ماذا يعني أي اتفاق سُعودي إسرائيلي للفلسطينيين؟
في دقيقتين مع حسينة أوشان
فَــتِّــشْ عَنِ (الأمير).. أينَ فلسطين مِنْ تطبيعِ السُعودية وإسرئيل المُحتمَل؟
يَبدو أنَ عِبارةَ "يَلعَنُ السياسيونَ ميكيافيللي في النَهار، ويتقمصونَهُ في الليل"، المنسوبةَ إلى وزيرِ الدفاعِ والخارجيةِ الإسرائيليِ السابقِ (أبا إيبان)، لا تزالُ راسِخةً لدى السياسيينَ الإسرائيليين.
ويبدو -كذلك- أنَ نتنياهو يعملُ وفقاً لها، في ما يتعلقُ باتفاقِ التطبيعِ المُحتمَل، معَ السُعودية.
لَعلَ ذلك، ما دفعَ صحيفةَ (الشرقِ الأوسط) إلى أنْ تَحتاط، على الطريقةِ السُعوديةِ الحذِرَة، فتُنبِّه: "علينا ألا نَرفعَ سَقفَ التوقُعات، في العَلاقةِ معَ إسرائيل، لأنَّها مُعقدةٌ بطَبيعتِها".
تمهَلوا... فالأمورُ لَمْ تَتَضِح.
رُبما تَنكشِفُ (الغُمة) خِلالَ الأشهُرِ المُقْبِلة، إما بتفعيلِ الحُلولِ السابقة، وإما بمشروعٍ جَديد، يعُيدُ تعريفَ الدولةِ الفلسطينية.
وهذا ما يُفسِّرُ سِباقَ الحُكومةِ الإسرائيليةِ معَ الوقْت، لإحباطِ إمكانيةِ قيامِ دَولةٍ فلسطينة، مُتصلةً جُغرافياً، فقد:
- أصدرتْ تصاريحَ بناء، لأكثرَ مِنْ ثلاثةَ عَشَرَ ألفَ وحدةٍ استيطانية.
- وتَستعِدُ لبناءِ خَمسمئةِ ألفِ مُستوطَنة، ثمانونَ في المئةِ مِنها، في عُمْقِ الضفةِ الغربية.
- وأنشأتْ تِسْعَ بؤرٍ استيطانيةٍ في الضفة، مِنْ دونِ تَصريح.
لا شيءَ يَبعثُ على التفاؤل، فها هي مجلةُ فورين بوليسي، تَكشِفُ في أحَدِ مقالاتِها، سَعيَ حُكومةِ نتنياهو إلى ضَمِ الضفة.
المجلةُ الأمريكية، لخصتْ ذلكَ بقولِها: يَجِبُ على الرئيسِ الأمريكي، ووليِ العهدِ السُعودي، أنْ يَشترِطا -ضِمنَ أيِ اتفاقٍ مُحتمَل- تنحيةَ طموحاتِ إسرائيل في الضفةِ جانِبا.
نَقتبِسُ ذلك، ونحنُ نَعلمُ أنَ لا مكانَ للصِدقِ في مدرسةِ تل أبيب السياسية، وكأنَ خِريجيها درَسوا كِتابَ (الأمير) على يَدِ (أبا إيبان)، ثُمَ أقسَموا عليه...!
2
المَبعوثُ رحمةً إلى (إيران)... ما الجَديدُ في فضائحِ مالي؟
لَمْ أقُلْ في سؤالي (مالي) والمبعوثِ الأمريكي الخاص، إلى إيران، لأنَ فضائحَهُ مُستمِرَة.
ومَعَ أنَنا -في (السياق)- قَتَلْنا هذا المِلفَ تغطية، حتى صارتْ زواياهُ مُستقيمَة، فإنَنا نَجِدُ دائماً المزيد.
أما ما يَجعلُني أرفَعُ حاجِبَــيَّ وأخْتزِلُ كُـلَ تعبيراتِ الدهشةِ في (واو)، فهوَ الخَبرُ الذي كشفتْ عَنهُ حُزمَةُ رسائلِ البريدِ الإلكتروني الحُكوميةِ الإيرانية، المَسروقَةُ والمُسرَبة.
