بعد ستة عقود.. السودان يلغي رسميًا قانون مقاطعة إسرائيل
قانون مقاطعة إسرائيل، الذي جرى إلغاؤه، كان يحظر على أي شخص، أن يعقد بشكل مباشر أو غير مباشر، اتفاقًا من أي نوع مع هيئات أو أشخاص مقيمين في إسرائيل

فريق تحرير - السياق
عندما التقى رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في مدينة عنتبي الأوغندية، مطلع عام 2020، وصف الكثيرون اللقاء بـ "التاريخي"، وأنه يمهِّد لإنهاء سنوات من الخصومة بين البلدين، ويفتح الباب أمام التطبيع بينهما.
والآن، بعد نحو عام ونصف العام، من اللقاء، ألغى السودان رسميًا قانون مقاطعة إسرائيل القائم منذ 1958، بموافقة مجلسي السيادة والوزراء.
اجتماع مشترك
وقال وزير العدل السوداني، نصر الدين عبدالباري، في تغريدة على "تويتر": "أجزنا قبل قليل، في اجتماع مشترك لمجلسي السيادة والوزراء، مشروع قانون إلغاء قانون مقاطعة إسرائيل".
أجزنا قبل قليل في الاجتماع المشترك لمجلسي السيادة والوزراء مشروع قانون التعديلات المتنوعة (اعتماد النظام المالي المزدوج)، ومشروع قانون الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، ومشروع قانون الاستثمار، ومشروع قانون بالغاء قانون مقاطعة اسرائيل.
— Nasredeen Abdulbari (@nasabdulbari) April 19, 2021
وفي السادس من أبريل الماضي، أجاز مجلس الوزراء السوداني، قانون مقاطعة إسرائيل، بتوصية من وزير العدل، قبل أن يرفعه إلى الاجتماع المشترك لمجلسي السيادة والوزراء، ويُجاز أمس.
ويجيز الاجتماع المشترك لمجلسي السيادة والوزراء، القوانين، في ظل عدم تشكيل المجلس التشريعي الانتقالي، حتى الآن، لذلك فإن إجازة مشروع القانون نهائية، ولا تحتاج إلى تصديق، من أي جهة أخرى، وبذلك أصبح إلغاء قانون المقاطعة نهائيًا.
كل الدول عدا إسرائيل
كان السودان، قد أجرى تعديلات، على قانون الجنسية والجوازات، سحب بموجبه، العبارة الشهيرة على الجواز السوداني "كل الدول عدا إسرائيل" في إشارة إلى السماح لحامله، بالسفر إلى جميع الدول، عدا إسرائيل.
هذه الخُطوة، جاءت عقب حوار بين الخرطوم وتل أبيب، قادته الإدارة الأمريكية السابقة، في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.
وفي السادس من يناير الماضي، وقَّعت السودان اتفاقية التطبيع مع إسرائيل، لتصبح ثالث دولة عربية، بعد الإمارات والبحرين، توقِّع "الاتفاق الإبراهيمي".
ماذا يعني قانون المقاطعة؟
قانون مقاطعة إسرائيل، الذي جرى إلغاؤه أمس، كان يحظر على أي شخص، أن يعقد بشكل مباشر أو غير مباشر، اتفاقًا من أي نوع، مع هيئات أو أشخاص، مقيمين في إسرائيل، أو مع هيئات أو أشخاص يعلم أنهم ينتمون بجنسيتهم إلى إسرائيل، أو يعملون لحسابها.
ويحظر التعامل، مع الشركات والمنشآت الوطنية والأجنبية، التي لها مصالح أو فروع، أو توكيلات عامة في إسرائيل.
كما يحظر قانون المقاطعة، أي نوع من الاتجار في البضائع، والسلع والمنتجات الإسرائيلية، سواء وردت من إسرائيل مباشرة، أو بطريق غير مباشر، ويعاقب مخالفه بالسجن 10 سنوات، مع غرامة مالية، وفي كل حالات الإدانة، يحكم بمصادرة الأشياء المضبوطة.
تبادُل الزيارات
قرار السودان، القاضي بإلغاء قانون مقاطعة إسرائيل، يُعَدُّ خطوة تمهِّد الطريق لزيارات رسمية، ولمزيد من العلاقات الدبلوماسية، وفتح المجال أمام التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين.
