وسط توافق عراقي... طالباني يعود إلى زعامة الحزب الوطني الكردستاني
يقول محللون إن ما يميز طالباني، قدرته على بناء شبكة علاقات متينة مع الأطراف والفاعلين السياسيين في بغداد، لذلك سعى لحلحلة الأزمة الخلافية، بين حزبي الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني.

السياق
منفردًا بالزعامة، وحيدًا من دون شريك، عاد بافل طالباني لرئاسة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، بعدما أثار نظام الرئاسة المشتركة مشكلات داخلية للحزب.
وأعيد انتخاب طالباني في المؤتمر -بإجماع أعضائه- الذي عقده الحزب في مدينة السليمانية، بحضور عدد من زعماء الأحزاب العراقية والكردية والوفود الأجنبية.
وعقدت أعمال المؤتمر الخامس "للاتحاد الوطني الكردستاني" -التي بدأت بدقيقة حداد على أرواح ضحايا حريق قضاء الحمدانية الأليم- بوجود رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني وعبداللطيف جمال رشيد رئيس جمهورية العراق، وزعماء وممثلي الأحزاب العراقية والكردستانية وسفراء وقناصل وممثلي عدد من الدول الإقليمية والعالمية.
حسب وكالة شفق نيوز فإن المؤتمر، الذي بدأ الأربعاء، سيستمر 3 أيام ويشارك فيه 600 عضو.
وأشارت الوكالة إلى أنه من المنتظر -خلال المؤتمر- تقليص عدد أعضاء المجلس القيادي إلى 51 عضوًا، ضمنهم رئيس الاتحاد الوطني، وتقليص المكتب السياسي إلى 10 أعضاء.
إنهاء المناصفة
وألغى الحزب نظام الرئاسة المشتركة، الذي أقِر خلال المؤتمر السابق، إذ أسندت فيه الرئاسة إلى بافل طالباني ولاهور شيخ جنكي مناصفة.
عُقد آخر مؤتمر للحزب عام 2019، وسبقه المؤتمر الثالث عام 2010، والثاني عام 2001، والأول عام 1992.
ومن المقرر أن يقترح في المؤتمر تشكيل 3 مجالس: "المجلس الأعلى للسياسات والمصالح"، و"المجلس القيادي"، و"مجلس الإسناد".
يد السلام
وقال طالباني في كلمته: "إن الاتحاد الوطني يمد يد السلام إلى جميع الأحزاب الكردية وإلى أي طرف يؤمن بوحدة الصف".
وأضاف الزعيم الكردي: "ندعم تقوية العلاقات مع إخواننا في بغداد وتقوية الاتفاق الاستراتيجي بين الجانبين الكردي والشيعي وإغنائه، وكذلك مع الإخوة السُّنة والمسيحيين، وأي طرف مستعد للوحدة والنضال من أجل الديمقراطية".
وقال: "سنجعل إقليم كردستان جنة يعيش فيها الجميع بحرية". ووصف "الاتحاد الوطني الكردستاني" بـ"حزب المناضلين والشهداء، وإسقاط الدكتاتورية".
وأضاف: "الاتحاد الوطني الكردستاني حزب قوي وحيوي، لذا يعقد مؤتمره خلال المرحلة الراهنة، قبل عمليتين انتخابيتين، يجب علينا الدفاع عن شعبنا، ونجعل من كردستان جنة يعيش فيها الجميع بحرية، ويطرحون آراءهم بلا خوف، وأن ندافع عن حقوق النساء".
وأنهى كلمته بالقول: "أنتهز هذه الفرصة لأشكركم على منحي الثقة للنضال معًا خلال العامين الماضيين، وفسحتم لي المجال لخدمتكم، مهام الاتحاد الوطني الكردستاني تبدأ من الآن، وعلينا أن نكون معاً وموحدين لخدمة شعبنا، وأعدكم بأنني لن أترككم ولن أفسح المجال للأعداء لكي ينالوا منكم، نحن الاتحاد الوطني الكردستاني، حزب المناضلين والشهداء، حزب الأبطال وإسقاط الدكتاتورية، ولن نرضخ لأي أحد ولن ننحني إلا لله تعالى".
