سي إن إن: كيف يمكن محاكمة بوتين في المحكمة الجنائية الدولية؟

يمكن محاكمة أي شخص متهم بارتكاب جريمة في اختصاص المحكمة، التي تشمل الدول الأعضاء فيها، لكنها تحاكم الأشخاص، وليس الدول، وتركز على أولئك الذين يتحملون أكبر قدر من المسؤولية وهم القادة والمسؤولون.

سي إن إن: كيف يمكن محاكمة بوتين في المحكمة الجنائية الدولية؟

ترجمات - السياق

تساءلت شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية، عن إمكانية محاكمة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في المحكمة الجنائية الدولية، بعد الدعوات التي وصفتها بـ"الكثيرة والمتنامية" لملاحقته.

وأشارت الشبكة، في تقرير، إلى إعلان المحكمة الأربعاء الماضي، أنها ستشرع على الفور في تحقيق نشط بجرائم حرب محتملة، عقب الغزو الروسي لأوكرانيا.

وذكرت الشبكة أن استخدام روسيا للقنابل العنقودية والقنابل الفراغية، في مناطق مزدحمة بالعديد من المدنيين وراء بعض الشكاوى، وهو ما دفع تحالف من دول عدة للمطالبة بتحقيق المحكمة الجنائية الدولية في الأمر.

وانتقدت الشبكة بطء سير التحقيقات في المحكمة الجنائية الدولية، قائلة إنه إذا كانت العدالة تسير ببطء بشكل عام، فإن العدالة الدولية بالكاد تتحرك، حيث تستغرق التحقيقات في المحكمة الدولية سنوات عدة، كما أنها لم تنجح سوى في عدد قليل فقط من الإدانات.

واستعرضت الشبكة مجموعة من جرائم الحرب وحركة العدالة الدولية في شكل أسئلة وأجوبة، كالتالي:

 

ما المحكمة الجنائية الدولية؟

يقع مقر المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا، أنشئت بموجب معاهدة تسمى نظام روما الأساسي، عُرض لأول مرة على الأمم المتحدة، لكن المحكمة تعمل بشكل مستقل.

وتعد أغلبية الدول (123 دولة) أطرافاً في المعاهدة، لكن هناك استثناءات كبيرة جدًا وملحوظة، بما في ذلك روسيا والولايات المتحدة.

 

مَن يمكن أن يُحاكَم مِن قِبل المحكمة؟

يمكن محاكمة أي شخص متهم بارتكاب جريمة في اختصاص المحكمة، التي تشمل الدول الأعضاء فيها، لكنها تحاكم الأشخاص، وليس الدول، وتركز على أولئك الذين يتحملون أكبر قدر من المسؤولية وهم القادة والمسؤولون.

وفي حين أن أوكرانيا ليست عضواً في المحكمة، إلا أنها قبلت اختصاصها بالتحقيق في جرائم وقعت على أراضيها، ولذا فإنه يمكن نظريًا توجيه لائحة اتهام إلى بوتين من قِبل المحكمة، لأمره بارتكاب جرائم حرب في شبه جزيرة القرم، ومع ذلك فإن المحكمة لا تجري محاكمات غيابية، لذلك يتعين إما تسليمه من قِبل روسيا وإما إلقاء القبض عليه خارجها، وهو ما يبدو أمراً غير مرجح.

 

ما الجرائم التي تتعامل معها المحكمة؟

كان الهدف من المحكمة الجنائية الدولية، أن تكون "الملاذ الأخير" وليس أن تحل محل نظام العدالة في أي بلد، وتعمل هيئتها، التي تضم 18 قاضياً لمدة تسع سنوات، على المحاكمة في أربعة أنواع من الجرائم: الإبادات الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم العدوان، وجرائم الحرب.

 

ما جريمة الحرب؟

للمحكمة الجنائية الدولية تعريفات محددة للإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمة العدوان، وهي مذكورة في دليل منشور على موقعها الإلكتروني، ولكن يعد استهداف السكان المدنيين، وانتهاك اتفاقيات جنيف، واستهداف مجموعات معينة من الناس، والمزيد من الإجراءات الأخرى في أوكرانيا، من جرائم الحرب الروسية المحتملة.

 

ما القنابل العنقودية والقنابل الفراغية؟

الاستخدام المخيف من قِبل روسيا للأسلحة المحظورة، الذي أدى لعمليات قتل من دون تمييز، هو ما يناقشه الناس الآن، كجريمة حرب روسية محددة للغاية، فمن خلال استخدام القنبلة العنقودية، يُطلق صاروخ وينفجر في الهواء على ارتفاع آلاف الأقدام، مطلقاً قنابل أصغر تنفجر كل منها عندما تسقط على الأرض، وقد أكدت منظمة العفو الدولية سقوط قنبلة عنقودية روسية على حضانة أوكرانية.

بينما تمتص "القنابل الفراغية"، أو الأسلحة الحرارية، الأكسجين من الهواء المحيط لتوليد انفجار قوي وموجة ضغط كبيرة، يمكن أن تكون لها تأثيرات مدمرة هائلة، وقد سبق أن استخدمتها روسيا في الشيشان، كما رصد فريق "سي إن إن" قاذفة صواريخ حرارية، بالقرب من الحدود مع أوكرانيا، أواخر الشهر الماضي.

 

هل روسيا تستخدم هذه الأسلحة؟

أبلغت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس جرينفيلد، الجمعية العامة للأمم المتحدة -الأربعاء الماضي- بأن روسيا تستعد لاستخدام هذه الأسلحة، كما تشعر الولايات المتحدة بالقلق من بوتين والجيش الروسي، وقد يصبحان أكثر وحشية، لأن الغزو لا يسير بالسلاسة التي خططا لها.

