وداعًا ميشيل كيلو
قد تتفق مع آرائه واختياراته أو تختلف، لكنك تقف احتراماً لصلابته أمام مبدأ واحد، ديمقراطية وحرية الشعب السوري، فهو من أتباع مقولة "الزارع في الحقول الوعرة لا يكون دائما هو الحاصد".

السياق
"التقوا مع مَنْ يخالفكم، ولا تجعلوا المختلف معكم عدوًا، بسبب انحيازاتكم، تمسَّكوا بحريّتكم واتَّحدوا في إطار وطني جامع، لأنكم لن تهزموا الاستبداد متفرِّقين.. سامحوني على أخطائي فالبشر خطاؤون".
هذه وصية السياسي والكاتب السوري ميشيل كيلو الأخيرة، الذي رحل في التاسع عشر من أبريل الحالي في فرنسا، بسبب إصابته بفيروس كورونا.
قد تتفق مع آرائه واختياراته أو تختلف، لكنك تقف احتراماً لصلابته أمام مبدأ واحد، ديمقراطية وحرية الشعب السوري، فهو من أتباع مقولة "الزارع في الحقول الوعرة لا يكون دائما هو الحاصد".
ميشيل كيلو، أحد المعارضين الصلبين، منذ نظام حافظ الأسد، وبمجرَّد أن انطلق الحراك السوري ضد حكومة بشار الأسد، تحوَّلت روح ابن السبعين حينها، إلى شاب في السابعة عشرة، ليقاتل بقلمه ولسانه.. وينطلق من مؤتمر إلى آخر، ومن عاصمة لأخرى.. من دمشق إلى باريس للقاهرة فتركيا، ليؤسس بعدها "المنبر الديمقراطي" كتجربة فريدة وثريّة.
دعم جبهة النصرة في بداياتها، وعدَّها من نسيج الشعب السوري، ليهاجمها عندما أعلنت انتماءها للقاعدة، وابتعادها عن توجُّهات الشعب.
أحضر أحمد عاصي الجربا، ودعمه ليكون رئيسًا للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، فاستغل الإخوان خياراته في تركيا، ليغادرهم إلى فرنسا.
مواقف الرجل، كانت دائمًا واضحة، فمثلًا عارض إقامة دولة كردية، تفاديًا لتقسيم البلاد، كذلك كان داعمًا للتيارات الإسلامية المعتدلة، هو المسيحي المولود في محافظة اللاذقية، المطلة على الساحل السوري، ميشال شارك في ربيع دمشق عام 2000، وقال حينها:"كيف تستطيع أن تكون مجرَّد مسيحي فحسب، في بيئة تاريخية، أعطتك ثقافتك ولغتك وحضارتك، وجزءًا مهمًا من هويتك؟".
تعرَّض للاعتقال، منذ سبعينيات القرن الماضي، ليُهَجَّر إلى فرنسا، وبمجرَّد عودته إلى دمشق، اعتقله الأمن السوري مرة ثانية عام 2006، بتُهمة نشر أخبار كاذبة وإضعاف الشعور القومي، ليفرج عنه لاحقًا عام 2009.
والمتابع لتاريخه السياسي، يلاحظ أنه كان عضوًا في "الحزب الشيوعي السوري"، ورئيس اتحاد "الديمقراطيين السوريين"، ومحلل وكاتب سياسي، ومترجم وعضو في "اتحاد الصحفيين السوريين"، كما كان عضوًا في "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة" قبل أن يستقيل عام 2016.
السياسيون والمعارضون السوريون والدعاة الإسلاميون ينعون ميشيل كيلو
كتب جوزيف باحوط في صفحته على "تويتر": سنوات من الحبس في المنفى الباريسي، وشخصية أساسية لعشرات السنين، من الكفاح ضد نظام الأسد الأب والابن.. مقاتل لا كَلَّ ولا مَلَّ.. توفي وذهب.. والطاغية باق.