" لقدْ ساعدَ، روبرت مالي، في تَمويلِ ودَعْمِ وتوجيهِ عمليةٍ استخباراتيةٍ إيرانية، تهدفُ إلى التأثيرِ في الإدارةِ الأمريكية، والحُكوماتِ الحليفَة".
إذاً، لَمْ يَعُدِ الرَجُلُ مُجرَدَ (حَمامة)، تُظلِلُ بجَناحَيْها صَيفَ إيران القائظ.
بَلْ أصْبَحَ (المبعوث رحمة) إلى ملالي قُم، إذْ لَمْ يُبْدِ مُرونةً دبلوماسيةً فقَط، إنَما خَدَمَ الأجندةَ الإيرانية، بشكلٍ فِعلي، بعيداً عنْ أيِ التزامٍ لواشنطن.
هكذا تَراهُ إيرانُ نَفسُها، فكيفَ يَراهُ غَيرُها؟
أما أنا، فلا أخلَعُ صاحِبي (مالي).
لذلكَ سأظَلُ أنتظِر، ريثَما تَكشِفُ الأيامُ المُقبلةُ المَزيد، فأعودُ إليكُم بِه...!
3
إلى أيِ مَدى وصَلَ التصعيد... بينَ كنَدا والهِند؟
العاشِرُ مِن أكتوبر، تاريخٌ جَديدٌ للدبلوماسيةِ الهِنديةِ الكنَدية.
طالبتِ نيودلهي، أوتاوا، بسَحْبِ أربعينَ مِنْ دبلوماسييها، البالِغِ عددهُم اثنين وسِتين، مُهدِدَةً برفْعِ الحصانةِ عنهم، إذا بقَوا في البِلاد، بعدَ هذا التاريخ.
يأتي ذلك، على خلفيةِ اتهامِ كنَدا للهِند، باغتيالِ الناشطِ السيخيِ هارديب نيجار، على أراضيها، الشهرَ الماضي، الأمرُ الذي نَفتْهُ الأخيرة.
في تعامُلِها الصارِمِ معَ الخِلاف، بدَتْ ذاكرةُ نيودلهي خاليةً مِنْ حِكمةِ شاعِرِها العظيمِ (طاغور) الذي قالَ إنكَ "لَنْ تَجِدَ القوةَ العظيمةَ في العاصِفة، وإنّما في النَّسيمِ الرقيق".
فمضَتْ قُدُماً في التصعيد، بحُجَةِ أنَها تُريدُ "المُساواةَ" في عدَدِ ورُتَبِ الدبلوماسيين، في البلدَيْن، حتى لو كانتْ أوتاوا تَحتاجُ إلى تَقديمِ خِدماتٍ قُنصلية، لمِليونٍ وثلاثمائةِ ألفِ كنَدي، مِنْ أصولٍ هِنديةٍ وعائلاتهِم.
فبعدَ يومٍ واحِدٍ فقَط، مِنَ اتهامِ رئيسِ الوزراءِ الكندي جاستين ترودو، لَها بالضُلوعِ في اغتيالِ نيجار، فرضتِ الهِندُ حَظراً على التأشيراتِ للكنَديين، وفقاً لصحيفةِ فاينانشال تايمز.
لكنَ كنَدا لا تستجيب، وتمتنِعُ عَنْ تَبادُلِ المعلوماتِ معَ الهِند، حِمايةً لمصادرِها، وتَضرِبُ طَوقاً مِنَ السِرية، على الكيفيةِ التي جمعتْ بِها المعلوماتِ المُتعلقةَ باغتيالِ الناشطِ السيخي.
ويَزْدادُ غَضَبُ الهِند... حتى لا يرى أحَدٌ تهدئةً تلوحُ في الأفُق...!
4
هَلْ تُخَطِطُ ألمانيا... لإسقاطِ جورجيا ميلوني؟
لَعَلَ الضربَ تَحتَ الحِزام... اختِراعٌ أوروبيٌ حَصرِي.
