قرار منع الاختلاط يثير الجدل في الكويت

يقول رئيس تحرير صحيفة السياسة الكويتية أحمد الجارالله، إن -طالبان- كويتية صارت تحكم الوصاية على المجتمع، مشيرًا إلى أن نواب التشدد يبحثون عن انتصار زائف في معركة سهلة، بينما الحكومة رهنت قرارها لهم.

قرار منع الاختلاط يثير الجدل في الكويت

السياق

قرار هناك مَن يعده خطوة أولى على طريق «أسلمة الكويت»، ويصفه آخرون بـ«محاولة إنشاء طالبان كويتية جديدة»، بالبحث عن «انتصارات زائفة في معركة سهلة»، عبر «فرض الوصاية» على المجتمع.

ما مضى كان جزءًا من تعليقات لسياسيين ومتخصصين كويتيين، على قرارٍ أعلنته جامعة الكويت قبل أيام، بمنع الاختلاط بين الجنسين داخل الفصول الدراسية، إلا إن دعت الضرورة إلى ذلك.

 

فحوى القرار وملابساته

مدير جامعة الكويت بالإنابة، الدكتور فايز منشر الظفيري، أكد التزام الجامعة بتطبيق قانون منع الاختلاط في الفصول الدراسية، مشيرًا إلى أن الجامعة تعمل على تجنب الاختلاط في فصولها الدراسية، إلا بحالات استثنائية تقتضي ذلك.

وأوضح مدير جامعة الكويت بالإنابة، أن «الأصل في الشُعَب الدراسية بالجامعة انفصال الإناث عن الذكور، إلا إذا اقتضت الضرورة عكس ذلك»، مؤكداً التزام الجامعة بمراجعة الشُّعب الدراسية وإلغاء المشتركة.

القرار الذي جاء قبل أيام من بداية العام الجامعي، في السابع عشر من سبتمبر الجاري، قال مراقبون، إنه قد يؤثر في العملية الدراسية.

يتوافق القرار مع موافقة وزير التربية والتعليم العالي والبحث العلمي في الكويت الدكتور عادل المانع، مع مقترح تقدم به خمسة نواب في دور الانعقاد الأول من الفصل التشريعي الـ17، يقضي بمنع الاختلاط في الفصول الجامعية.

 

القرار في الميزان

تعرض القرار لموجة هجوم ضارية، وصلت حد وصفه بمحاولة تحويل الكويت إلى النموذج الأفغاني، بسيطرة «طالبان الكويتية» على البلد الخليجي.

وقال رئيس تحرير صحيفة السياسة الكويتية أحمد الجارالله، إن «طالبان» كويتية صارت تحكم الوصاية على المجتمع، مشيرًا إلى أن «نواب التشدد يبحثون عن انتصار زائف في معركة سهلة، بينما الحكومة رهنت قرارها لهم».

وأوضح رئيس تحرير الصحيفة المحلية، أن «تحول لجنة برلمانية إلى سلطة أمر واقع لا يُبشر بخير، وأن تستدعي وزيرًا ومديرًا للجامعة وتأمرهما بتنفيذ مرئياتها، فذلك يعني أن مجلس الوزراء، أصبح لا قدرة له على ممارسة صلاحياته، وأن هناك بضعة نواب أوصياء عليه، ويجب أن تنفذ رؤية كل منهم، وهذا يخالف الدستور والقوانين».

الأمر نفسه أشارت إليه الكاتبة الكويتية، إقبال الأحمد، قائلة في مقال لها بصحيفة القبس الكويتية، بعنوان «لا وصاية على جامعة الكويت»، إن هناك حكمًا للمحكمة الدستورية واضح وجلي لا يحتاج إلى تفسير ولا شرح، حدد في حيثياته معنى الاختلاط بشكل لا يختلف عليه اثنان، وطوى به صفحة الخلاف في طريقة تطبيق هذا القانون.

وتساءلت الكاتبة الكويتية: هل خالفت الجامعة القيم الكويتية الأصيلة وشريعتنا الإسلامية الغراء بفتح الشُّعب المشتركة بين الطلبة والطالبات؟! لتجيب: إنه منذ تدريسها في هذا الصرح الأكاديمي لم تجد أي تجاوز من قبل الطلاب للقيم الكويتية والشريعة الغراء، سواء في اختيار المكان المناسب في الفصل، أم في التعامل مع الجنس الآخر.