على أسس دستورية
يقول محللون إن ما يميز طالباني، قدرته على بناء شبكة علاقات متينة مع الأطراف والفاعلين السياسيين في بغداد، لذلك سعى لحلحلة الأزمة الخلافية، بين حزبي الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني، عبر مبادرة لاستئناف الحوار بينهما.
وفي المؤتمر ألقى رؤساء وزعماء الأحزاب العراقية المشاركون كلمات أشادوا فيها بدور الرئيس العراقي الراحل جلال طالباني، وما قام به من "جهود حثيثة على مستوى العراق والمنطقة".
وخلال كلمته، أعلن رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني أن الإقليم يريد حل كل المشكلات والخلافات مع بغداد، من خلال الحوار والتفاهم على أساس الدستور.
وشدد بارزاني على أنه لا ينبغي اتخاذ الموازنة ورواتب موظفي إقليم كردستان رهينة للخلافات السياسية، مؤكدا أن افتعال مشكلات مالية لإقليم كردستان لا يخدم العراق في أي شيء.
ودعا الأطراف السياسية المكونة للحكومة الاتحادية، إلى مساندة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في تنفيذ الاتفاقيات السياسية وقانون الموازنة.
أيدٍ خفية
من جانبه تحدث رئيس تيار الحكمة الوطني عمار الحكيم عن "أيدٍ خفية تحاول استهداف قوة العراق عبر تفريق كلمته وموقفه الوطني".
وقال: "إننا في بغداد وبقية محافظات العراق، نتطلع نحو كردستان العزيزة، ونرى فيها ملامح المستقبل المشرق، الـذي يجمع العراقيين ويوحدهم في طريق بناء الدولة العراقية الاتحادية القوية المتماسكة".
وخلال كلمته في المؤتمر، أكد الرئيس العراقي عبداللطيف رشيد، من حزب الاتحاد الوطني، ضرورة تضافر جهود جميع الأطراف السياسية للعمل المشترك لمعالجة الخلافات العالقة وحل المشكلات وتقديم الخدمات إلى المواطنين.
وأضاف أن غياب وحدة الصف والخلافات بين الأطراف الكردستانية، يعد خطرًا محدقًا بالشعب الكردي. في المقابل فإن روح الوئام والتكافل في الإقليم، ستكون مفتاح النجاح والتوفيق في كردستان والعراق والمنطقة والخارج، حسب قوله.
وشدد على أن وظيفة المؤتمر تعديل السياسة العامة للحزب، بما يعزز العلاقات بالقوى السياسية الكردستانية في الإقليم والشركاء في بغداد، وتحسين العلاقات مع دول الجوار بما يخدم مصالح الشعب العراقي.
وحدة العراق
من جانبه، قال زعيم "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، خلال مشاركته الأولى في المؤتمر: "إن النجاح في الحكم الفيدرالي يستلزم الإيمان بالدستور الذي ينص على وحدة العراق".
وحسب محللين فإن هذه الكلمة تحمل إشارة إلى الاتهامات التي يواجهها الكرد من القوى الشيعية، بعدم احترامهم لنصوص الدستور التي تؤكد وحدة البلاد.
وأضاف: «مؤتمر الاتحاد الوطني يقام في ظل ظروف خاصة تشهدها كردستان والعراق والمنطقة، ونحن على أعتاب انتقال من مرحلة لأخرى، ونتمنى لأعضاء الاتحاد التوفيق في واجبهم".
ولحزب "الاتحاد الوطني" علاقات جيدة بقوى الإطار التنسيقي "المدعومة إيرانيا"، وأسهم معها، خلال الدورة البرلمانية الحالية، في تجاوز الهزيمة الانتخابية عام 2021، وتحويلها إلى نصر سياسي سمح لهم بتشكيل حكومة رئيس الوزراء محمد السوداني الحالية، بعد انسحاب التيار الصدري الفائز بأكبر عدد من المقاعد "72 مقعداً في البرلمان".