Des années de geôles #Syriennes à l’exil parisien..#Michel_Kilo -figure incontournable des décennies de lutte contre le regime #Assad père & fils, combattant infatigable & aux multiples tentatives, esprit agile & bouillonnant- s’est éteint aujourd’hui.
— Joseph Bahout باحوط (@jobahout) April 19, 2021
Il part & le tyran reste.. pic.twitter.com/HIW6UTryeW
وكتبت سهير الأتاسي، عضو "اللجنة العامة للثورة السورية" عبر حسابها في "تويتر": رحل ميشيل كيلو.. وما بقا فيه شي ينقال بعد كل هالوجع.
رحل ميشيل كيلو.. وما بقا فيه شي ينقال بعد كل هالوجع..
— Suhair Atassi (@suhairatassi) April 19, 2021
بينما كتب نصر الحريري، رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في صفحته على "تويتر": خسارة كبيرة برحيل الأستاذ ميشيل كيلو ، عزائي للشعب السوري الحر، ولعائلته ولجميع محبيه.. كان الأستاذ ميشيل قامة فكرية ووطنية كبيرة، وكان حلمه أن يرى سوريا حرة ديمقراطية، وإن شاء الله السوريون سيكملون الحلم ويحققونه.
خسارة كبيرة برحيل الأستاذ ميشيل كيلو اليوم إثر إصابته بكورونا، عزائي للشعب السوري الحر ولعائلته ولجميع محبيه.. كان الأستاذ ميشيل قامة فكرية ووطنية كبيرة وكان حلمه أن يرى سورية حرة ديمقراطية وإن شاء الله السوريون سيكملون الحلم ويحققونه.
— د.نصر الحريري (@Nasr_Hariri) April 19, 2021
وكتب عبد الباسط سيدا، مؤسس ورئيس المجلس الوطني السوري، على "تويتر": كم كنتُ أود الاستماع إليك، ونحن نناقش أصعب المسائل، في أحلك الأوقات. كنتَ تمنحنا الأمل باستمرار الأخ العزيز ميشيل. جمعتَ بين الثقافة الرفيعة والقدرة على التواصُل مع سائر الأوساط الشعبية. غادرتنا ونحن بأمس الحاجة إليك. لكَ الرحمة وللأسرة السورية الكبيرة العزاء.
كم كنت أود الاستماع إليك ونحن نناقش أصعب المسائل في أحلك الأوقات. كنت تمنحنا الأمل باستمرار الأخ العزيز ميشيل. جمعت بين الثقافة الرفيعة والقدرة على التواصل مع سائر الأوساط الشعبية. غادرتنا ونحن بأمس الحاجة إليك. لك الرحمة الأسرة السورية الكبيرة العزاء. pic.twitter.com/apxAZH1Eyq
— Abdulbaset Sieda (@Ebdulbasit) April 19, 2021
كما كتب الدكتور محمد حبش، الداعية الإسلامي والمدرس في جامعة أبوظبي في صفحته على "فيس بوك": الرحمة والخلود لمعلِّم الحرية.. قصة كفاح وصبر.. ميشيل كيلو.. رجل الكلمة الصادقة، ثبت على رسالته في السجون.. وظل يحلم بسوريا حرة مستقلة.. حتى لقي الله.
تفرَّغ في سنواته الأخيرة للتحليل السياسي، وكان يردد دائماً: لن يحرِّركم أي هدف آخر غير الحرية، فتمسَّكوا بها في كل كبيرة وصغيرة، ولا تتخلوا عنها.. اتفقنا أننا كلنا من الرحم ذاتها.. رحم سوريا، وأن مواقفنا السياسية ليست سوى تكتيكات، قد لا تحمل أي معنى مع الزمن.
مات ميشيل كيلو ...كان حلمه أن يعود إلى قريته ويدفن فيها، لكن قدره أن يدفن في الغُربة.. غُربة وتغريبة السوريين...!