رغم الحرب.. هل تجرى الانتخابات في أوكرانيا؟
دعا أوليغ سوسكين، مستشار الرئيس الأوكراني السابق، إلى إجراء انتخابات رغم الحرب، محذرًا من أن زيلينسكي قد يغتصب السلطة في ظل الأحكام العرفية

ترجمات - السياق
في ذروة حرب مدمرة وأوضاع غير مستقرة سياسيا واقتصاديا ومدن تحولت إلى أنقاض ونازحين بالملايين يتمسك الغرب بضرورة إجراء الانتخابات الأوكرانية (البرلمانية والرئاسية) في موعدها، فكيف ذلك؟
"قضية محتدمة"، هكذا وصفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، الانتخابات الأوكرانية في ظِل الحرب، مشيرة إلى أنه كان من المقرر أن يجرى الاستحقاق البرلماني خلال أكتوبر المقبل، لكن دستور البلاد يحظر إجراء الانتخابات أثناء فرض حالة الطوارئ.
البرلمان الأوكراني مدد -أغسطس الماضي- حالة الطوارئ العسكرية 90 يومًا حتى نوفمبر المقبل، ما أجَّل الانتخابات البرلمانية، التي كان من المفترض أن تجرى في موعدها على الأقل نهاية أكتوبر.
وحسب "نيويورك تايمز"، تنتهي ولاية الرئيس الحالي فولوديمير زيلينسكي العام المقبل، ولولا الحرب، لكان يستعد إما للتنحي، وإما لقيادة حملته الانتخابية لولاية ثانية.
تنافس مستحيل
ورغم الحرب فإن زيلينسكي لم يستبعد إجراء الانتخابات، خلال الأشهر المقبلة.
ويرى محللون أن إجراء الاقتراع في زمن الحرب "بعيد المنال"، مشيرين إلى أنه بموجب الأحكام العرفية، عُلقت الانتخابات في أوكرانيا.
مع ذلك، هناك حديث بين الطبقة السياسية في كييف، عن أن زيلينسكي قد يسعى إلى إجراء الانتخابات، رغم ما لذلك من آثار بعيدة المدى في حكومته، والحرب، والمعارضين السياسيين، الذين يشعرون بالقلق، من أنه سيحظى بولاية جديدة، في بيئة تكون فيها الانتخابات التنافسية مستحيلة.
دولة ديموقراطية!
ويأتي جدل الانتخابات على خلفية الضغوط المتزايدة على أوكرانيا، لتظهر للمانحين الغربيين أوراق اعتمادها كدولة ديمقراطية، وهو ما يروج له زيلينسكي، بينما يرى المعارضون أن إجراء انتخابات من جانب واحد في زمن الحرب، قد يضعف تلك الجهود.
وبالفعل، حصلت عريضة ضد إجراء الانتخابات على توقيعات 114 من نشطاء المجتمع المدني الأوكرانيين البارزين.
ومن الممكن أن يؤدي التفويض الانتخابي الجديد، إلى تعزيز موقف زيلينسكي، في أي قرار بخوض معركة طويلة، أو عزله إذا أدت محادثات التسوية النهائية مع روسيا إلى إضعاف شعبيته، والإضرار بفرص إعادة انتخابه.
وخاطب زيلينسكي، حشدًا من المسؤولين الغربيين والأوكرانيين ونشطاء المجتمع المدني ورجال الأعمال وغيرهم، الذين تجمعوا في منتدى يالطا الاستراتيجية الأوروبية في كييف، 8 سبتمبر الماضي، وأخبرهم: "أنا مستعد للانتخابات".
وشدد على أنه يُفضل الانتخابات، لكن إذا تمكن المراقبون الدوليون من التصديق على أنها حرة ونزيهة وشاملة، محددًا عديد العقبات التي تحول دون إجراء التصويت.
العقبات
وقال: "أعني أننا مستعدون إذا لزم الأمر، لكن هناك عقبات عدة من شأنها أن تجعل هذه الانتخابات صعبة، ومن ذلك كيفية تمكين الجنود من التصويت والسماح للمراقبين الدوليين بأن يكونوا في الخطوط الأمامية، وكيفية تنظيم الانتخابات، في البلدان التي يعيش فيها ملايين الأوكرانيين الآن كلاجئين، فضلًا عن الأوكرانيين الذين يعيشون في الأراضي الخاضعة لروسيا".
