في الذكرى التاسعة لتأسيسه.. هل نجح التحالف الدولي في القضاء على داعش؟
يقول الباحث المتخصص في الشأن الأمني إبراهيم عرفات، في تصريحات للسياق، إن التحالف الدولي حقق الهدف القريب الذي تأسس له، بتخليص العراق وسوريا من داعش، إلا أن لديه مرحلتين أساسيتين، هما:..

السياق
بعد 9 سنوات من تشكيله، لم يقتصر دور التحالف الدولي لمكافحة تنظيم داعش على الضربات الأمنية، التي قطفت رؤوس قادة عدد كبير من التنظيم الإرهابي، بل تخطاه إلى دعم حكومات وجيوش كانت تعاني انتشار التنظيمات الإرهابية والمنتمين إليها.
سياسة انتهجها التحالف الدولي، آتت أكلها في مكافحة التنظيمات الإرهابية، إلا أن انتشار «داعش» والتنظيمات الإرهابية الأخرى، بعمليات تحت تكتيك «الذئاب المنفردة»، أثار المخاوف من إمكانية أن تعيد تلك المجموعات الإرهابية، لملمة نفسها، لإعادة ما يعرف بـ«العصر الذهبي».
تلك المخاوف دفعت وزراء التحالف الدولي، إلى الاجتماع في يونيو الماضي، لإصدار بيان، أكدوا فيه أهمية تخصيص الموارد الكافية لدعم التحالف، وإطلاق حملة تعهد مالي من أجل الاستقرار، لجمع 601 مليون دولار للمناطق المحررة من داعش في العراق وسوريا.
هل حقق التحالف الدولي أهدافه؟
يقول الباحث المتخصص في الشأن الأمني إبراهيم عرفات، في تصريحات لـ«السياق»، إن التحالف الدولي حقق الهدف القريب الذي تأسس له، بتخليص العراق وسوريا من داعش، إلا أن لديه مرحلتين أساسيتين، الأولى: استكمال مهمة ملاحقة داعش في العراق وسوريا، وتجفيف جيوب التجنيد، واستهداف القيادات التي لا تزال في منطقة الشام، إما بشكل منفرد وإما عبر عمليات مشتركة مع قوات الأمن في العراق وقوات سوريا الديمقراطية في سوريا.
وأوضح الباحث المتخصص في الشأن الأمني، أن المرحلة الثانية تتمثل في توسيع نطاق العمليات، لتشمل نقاط تمركز داعش في قارتي آسيا وإفريقيا، مشيرًا إلى أن النجاح الأبرز للتحالف يتمثل في ملاحقة فلول داعش، سواء عبر ملاحقة المسلحين والقيادات، أم إعادة تأهيل قدرات الأجهزة الأمنية العراقية التي تنفذ عمليات نوعية ضد التنظيم.
إلا أن العقبة الأبرز التي تواجه اكتمال نجاح النموذج العراقي، تتمثل في إعادة دمج مسلحي داعش «التائبين» للاندماج في المجتمع، بخلاف تمكين ضحايا التنظيم وتأهيلهم نفسيًا ومهنيًا، حسب عرفات.
لماذا تعثرت جهود التحالف في سوريا؟
يقول الباحث في الشأن الأمني، إن الصراع بين واشنطن ودمشق من ناحية، واستمرار الأزمة السياسية السورية التي انعكست على مركزية الدولة من ناحية أخرى، يعطلان نجاح جهود التحالف وتكرار النموذج العراقي.
وأوضح عرفات، أن التحالف يربط بين فاعلية استراتيجيته الأمنية والعسكرية بالتسوية السياسية في سوريا، وفق قرار مجلس الأمن رقم 2254، مستدلًا على رؤيته، ببيان التحالف في يونيو 2023، الذي أشار إلى أن جهوده تقتصر على دعم استقرار «المناطق المحررة من داعش»، إضافة إلى التركيز على حل سياسي للنزاع في سوريا.
وأشار الباحث في الشأن الأمني، إلى أن اختلاف وجهات النظر، دفع التحالف إلى تركيز جهوده في سوريا، على الجانب الإغاثي ومساعدة برامج إعادة إدماج العائدين إلى سوريا.
نشاط التحالف
يقول عرفات، إن هناك صعوبات أمام تلك الخطوة، أبرزها: تلك المرتبطة بالسيادة، وصعوبة موافقة الدول على تدخل خارجي لمحاربة داعش، خصوصًا إفريقيا جنوب الصحراء، وتحديدًا في منطقة الساحل، نتيجة تجربتهم غير الموفقة جراء عملية برخان التي كانت تقودها فرنسا.
وأشار إلى أن هناك صعوبة أخرى تتمثل في الجانب الميداني ذات الطبيعة المختلفة، عن تلك التي كانت بالعراق وسوريا، وصعوبة دخول التحالف عسكريًا هناك، بخلاف الرفض الشعبي المتوقع لهذا التدخل.
وأكد أن التحالف لا يزال ينفذ مهمته، لكن يجب أن يطور أدواته، خاصة أن اقتصاره على الجانبين العسكري والإغاثي، لن ينهي وجود داعش.
هل أنهى التحالف مهمته؟
في السياق نفسه، قال الدكتور غازي فيصل حسين، مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، في تصريحات لـ«السياق»، إن التحالف الدولي للحرب على الإرهاب، الذي شُكل من قِبل الولايات المتحدة وأكثر من 82 دولة من حلفائها، بناءً على دعوة العراق، لم ينهِ مهمته، حتى الآن.
وأوضح غازي أن التحالف الذي تتركز قدراته على القوة الجوية واللوجستية والعملياتية، إلى جانب دعم القوات المسلحة العراقية وانتشار القوات الأمريكية في قواعد عدة، استطاع تقويض قدرات تنظيم داعش الإرهابي.
وشدد مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، على أن «الانتصار الكبير الذي حققه التحالف على داعش عام 2017، يتطلب انتصارًا سياسيًا وثقافيًا وفكريًا، لمواجهة فكر التنظيم الإرهابي، الذي يتجسد في تأويلات خاطئة ومنحرفة للنصوص القرآنية».
وحسب مدير المركز العراقي، فإن المعركة -بجوانبها السياسية والأخلاقية والفكرية الفلسفية- يجب أن تستمر، بالتوازي مع العمليات العسكرية في الأنبار أو في جبال حمرين أو في أطراف الموصل، حيث يوجد عدد من البؤر لتنظيم داعش الإرهابي، الذي فقد قدرته على القيادة والسيطرة والاستخبارات وتنفيذ عمليات مشتركة ذات أهمية عسكرية.
وأشار إلى أن التحالف بقيادة الولايات المتحدة، حقق نجاحًا ملموسًا، إذ استطاع تصفية زعيم داعش الأول أبو بكر البغدادي، وعدد من قيادات داعش في سوريا أو العراق، بخلاف تصفية أحد القيادات البارزة شمالي سوريا.
هل انتهى خطر داعش؟
نفى مدير المركز العراقي، أن يكون خطر «داعش» انتهى، مستدلًا على تصريحه، بتحول أفغانستان إلى بؤرة خطيرة لانطلاق العمليات في آسيا، إضافة إلى تموضع التنظيم الإرهابي في قلب القارة الإفريقية، وتحديدًا في نيجيريا ومالى وغيرهما من دول الساحل والصحراء.
وأكد ضرورة استمرار الجهود العسكرية واللوچسيتية والعملياتية، بالتزامن مع الجهود السياسية والفكرية والاقتصادية، لمواجهة آليات تجنيد الشباب والفتيات، مما يقوِّض قدرة التنظيم.