ماذا يحدث في السويداء السورية؟.. في دقيقتين مع حسينة أوشان
فرنسا وإفريقيا.. ما علاقة آل بوربون؟، وخالد نزار عراب صقور الجيش الجزائري، لن يمثل أمام القضاء السويسري.. والجوع كافر في السويداء السورية
فرنسا وإفريقيا... ما عَلاقَةُ آل بوربون؟
ويضرب الأوربيون الأمثال، فيبلغون ذروتها بقولهم: "أنت مثل آل بوربون، لا تنسى شيئًا، ولا تتعلم شيئا".
ولا مثل ينطبق على علاقة فرنسا بمستعمراتها، غربي إفريقيا والساحل، كالإشارة السالفة، إذ لا تكاد باريس تفيق من صدمة، حتى تقع في أخرى.
لا تريد فرنسا نسيان ماضيها، في إفريقيا، ولا ترغب في التعلم من حاضرِها.
لمْ يتعلَّمِ الإليزيه، حينَ ضربَتْهُ "فاغنر" في إفريقيا الوسْطى.
لَمْ يتعلَّم، في مالي وبوركينا فاسو، قبلَ أنْ يفيقَ مذهولا، بعدَ انقلابِ النيجر، وتحولِ نيامي إلى جَحيمٍ مُقيم.
مارس الماضي... يَنظرُ ماكرون، بفخرٍ شديدٍ نحوَ مُضيفهِ في ليبرفيل، الذي كانَ رئيسًا حينَها علي بونغو، ويكيلُ المَدْح، ويغدِقُ الثناءَ على عَلاقةِ بلديهِما، ويَصِفُها بالديناميكيةِ الإبداعية.
ثُمَ لا تنصرِمُ أشهرٌ قليلة، فيأتي العسكرُ الجابونيون، ليُحيلوا ليالي باريس الحالِمة، إلى نهاراتٍ إفريقيةٍ قائظَة.
وساكِنُ الإليزيه، يَودُ لو تعلَّمَ القليل.
واحِدًا إثرَ آخَر، يمضي حُلفاؤها، ولا تتعلَّمُ باريسُ شيئا.
تنقلُ "فايننشال تايمز" عنْ دومينيك دو فيليبان، رئيسِ الوزراءِ الفرنسيِ السابقِ، قولَه... "إنَ الانقلاباتِ في مُستعمراتِنا السابقة، شكلتْ تحديًا خطيرًا لبلادِنا، على غِرارِ حركةِ الاستقلالِ غَربي إفريقيا، عامَ ألفٍ وتِسعمئةٍ وسِتةٍ وخَمسين".
رباه... حتى فرنسا تَشعرُ بأنَ لهذهِ الانقلاباتِ رائحةَ الاستِقلال.
والآن، يتحسسُ رئيسا الكاميرون ورواندا رأسَيْهِما.
حتى إنِ اتضحَ أنَّ بول بيا وبول كاغامي (بوربونيان) أيضا.
فهلْ تتعلَّمُ باريس؟!
2
هَلْ يتَسِعُ قَفصُ القضاءِ السويسري، لجنرالِ الجيشِ الجزائري؟
"يبدو أنَ الكوكبَ -بأكملِه- يعترفُ بأنَ الجزائرَ تُحاربُ الإرهاب، باستثناءِ القضاءِ السويسري"...!
بهذهِ النبرةِ اللاذعة، علَّقَ أحمد عطاف، وزيرُ الخارجيةِ الجزائري، على التطورِ الجديد، في "قضيةِ نزار".
وقبلَ ذلكَ بيومَيْن، أعلنَ القضاءُ السويسري، توجيهَ الاتهامِ إلى خالد نزار بارتكابِ "جرائمَ ضِدَ الإنسانية".
مَنِ الرجُل؟!
لواءٌ مُتقاعِد، في الخامسةِ والثمانينَ مِنْ عُمرِه، وهوَ -لِمَنْ لا يعرفُه- شخصيةٌ عسكريةٌ سياسيةٌ بارِزة، في التسعينيات.
كانَ وزيراً للدفاعِ وعُضواً في اللجنةِ العليا للقواتِ المُسلحة، بينَ عامَي ألفٍ وتِسعمئةٍ واثنين وتِسعين، وألفٍ وتِسعمئةٍ وأربعةٍ وتِسعين.
ولا يزالُ الرأيُ العام -حَسْبَ صحيفةِ لوفيغارو- ينسبُ إليهِ دورَ مُستشارِ الطبقةِ السياسيةِ والعسكرية، الموجودةِ في السُلطة.
حسنًا... ما القِصة؟
عامَ ألفٍ وتِسعمئةٍ واثنين وتِسعين، تدخلتِ السُلطاتُ الجزائرية، لوقْفِ الانتخابات، التي أسفرتْ عنْ فوزِ ما تُعرَفُ بـ"الجبهةِ الإسلاميةِ للإنقاذ" بالدورةِ الأولى.
لَمْ يسكتِ الإسلاميون، وحدَثَ ما حدَث، مِنْ عواقِبَ تُدمي ذِكراها القُلوب.