وكان من المقرَّر، زيارة وفد حكومي سوداني إلى تل أبيب، الأسبوع الماضي، حسب وكالة رويترز.
لكن الحكومة السودانية، نفت ذلك، بينما ذكرت مصادر، أن زيارة الوفد الحكومي إلى تل أبيب، تَمَّ تأجيلها، حتى صدور قرار إلغاء قانون مقاطعة إسرائيل، كي لا يتعرَّض المسؤولون إلى المساءلة، لكن قرار إلغاء القانون، الذي صدر أمس، سيفتح الباب أمام تبادُل الزيارات، بين السودانيين والإسرائيليين.
كوهين يزور السودان
زار وفد رسمي إسرائيلي، برئاسة وزير المخابرات إيلي كوهين، السودان للمرة الأولى، في يناير الماضي.
وقال كوهين، أول وزير إسرائيلي يقوم بزيارة من هذا القبيل -في بيان- بعد العودة إلى إسرائيل: "لديّ ثقة بأن هذه الزيارة تضع الأسس لكثير من أوجه التعاون المهمة، التي ستساعد إسرائيل والسودان، وستدعم كذلك الاستقرار الأمني في المنطقة".
وقالت المخابرات الإسرائيلية (آنذاك) إن أعضاء الوفد التقوا رئيس مجلس السيادة، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، ووزير الدفاع ياسين إبراهيم، وأجروا محادثات بشأن القضايا الدبلوماسية والأمنية والاقتصادية.
وجاء في البيان، أن السلطات السودانية، أطلعت الوفد الإسرائيلي، على تقدمها بشأن إلغاء قانون مقاطعة إسرائيل، وتعديل قانون حبس المهاجرين السودانيين، بمن في ذلك (مَنْ يسافرون) إلى إسرائيل، الذين يعودون إلى السودان.
وفد سوداني يعتزم زيارة إسرائيل
في المقابل، يستعد السياسي ورجل الأعمال السوداني، أبو القاسم برطم، لتنظيم رحلة إلى إسرائيل، تضم أربعين سودانيًا، من مختلف الفئات، لتعجيل التطبيع بين الخرطوم وتل أبيب.
وقال برطم، في مقابلة مع "السياق"، إن الهدف من الزيارة هو كسر الحاجز النفسي بين السودانيين وإسرائيل، مشيرًا إلى أن الخلاف الموجود، خلاف سياسي وليس دينيًا.. "محتاجين نكسر الحاجز الموجود لدينا في السودان".
وبشأن تأخُّر زيارة الوفد إلى تل أبيب، قال برطم، إن فيروس كورونا، من الأسباب الرئيسة، التي عطَّلت زيارة الوفد، وأضاف: "لكن أتوقع أن تتم الزيارة قريباً".
كما سيمنح قرار إلغاء قانون مقاطعة إسرائيل، ما تبقى من يهود السودان، حرية أكبر لزيارة إسرائيل ولم شملهم مع الأسر اليهودية، التي غادرت السودان، عندما قام جعفر نميري -الرئيس السوداني الأسبق- بالتأميم ومصادرة أملاك اليهود في السودان.
تعليق إسرائيلي
وكان وزير الاستخبارات الإسرائيلي، إيلي كوهين، صرح بأن إلغاء السودان قانون مقاطعة إسرائيل "خُطوة ضرورية نحو توقيع اتفاق سلام"، حسب قناة "كان" الرسمية.
وأضاف كوهين: "هذه خُطوة مهمة وضرورية، نحو توقيع اتفاق سلام بين البلدين".
وبحسب موقع "واللا" الإسرائيلي، فإن إلغاء القانون، كان مطلبًا إسرائيليًا، كجزء من عملية التطبيع، بين السودان وإسرائيل.
وذكر الموقع، أن تل أبيب أبلغت الحكومة السودانية، بأنه من دون إلغاء القانون، سيكون من الصعب تعزيز العلاقات الاقتصادية، خاصة الاستثمارات الإسرائيلية في السودان.
واشنطن ترحب
إلى ذلك، رحبت الولايات المتحدة الأمريكية، بقرار السودان إلغاء قانون مقاطعة إسرائيل.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية، في بيان، إن قرار السودان، بإلغاء قانون مقاطعة إسرائيل، يُعَدُّ خطوة تاريخية، ستوفَّر فُرصًا كبيرة لشعوب المنطقة.