وإلاّ فما الذي يَجْعَلُ ألمانيا، تَحْشُرُ أنفَها في الشأنِ الإيطالي، وتتآمرُ لإطاحةِ حُكومةِ جورجيا ميلوني؟
السؤالُ مِنْ رَصْدِ الكاتبِ البريطاني، غافين مورتيمر، في مَقالٍ نَشرَتْهُ مجلةُ (ذا سبيكتاتور)، بعدَ شائعاتٍ في وسائلِ الإعلامِ الأوروبية، بأنَ حُكومةَ جورجيا ميلوني تتأرجَح، ورُبَما تَؤولُ إلى السُقوط.
ليستِ المرةَ الأولى... ففي عامِ ألفين وأحَدَ عَشَر، بعدَ استقالةِ برلسكوني، شكّلَ ماريو مونتي حُكومتَه، مُعتمِدًا على تكنوقراطٍ غَيرِ مُنتخَبين، ما دفَعَ الأولَ إلى اتهامِهِ "بتبَني قواعِدِ التقشُف، التي اقترَحتْها ألمانيا".
ورغمَ فَشلِها في الحَدِ مِنَ الهِجرة، ووقفِ التدهورِ الاقتصاديِ المُتسارِع، حيثُ انكمشَ الناتِجُ المحليُ الإجمالي، بنسبةِ أربعةِ أعشارٍ في المئةِ بالرُبعِ الثاني، وكذلكَ قطاعُ التصنيع، فإنَ لدينا سؤالًا: هَلْ ميلوني قويةٌ بِما يكفي، لجعلِ برلين تندَم؟!
هذا ما تُكرِرُهُ حتى الآن، قائلةً إنَ حُكومتَها لَنْ تَسقُط، نتيجةَ مؤامَرة، "فما حَدَثَ للآخَرينَ لَنْ يَحدُثَ مَعي"...!
وحَسْبَ المقال، وضَعَ الأوروبيونَ استراتيجيةَ "الهجومِ" عليها، مُنذُ انتِخابِها، العامَ الماضي، رغمَ أنَ بعضَ اليمينيين، يَرونَها (ليبراليةً للغاية).
ولأنَها الدولةُ الأكثرُ تأثُراً بالمُهاجِرين، تَدفَعُ إيطاليا أمولاً طائلة، للحَدِ مِنَ الظاهِرة، فقَدْ وقَّعتْ -بالشراكةِ مَعَ المُفوضيةِ الأوروبية- صَفقةً مَعَ تونُس، بثمانمئةٍ وسِتينَ مِليونَ جُنيهٍ استرليني، لمُكافحةِ الهِجرة.
لكنْ، ما الذي يجعلُ الخارجيةَ الألمانية، تُساهِمُ بسبعمئةٍ وتِسْعينَ ألفَ يورو، لسُفُنٍ غَيرِ حُكومية، تَجمَعُ المُهاجرينَ قبالةَ سواحلِ شمالِ إفريقيا، وتَرسو بهِم على الأراضي الإيطالية؟
كانتْ هذه فحوى رِسالةِ ميلوني الغاضِبة، إلى المُستشارِ أولاف شولتز.
وفي الشهرِ الماضي، أبلغتْ برلين، روما بأنَها لَنْ تَقبَلَ مُهاجِرين، حتى إشعارٍ آخَر، وعادَ البلدانِ إلى الاشتِباك، الأسبوعَ الماضي، حيثُ حاولَتْ دِولُ الاتحادِ الأوروبي -مِنْ دونِ جَدوى- التوصُلَ إلى اتفاقيةٍ جَديدةٍ للهِجرة.
يقولُ مورتيمر إنَ "وقاحةَ ألمانيا غريبة، لذا وُصفتْ مؤخرًا بأنَها (رجُلُ أوروبا المريض)، بسببِ اقتصادِها العليل، كما أنَها تُعرَفُ بـ (المُنافِقِ الأكبَر)، وستُلقَبُ بـ (المُتآمِرِ الأكبَر )، إنْ تمكنَتْ مِنْ إسقاطِ ميلوني... وهيهات... هيهات...!