باختِصار... حَرْبٌ أهلية، ومناطِقُ بأكملِها، تَخرجُ عنْ سيطرةِ الدولة، ثُمَ مواجَهةٌ عنيفةٌ معَ الجيش، إلى سَنِ قانونِ الوئامِ المدني، والاستفتاءِ على المُصالحةِ الوطنية.
لكنَّ ما يَهمُنا في هذا السردِ التاريخي، هوَ طريقةُ تعامُلِ الجيش، وعلى رأسهِ خالد نزار، معَ الإرهابيينَ وقتَها، وهذا مَحِلُ النزاعِ في القضاءِ السويسري.
كذلك، يَجِبُ ألا ننسى -في هذا السياق- الضحايا الأبرياء، الذينَ اختفوا قسرا، أو ضاعتْ أعمارُهم نتيجةَ الصراع.
الخارجيةُ الجزائرية، عدَّتِ الأعمالَ المنسوبة -مِنَ القضاءِ السويسري- إلى نِزار، سياسةً انتهجتْها الدولة، خِلالَ حَرْبِها على الإرهاب، وليستْ أفعالاً معزولةً يُجرِّمُها القانون، لذلكَ فإنَّ الجنرالَ لَنْ يمثُل.
إنّهُ القولُ الفَصْل.
فالجنرال نزار لَنْ يكونَ رهينَ مَحبسٍ في جنيف، والعشريةُ السوداءُ انقضتْ بمُصالحةِ بوتفليقة.
"سأكونُ بحالةٍ يُرثى لها، لكي تُحدثَني عنْ شهادةٍ واعتِراف... تُرى كيفَ سأخرجُ مِنْ هذهِ المتاهة؟".
قالَها الجنرالُ الثوري، سيمون بوليفار، قبلَ أيامٍ مِنْ وفاتِه، عِندما غادرَ (بوغوتا) مُتنازِلاً عنْ رئاسةِ كولومبيا.
كانَ في أضعَفِ حالاتِه، إنَّها المرحلةُ التي عَنونَها الروائيُ غابرييل غارسيا ماركيز بـ(الجنرال في متاهتِه).
مِنَ الواضِحِ أنَ عرّابَ صُقورِ الجيشِ الجزائري، ووزيرَ الدفاعِ الأسبق، نزار، لَنْ يُصابَ بالتيه، كما حدَثَ لبوليفار.
3
ماذا يحدُثُ في السويداءِ السورية؟
"حذارِ يا صاحِبي إنَّ الجوعَ شَرَك"...
هذهِ ليستِ الأغنية... الأغنيةُ تقولُ "إنَّ الهوى شَرَك".
ونظامُ بشار الأسد -رغمَ صمودهِ أمامَ رياحِ الربيعِ العربي- عليهِ أنْ يُدركَ أنَ تِلكَ كانتْ هبةً للحُرية، وهذهِ للجوع، والأخيرُ (كافِر)... كما تعلمون.
أزمةٌ اقتصاديةٌ طاحِنة، وعودةٌ إلى المُطالبةِ بإقالةِ الرئيس.
مِئاتُ المُتظاهرينَ في السويداء، جنوبِـي البِلاد، لا تَفتُــرُ عزائمُهُم، فيتضامَنُ معَهُم مِثلُهُم، في درعا وحلب، وإدلب والرقة ودير الزور.
تمضي ثلاثةُ أسابيع، والهتافاتُ تَشُقُ عَنانَ السماء: "بشار، لا نريدك"، وتُعيدُ إحياءَ شِعاراتِ ألفين وأحَدَ عَشَر، حَسْبَ صحيفةِ (فايننشال تايمز).
ولأنَّ مُعظمَ النارِ مِنْ مُستصغَرِ الشَرَر، فإنَّ غضبةً عابِرة، جراءَ تخفيضِ دعمِ المحروقات، حوَّلتِ الجنوبَ السوري، إلى مِرْجَلٍ يغلي، بالمُطالبةِ بتغييرٍ سياسيٍ أوسَع.
الغريبُ في الأمر، أنَ السويداء، ظلتْ آمِنةً طَوالَ الحربِ الأهلية، بتواطؤٍ بينَ زُعمائها وقادةِ الجَيش.
الآن، يبدو أنَ الأغلبيةَ صارتْ في حِلٍ مِنْ ذلك.
الحكومة، امتنعتْ -حتى الآن- عنِ الردِ العنيف، رُبما لأنَ أيَ عملٍ عسكري، قَدْ يُحوِّلُ الاحتجاجاتِ السِلميةَ إلى مُقاومةٍ مُسلَحة، حَسْبَ حايد حايد، الزميلِ الاستشاريِ في "تشاتام هاوس".
رُبما تعلَّمتِ الحُكومةُ السوريةُ الدَّرس، ففضلتْ سياسةَ الإرهاق، ولِسانُ حالِها يقولُ إنهُم سوفَ يتعبون، ويتفرقونَ نِهايةَ المطاف"، بينَما تنتظِرُ هيَ النتيجة.