وكان المعارضون السياسيون أكثر صرامة في رفض الانتخابات، التي كان من المقرر إجراؤها قبل الغزو الروسي في مارس وأبريل 2024، قائلين إن الحرب خلقت كثيرًا من الاضطرابات، بحيث لا يمكن إجراء التصويت بشكل صحيح.
موقف أمريكا
ورغم أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن والحكومات الأوروبية الداعمة لأوكرانيا عسكريًا، لم تضغط بشأن إجراء الانتخابات، فإن الفكرة حظيت باهتمام أوسع، بعد زيارة السيناتور ليندسي غراهام، الجمهوري من ولاية كارولينا الجنوبية إلى كييف في 23 أغسطس الماضي.
وقال غراهام للصحفيين، إنه حث الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على إجراء انتخابات العام المقبل، مضيفًا: "أريد أن أرى هذا البلد يحظى بانتخابات حرة ونزيهة حتى وهو يتعرض للهجوم".
مسألة أمنية
لكن لإجراء الانتخابات، على أوكرانيا أن ترفع -مؤقتًا على الأقل- الأحكام العرفية، حال التصويت للبرلمان أو تعديل القانون، حال التصويت للرئيس.
وقد أشار زيلينسكي إلى أن العقبة الرئيسة هي الحاجة إلى ضمان قدرة الأوكرانيين الذين يعيشون تحت "الاحتلال الروسي" على التصويت من دون عقاب.
وقال في مؤتمر عُقد بكييف الشهر الماضي: "نحن مستعدون... إنها ليست مسألة ديمقراطية... هذه مسألة أمنية".
إلا أنه عاد ليؤكد أن "التصويت عبر الإنترنت قد يكون حلاً".
فيما دعا أوليغ سوسكين، مستشار الرئيس الأوكراني السابق، إلى إجراء انتخابات رغم الحرب، محذرًا من أن زيلينسكي قد يغتصب السلطة في ظل الأحكام العرفية.
وحدة المجتمع
ورغم أن أغلبية المعارضين السياسيين لزيلينسكي، امتنعوا عن انتقاده بشكل مفرط خلال الحرب، لكنهم يرون أن التصويت في ظل هذه الظروف "سيكون غير عادل".
وتوقع دميترو رازومكوف، الرئيس السابق للبرلمان، أن تكون فرص فوز زيلينسكي "أقل بعد نهاية الحرب".
وقال فولوديمير أرييف، عضو البرلمان عن حزب التضامن الأوروبي المعارض، إن الانتخابات الآن لن تؤدي إلا إلى إضعاف أوكرانيا، حيث ينصرف اهتمام السياسيين بحملاتهم الانتخابية، بعيدًا عن الهدف الأسمى وهو الانتصار في الحرب.
واتهم زيلينسكي بأنه "يعرض وحدة المجتمع للخطر".
وتشير استطلاعات الرأي العام إلى أن المنافس المحتمل لزيلينسكي في الانتخابات المستقبلية، يمكن أن يكون قائد جيشه، الجنرال زالوزني.
لكنه، بوصفه ضابطًا عسكريًا في الخدمة، ممنوع من المشاركة في الانتخابات أثناء الحرب.
ولا يزال زيلينسكي يتصدر استطلاعات الرأي للقادة الذين يثق بهم الأوكرانيون.
فقد أظهر استطلاع للرأي أجرته "أوكرانيا الموحدة"، وهي مجموعة بحثية غير حزبية، أن 91% من الأوكرانيين يثقون بزيلينسكي، و87% يثقون بالجنرال زالوزني، و81% يثقون ببريتولا.
كما أظهرت استطلاعات الرأي أيضًا دعمًا كبيرًا لكليتشكو، عمدة مدينة كييف، وفيتالي كيم، رئيس الإدارة المدنية العسكرية في منطقة ميكولايف الجنوبية، وأليكسي دانيلوف، أمين مجلس الأمن القومي الأوكراني.