أوراق السعودية ضد أمريكا تحبط بايدن.. تخفيضات النفط تعمق جراح واشنطن

تقول صحيفة فايننشال تايمز، إن الجهود المتجددة التي تبذلها المملكة العربية السعودية وروسيا، لدفع سعر النفط نحو 100 دولار للبرميل، تهدد بمشكلة أخرى للرئيس جو بايدن، الذي يضع سجله في الاقتصاد الأمريكي وإحباط التضخم، في قلب محاولة إعادة انتخابه.

أوراق السعودية ضد أمريكا تحبط بايدن.. تخفيضات النفط تعمق جراح واشنطن

ترجمات – السياق

تخفيضات إمدادات النفط من السعودية وروسيا، ستؤدي إلى نقص كبير في الإمدادات، وتهدد بتجدد تقلبات الأسعار، تحذيرات أطلقتها وكالة الطاقة الدولية، معبرة عن مخاوفها من أن أسواق النفط العالمية تواجه عجزًا قدره 1.2 مليون برميل يوميًا، خلال النصف الثاني من عام 2023.

جاء ذلك بعد الإعلانات الصادرة الأسبوع الماضي، من قادة "أوبك بلس" بأنهم سوف يمدون التخفيضات حتى نهاية العام، ما يشكل مخاطر على المستهلكين، حسب الوكالة الدولية.

وذكرت وكالة «بلومبرغ»، أنه حتى لو خفضت السعودية وروسيا قيودهما أوائل عام 2024، فإن مخزونات النفط ستنضب بشدة، ما يترك الأسعار عرضة للصدمات.

وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت إلى أعلى مستوى في عشرة أشهر فوق 92 دولارا للبرميل، الثلاثاء.

وقال توريل بوسوني، رئيس قسم سوق النفط في وكالة الطاقة الدولية، لـ "بلومبرغ" الأربعاء: «السوق تضيق بالفعل في النصف الثاني من العام. لقد شهدنا في أغسطس الماضي انخفاض مخزونات النفط العالمية بكم هائل بلغ 75 مليون برميل، وفقًا للبيانات الأولية».

وحسب «بلومبرغ»، فإن السعودية ودول أوبك بلس تقول بانتظام إن تدخلها يهدف إلى تحقيق التوازن في الأسواق، لكن البيانات الخاصة بالمجموعة الصادرة الثلاثاء، تشير إلى فجوة أكبر بالعرض في الربع المقبل تزيد على 3 ملايين برميل يوميًا، وهي الأكبر منذ عام على الأقل. ولم يقدم تحالف "أوبك بلس" سوى قليل من التوضيح لاستراتيجيته الحالية، حسب الشبكة.

وقالت وكالة الطاقة الدولية، إن مخزونات النفط ستكون عند مستويات منخفضة بشكل غير مريح، ما يزيد خطر حدوث موجة أخرى من التقلبات، لن تكون في مصلحة المنتجين ولا المستهلكين، في ضوء البيئة الاقتصادية الهشة.

 

ماذا يعني ذلك؟

تقول «بلومبرغ»، إن من المحتمل أن تكون هذه قضية سياسية للرئيس جو بايدن، حيث يستعد لحملة إعادة انتخابه العام المقبل ولا يزال الناخبون يعانون ارتفاع التضخم وأسعار البنزين التي تقترب من 4 دولارات للغالون.

ويمثل تقرير وكالة الطاقة الدولية انتقادًا أكثر وضوحًا للشراكة السعودية الروسية مقارنة بالماضي، مع التركيز على انقطاع الطاقة وارتفاع التضخم نتيجة حرب موسكو ضد أوكرانيا، حسب «بلومبرغ».

وقالت وكالة الطاقة الدولية ومقرها باريس، في تقريرها الشهري الأربعاء إن «التحالف السعودي الروسي يشكل تحديًا هائلًا لأسواق النفط. إن تمديد تخفيضات الإنتاج من المملكة العربية السعودية وروسيا حتى نهاية العام، سيتسبب بعجز كبير في السوق خلال الربع الأخير».

وقال فاتح بيرول، المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية -الثلاثاء- إن الطلب على النفط قد يصل إلى أقصى مستوى له هذا العقد، مع تحول المستهلكين إلى الطاقة المتجددة لتجنب تغير المناخ الكارثي.

وخفضت وكالة الطاقة الدولية تقديراتها للطلب العالمي على النفط لكل عام منذ 2022 بـ 400 ألف برميل يوميًا. أدى التعديل التاريخي إلى تقليص توقعات عجز العرض المتوقع في وقت لاحق من هذا العام حتى مع تقييد أعضاء "أوبك بلس" العرض بشكل أكبر.

 

كيف يؤثر في علاقة الرياض بواشنطن؟

تقول «فايننشال تايمز»، إن الجهود المتجددة التي تبذلها المملكة العربية السعودية وروسيا، لدفع سعر النفط نحو 100 دولار للبرميل، تهدد بمشكلة أخرى للرئيس جو بايدن، الذي يضع سجله في الاقتصاد الأمريكي وإحباط التضخم، في قلب محاولة إعادة انتخابه.

وحسب الصحيفة البريطانية، فإن التحرك السعودي لرفع أسعار النفط «يخاطر بإعادة فتح الخلاف بين السعودية وواشنطن، في الوقت الذي تسعى الولايات المتحدة إلى التوصل إلى اتفاق تاريخي لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة، وتحاول تعزيز تحالف ضد روسيا باجتماع مجموعة العشرين، في الهند».