 

ماذا يقول قادة العالم؟

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن استهداف الطائرات الروسية لمناطق مدنية يعد جريمة حرب، بينما قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أمام برلمان بلاده: "ما رأيناه من نظام بوتين، في استخدام الذخائر التي ألقاها على المدنيين الأبرياء، مؤهل لاعتباره جريمة حرب".

ولكن توقف الرئيس الأمريكي جو بايدن عن القول إن بوتين ارتكب جريمة حرب، وقال: "نتابع الوضع من كثب، ومن السابق لأوانه قول ذلك".

وفي غضون ذلك، هناك دعم من الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الكابيتول هيل، لتمرير قرار يدعم إجراء المحكمة الجنائية الدولية تحقيقاً في الأمر.

 

كيف تتخذ المحكمة الجنائية الدولية إجراءاتها؟

يمكن إقامة الدعاوى القضائية بإحدى طريقتين، إما من خلال الحكومات الوطنية نفسها، وإما عن طريق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

ولكن تتمتع روسيا، العضو الدائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بحق النقض (الفيتو) على إجراءات المجلس.

 

ما الذي ستحقق فيه المحكمة الجنائية الدولية في ما يتعلق بأوكرانيا؟

قالت المحكمة الجنائية الدولية، في تحقيقها الجديد بجرائم الحرب المحتملة في روسيا، إنها ستنظر جميع الإجراءات في أوكرانيا من عام 2013 إلى الوقت الحاضر.

 

كم من الوقت تستغرق هذه التحقيقات؟

يمكن أن تستغرق تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية وقتًا طويلاً، إذ استمر التحقيق الأولي في الأعمال العدائية شرقي أوكرانيا أكثر من ست سنوات، من أبريل 2014 حتى ديسمبر 2020، وفي ذلك الوقت، قال المدعي العام إن هناك أدلة على جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، لكن تباطأت الخطوات التالية بسبب جائحة كورونا، ونقص موارد المحكمة التي تجري تحقيقات أخرى.

 

لماذا قد تكون محاكمة أوكرانيا الآن مختلفة؟

وفقاً لأستاذ القانون في جامعة نيويورك ريان جودمان، فإن الاحتجاج الدولي الحالي ضد روسيا يبدو فريداً من نوعه، ويمكن أن يمنح المحكمة القدرة على العمل بشكل مختلف.

ويضيف جودمان: "من الصعب الحكم على تحقيق المحكمة الجنائية الدولية، بناءً على الممارسات السابقة، ففي القضية الأوكرانية، سيتلقى المدعي العام الدعم من خلال التدفق غير عادي من المساعدة من عشرات البلدان، الذي أتوقع أن يعقبه ضخ الموارد".

 

كيف ستؤثر قضية المحكمة الجنائية الدولية في النزاع؟

يتابع جودمان: "قد يؤثر التحقيق بشكل سلبي وإيجابي في الوقت نفسه، إذ سيؤثر سلباً في المساحة الدبلوماسية للمفاوضات، لأن بوتين والروس لن يرغبوا في المخاطرة بالاعتقال إذا سافروا خارج البلاد، لكن التحقيق قد يضعف بوتين في الداخل".

 

لماذا الولايات المتحدة وروسيا ليستا عضوين في المحكمة؟

وقَّعت الولايات المتحدة وروسيا المعاهدة التي أنشِئت المحكمة بموجبها، بمعنى أن الدولتين وقعتاها، لكنهما ليستا عضوين في المحكمة.

وانسحبت روسيا من المحكمة عام 2016 بعد أيام من نشرها تقريراً وصفته "سي إن إن" حينها بأنه يمثل "حكم إدانة" لاحتلال روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014، كما أطلقت المحكمة تحقيقاً عام 2016 في جهود روسيا عام 2008 لدعم المناطق الانفصالية في جورجيا، وفي ذلك الوقت، اتهمت فرنسا موسكو أيضاً بارتكاب جرائم حرب في سوريا.

بالنسبة للولايات المتحدة، بينما وقَّع الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون معاهدة إنشاء المحكمة عام 2000، فإنه لم يوصِ مجلس الشيوخ مطلقاً بالتصديق عليها، وعام 2002، انسحبت إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش الولايات المتحدة من أن تكون طرفاً في المعاهدة، وعارضت وزارة الدفاع (البنتاجون) وكذلك العديد من صانعي السياسة الأمريكيين، الانضمام إلى نظام المحاكم الدولية هذا، لأنه قد يفتح المجال أمام اتهامات للجنود الأمريكيين بارتكاب جرائم حرب.

وحينها قال المتحدث باسم البيت الأبيض آري فلايشر: "يعتقد الرئيس جورج دبليو بوش، أن المحكمة الجنائية الدولية معيبة بشكل أساسي، لأنها تعرِّض الرجال والنساء الأمريكيين لخطر المحاكمة من كيان بعيد عن متناول الولايات المتحدة، ويتجاوز قوانين أمريكا، كما يمكنه إخضاع المدنيين والعسكريين الأمريكيين لمعايير تعسفية".

 

كيف دعمت الولايات المتحدة المحكمة؟

معارضة انضمام أمريكا إلى المحكمة، لا يعني أن إدارة بوش عارضت المحكمة نفسها، إذ دعمت جهودها للسعي لتحقيق العدالة بجرائم الإبادة الجماعية في السودان.