وأشارت إلى أن القرار يؤدي إلى إهدار المال العام وضياعه ونفقات غير ضرورية، كان من الممكن تجنبها، في ظل تعليم مشترك أثبت الواقع احترامه لقيمنا وشريعتنا الإسلامية.

 

موقف الأكاديميين

أعلن عدد من الأساتذة والأكاديميين في جامعة الكويت، رفضهم التدخلات السياسية في جامعة الكويت، وتوجيه قراراتها والتأثير فيها.

وقال عضو جمعية أعضاء هيئة التدريس بجامعة الكويت، رئيس قسم القانون العام بكلية الحقوق إبراهيم الحمود، في تصريحات لصحيفة القبس المحلية، إن الجامعة مؤسسة أكاديمية علمية لها استقلالية إدارية ومالية، مشيرًا إلى أن وزير التعليم العالي لا سلطة له على الجامعة، بل يحكمها قانون الجامعات الحكومية، ولم تعد للوزير سلطة إدارية مباشرة على الجامعة.

وأوضح الحمود أن قانون منع الاختلاط صريح، فهو يضع قواعد واضحة ويرفض الاندماج بكتلة واحدة تضم الطلبة والطالبات في القاعات، وهو أمر لم يحدث بجامعة الكويت منذ نشأتها إلى اليوم، وهناك حكم للمحكمة الدستورية وقاطع الدلالة، بأن الفصل المقصود يتحقق بالقاعة الدراسية من خلال جلوس الطلبة بجانب والطالبات بجانب آخر.

وأشار إلى أن إثارة الأمر بهذا التوقيت تدخل من السلطة التشريعية بأعمال السلطة التنفيذية، بالمخالفة لأحكام الدستور، موضحًا أن القرار محاولة فرض فكر غير موجود بالمجتمع الكويتي ولا الجامعة.

أستاذ كلية الطب بجامعة الكويت، الدكتور عادل الحنيان، قال إن القرار محاولة للتدخل السياسي في الجامعة والقرار الجامعي، مشدداً على ضرورة استقلالية الجامعة والنأي بالمؤسسة التعليمية عن التدخلات السياسية أو الرضوخ للتيارات.

وزير الصحة السابق عضو هيئة التدريس في كلية الطب بجامعة الكويت خالد السعيد، يرى أن هناك «نهشاً ممنهجاً لجامعة الكويت»، مشيرًا إلى أن «هناك تدخلًا سافرًا في مفاصل التعليم الجامعي، من تعيينات أعضاء هيئة التدريس إلى رصد درجات الطلبة وتوزيع الشعب الدراسية».

وندد النواب مهند الساير وعبدالله جاسم المضف وأسامة الزيد، بتعهد وزير التربية عادل المانع، بالإبقاء على الشُّعب المختلطة في جامعة الكويت متى اقتضت الحاجة، ما يعني بقاء المنع، مع توفر استثناءات تتعلق بالحاجة من قبيل عدم توفر الكادر التدريسي لتقديم محاضرات في قاعات منفصلة الجنسين.

 

مؤيدو القرار

النائب الكويتي محمد هايف المطيري، قال في تصريحات صحفية، إن الفصل بين الطلاب والطالبات في الجامعة ومنع الاختلاط، يندرج في إطار تطبيق القانون الكويتي العائد لسنة 1996، الذي ينص على أنه «في سبيل الوصول إلى الوضع الشرعي الأمثل، تقوم الحكومة خلال مدة لا تتجاوز خمس سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون بتطوير المباني القائمة، لكليات ومعاهد ومراكز جامعة الكويت والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، بما يضمن منع الاختلاط بوضع أماكن خاصة للطالبات في المباني وقاعات الدرس والمختبرات، والمكتبات والأنشطة والخدمات التربوية والإدارية وجميع المرافق، على أن تلتزم عند تصميم المباني التي تستحدث المتطلبات السابقة».

وأوضح البرلماني الكويتي، أن هناك تفاهمًا مع وزير التربية ومدير جامعة الكويت، على إلغاء الشعب المختلطة التي تخالف القانون، سواء في كلية الحقوق أم في جميع الكليات التي تضم شعباً مختلطة، لأن القانون لا يزال سارياً.