فـ«ليس لدى السعوديين كثير من الأصدقاء في واشنطن بالوقت الحالي»، يقول رعد القادري، المحلل في مجموعة أوراسيا في واشنطن، مضيفًا: «هناك بالتأكيد خطر أن تصبح هذه الدول الدليل الأول، إذا أرادت واشنطن إلقاء اللوم على شخص ما في ارتفاع أسعار النفط، أو تباطؤ الاقتصاد مرة أخرى».

وتقول «فايننشال تايمز»، إن تمديد التخفيض يأتي أيضًا في وقت حساس محليًا للبيت الأبيض، الذي سلط الضوء على تعزيز الاقتصاد وتباطؤ التضخم كعلامة على نجاح «اقتصاد البينيد».

وتميل أسعار الوقود إلى لعب دور كبير في تصورات الناخبين للاقتصاد، ويقول المحللون إن تشديد سوق النفط يمكن أن يدفع النفط الخام إلى 100 دولار للبرميل قبل نهاية العام، ما يدفع تكاليف الوقود إلى الارتفاع، في الوقت الذي يبدأ التضخم التراجع في الاقتصادات الغربية.

وقال ريتشارد برونز، المؤسس المشارك لشركة إنرجي أسبكتس الاستشارية: «الخطر للبيت الأبيض أن ارتفاع أسعار البنزين لديه القدرة على عكس الشعور بأن الوضع يتحسن وأن التضخم آخذ في الانخفاض».

وقد زود تضخم أسعار الوقود -الذي يظهر في الأضواء الساطعة على طول الطرق الرئيسة في البلاد- لخصوم بايدن الجمهوريين بخطوط هجوم قبل الانتخابات الرئاسية العام المقبل. وهم يلومون البيت الأبيض على منح الأولوية لسياسة المناخ على إنتاج النفط المحلي.

«إنهم يستخدمون البيئة لتدمير الناس. لدينا الذهب السائل تحت أقدامنا. كنا نصنع ثروة»، قال دونالد ترامب، الرئيس السابق، المرشح الجمهوري الأوفر حظًا في الانتخابات التمهيدية، في مقابلة مع مجلة نيوزماكس، مضيفًا: «ثم أوقف ذلك. سوف نحفر، يا عزيزي، الحفر... سوف نخفض أسعار الطاقة كثيرًا».

العام الماضي، عندما اندلعت أزمة أسعار الطاقة العالمية، في أعقاب العملية العسكرية الروسية واسعة النطاق لأوكرانيا، بذل البيت الأبيض قصارى جهده مع ارتفاع أسعار البنزين إلى ما يزيد على 4 دولارات، وهي عتبة حساسة سياسياً.

 

علاقة باردة

وأشار كريس كريستي، حاكم ولاية نيوجيرسي السابق، الذي يخوض الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، إلى أن علاقة بايدن الباردة بالرياض سبب عقد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان «هذه الصفقة مع روسيا» لخفض مزيد من إمدادات النفط.

وقال كريستي لقناة فوكس بيزنس الأربعاء: «إن ولي العهد يوصل رسالة إلى جو بايدن: لن تكون لكم علاقة جيدة معنا، حسنًا، ستكون لدينا علاقة جيدة بروسيا».

وتساءل تجار الطاقة أيضًا عن سبب تمديد المملكة العربية السعودية تخفيضات إنتاجها النفطي، لارتفاع الأسعار بشكل حاد في الأشهر الثلاثة الماضية.

ويقول مراقبو "أوبك" إن موقف المملكة دقيق، حتى مع تزايد التكهنات بالدور الذي يمكن أن تلعبه الرياض في انتخابات أمريكية متقاربة.

ويقول محللون إن جهود البيت الأبيض، لإعادة بناء العلاقات بالرياض -وهو تراجع عن الوعد الذي قطعه بايدن خلال حملته الانتخابية بجعل المملكة منبوذة- سبب رد فعل الإدارة المخفف على إعلان التخفيضات هذا الأسبوع.

وذلك يتناقض -بشكل صارخ- مع أكتوبر الماضي، عندما قادت المملكة العربية السعودية منظمة أوبك وحلفاءها لأول مرة في خفض الإنتاج، ما دفع البيت الأبيض إلى اتهام المنظمة بـ«التحالف» مع روسيا، بعد أن غزت أوكرانيا وتسببت بأزمة طاقة في أوروبا.

وقال جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي لبايدن، بعد أن أعلنت الرياض التخفيضات الإضافية، إن البيت الأبيض سيواصل «التواصل المنتظم مع السعوديين»، لكنه أشار أيضًا إلى أن «المقياس النهائي للحكم على نجاح بايدن سيكون سعر جالون الغاز للمستهلك الأمريكي».

ويقول محللون إن السعودية تأمل أيضًا الحصول على نفوذ في مناقشاتها مع البيت الأبيض. لدى المملكة قائمة طويلة من الطلبات، بدءًا من الدعم العسكري القوي، حتى دعم برنامج نووي مدني.

وتظل الوعود بالتدخل إذا ارتفعت أسعار النفط مرتفعة للغاية، ورقة قوية يمكن للرياض استخدامها. وتضمن إعلانها مراجعة شهرية للتخفيضات التي يقول المحللون إنها يمكن أن تستخدم ورقة مساومة في المفاوضات، خاصة مع انطلاق الحملة الانتخابية.

وقالت كارين يونغ من مركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا: «أعتقد أن المملكة العربية السعودية تتمتع بنفوذ في عدد من القضايا في الوقت الحالي. في وجود إدارة تدخل في دورة انتخابية، فإنهم يحملون كثيرًا من الأوراق».