب باكستان على عوائق التمويل لغزًا حتى بالنسبة لأولئك الذين يتابعون الوضع مهنيًا.

وأشار رفيق إلى أن صندوق النقد الدولي يصدر محاسبة عامة عن مراجعاته، ذلك إذا كان التمويل يتعلق بمشاريع عسكرية سرية يُمثل تحديًا غير عادي.

وقال: "باكستان بلد غريب للغاية، من نواحٍ عدة، لكنني لا أعرف كيف يمكن لبرنامج عسكري سري أن يدخل في حساباتهم، لأن كل شيء من المفترض أن يكون مفتوحًا ومعلومًا للجميع".

 

عمران خان

بداية حرب أوكرانيا، كانت باكستان في وضع جيوسياسي واقتصادي مختلف.

وعندما بدأ الصراع، كان خان، رئيس الوزراء ذلك الوقت، في طريقه إلى موسكو لحضور اجتماع ثنائي مخطط له منذ فترة طويلة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلا أن الزيارة أثارت غضب المسؤولين الأمريكيين.

وكما ذكر موقع ذا إنترسبت، قال "لو"، المسؤول الكبير في وزارة الخارجية الأمريكية، في اجتماع مع السفير الباكستاني آنذاك أسد مجيد خان بعد أسبوعين من الغزو، إن الولايات المتحدة تعتقد أن باكستان اتخذت موقفًا محايدًا بناءً على توجيهات خان فقط.

وأضاف: "سيكون هناك صفح عن كل شيء" إذا أزيح خان في تصويت حجب الثقة.

وتشير الوثيقة المسربة إلى أن لو تحدث في الاجتماع بعبارات صريحة عن استياء واشنطن من موقف باكستان في الصراع بين روسيا وأوكرانيا.

وتطرق "لو" صراحةً إلى التصويت بسحب الثقة عن حكومة عمران خان، قائلًا: "أرى أنه إذا نجح التصويت بحجب الثقة عن رئيس الوزراء، ستغفر واشنطن كل ما حدث، لأنها ترى أن زيارة روسيا مرتبطة برئيس الوزراء، أما إن حدث خلاف ذلك، فأنا أرى أنه سيكون من الصعب المضي قدمًا في علاقاتنا كأن شيئًا لم يكن".

وحذر لو -حسب الوثيقة- المسؤولين الباكستانيين من أن هذه الأزمة لو لم تُحل، فإن باكستان ستتعرض للعزلة من حلفائها في الغرب، وقال: "لا أدري ما رأي أوروبا في الأمر، لكنني أظن أنهم سيميلون إلى الرأي نفسه"، وقد يواجه خان "العزلة" من أوروبا والولايات المتحدة إذا بقي في منصبه.

وبالفعل، منذ إطاحته، وقفت باكستان بحزم إلى جانب الولايات المتحدة وأوكرانيا في الحرب.

في غضون ذلك، تواصل الولايات المتحدة إنكار تدخلها في تحديد مصير الديمقراطية الباكستانية.

وفي اجتماع افتراضي غير رسمي، مع أفراد من الجالية الباكستانية نهاية أغسطس، ردت نائبة لو، إليزابيث هورست، على أسئلة عن تقارير "إنترسبت" بشأن اجتماع لو مع السفير الباكستاني.

وقالت هورست: "أريد أن أتوقف لحظة لمعالجة المعلومات المضللة عن دور الولايات المتحدة في السياسة الباكستانية، نحن لا نسمح للدعاية والمعلومات المضللة أن تقف في طريق أي علاقة ثنائية، بما في ذلك علاقتنا القيمة بباكستان".

وأضافت: "ليس للولايات المتحدة موقف من مرشح سياسي واحد أو حزب مقابل آخر، وأي ادعاءات تقول العكس، بما في ذلك التقارير المتعلقة بالشفرة المزعومة، ادعاءات كاذبة، وقد اعترف كبار المسؤولين الباكستانيين بأن ذلك غير صحيح".

في المقابل، أكد مسؤولون باكستانيون كبار، بمن فيهم رئيس الوزراء الباكستاني السابق شهباز شريف، صحة البرقية، المعروفة داخليًا بـ "الشفرة"، التي نشرها "ذا إنترسبت".

وتذكر الوثيقة أن السفير الباكستاني أعرب -في ختام اللقاء- عن أمله بألا تؤثر قضية الحرب الروسية الأوكرانية في "علاقاتنا الثنائية".

وقال المسؤول الأمريكي إن العلاقات أصابها أذى، لكنه ليس قاتلًا، وإذا رحل خان من السلطة، يمكن أن تعود العلاقة إلى طبيعتها.

كما قال لو: "أرى إنها أحدثت جفوة في العلاقة لدينا، وأثارت القلق مرة أخرى من الوضع السياسي في باكستان، لكن دعونا ننتظر بضعة أيام لنرى ما إذا كان الوضع السياسي سيتغير، لأنه إذا حدث ذلك، سيختفي الخلاف الكبير في هذه القضية، وسرعان ما تتلاشى هذه الجفوة، وإلا فإننا سنواجه مشكلة، ويتعين علينا حينئذ أن ننظر في كيفية التعامل معها".

في اليوم التالي للاجتماع، أي في 8 مارس، تقدم معارضو عمران خان في البرلمان بخطوة إجرائية بارزة نحو التصويت على سحب الثقة.

وبذلك انضم عمران خان إلى قائمة طويلة من السياسيين الباكستانيين، الذين فشلوا في إنهاء ولايتهم في المنصب، بعد اصطدامهم بالجيش.

وأصبح خان مسجونًا بتهمة سوء التعامل مع وثيقة سرية، ويواجه نحو 150 تهمة إضافية، يُنظر إليها على أنها ذريعة لمنعه من خوض الانتخابات المستقبلية.

وفي حين تترنح باكستان من تأثير سياسات التقشف التي يوجهها صندوق النقد الدولي والخلل السياسي الذي أعقب إقالة خان، فإن قادتها العسكريين قدموا وعودًا بأن الدعم الاقتصادي الأجنبي سوف ينقذ البلاد.

ووفقًا لتقارير نشرتها صحيفة دون الباكستانية، قال قائد الجيش الجنرال عاصم منير أمام جمع من رجال الأعمال الباكستانيين، إن البلاد يمكن أن تتوقع ما يصل إلى 100 مليار دولار من الاستثمارات الجديدة من المملكة العربية السعودية ودول الخليج، ملمحًا إلى أنه لن تكون هناك مناشدات أخرى لصندوق النقد الدولي.

مع ذلك، هناك قليل من الأدلة التي تشير إلى أن دول الخليج مستعدة للتدخل لإنقاذ باكستان، فقد أعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عن استثمارات كبيرة وشراكات اقتصادية مع الهند خلال زيارتها، لحضور قمة العشرين.

‎ورغم التقارير الواردة في الصحافة الباكستانية، التي أعربت عن أملها بأن يزور محمد بن سلمان باكستان، فإن ذلك لم يتحقق حتى الآن، ناهيك عن أي إعلانات استثمارية جديدة.