بايدن يُخطِّط لاستخدام النظام المالي الأمريكي كسلاحٍ للسياسة الخارجية

أظهر بايدن استعداده لتسليح النظام المالي الأمريكي ضد الأعداء، من خلال استخدام البنوك الأمريكية، كهراوة ضد روسيا، في استمرار واضح لنهج، تم شحذه خلال سنوات أوباما

بايدن يُخطِّط لاستخدام النظام المالي الأمريكي كسلاحٍ للسياسة الخارجية
الرئيس الأمريكي جو بايدن

ترجمات - السياق

 أظهر الرئيس الأمريكي جو بايدن، استعداده لتسليح النظام المالي الأمريكي ضد الأعداء، من خلال استخدام البنوك الأمريكية، كهراوة ضد روسيا، في استمرار واضح لنهج، تم شحذه خلال سنوات أوباما، وزاد استخدامه بقدر كبير، في عهد دونالد ترامب.

هذا الأسبوع، قدَّم قرار بايدن، بمنع المؤسسات المالية الأمريكية، من شراء ديون روسية سيادية جديدة، كعقاب على حملة القرصنة الإلكترونية المزعومة وغيرها من الهجمات، أول نظرة ثاقبة مهمة لموقف الرئيس من العقوبات، الأمر الذي أجَّج المخاوف من الإفراط في استخدامها.

ونقلًا عن محامي تنظيم مصرفي، قالت صحيفة فايننشال تايمز: "يتم الآن تسليح المؤسسات المالية الأمريكية"، في إشارة إلى استخدام العقوبات، كأدوات للسياسة الخارجية.

وجادل الخبراء هذا الأسبوع، بأن حكومة الولايات المتحدة، تترك إدارة السياسة الخارجية الأمريكية للبنوك الأمريكية، أو تستخدمها كـ "قواعد أمامية"، وهو مصطلح عسكري، لتأسيس وجود مسلح دائم خارج حدود الوطن.

كانت العقوبات، أداة ترامب المفضَّلة في السياسة الخارجية، وفرض خلال فترة ولايته، آلاف العقوبات على إيران وسوريا وفنزويلا وكوريا الشمالية والصين، كما أدى ضغط الحزبين "الكونجرس والشيوخ" إلى فرض عقوبات على روسيا.

من جانبهم، يجادل مسؤولو إدارة بايدن، بأنهم يطوّرون مجموعة أدوات اقتصادية أوسع، وسيعملون بشكل أوثق مع الشركاء، وسيكونون أكثر تمييزًا في استخدام العقوبات.

وقال مصدران مُطلِعان على تخطيط البيت الأبيض، إن العقوبات المفروضة على الديون الروسية، لم تكن ضمن الاختيارات في البداية، كجزء من حزمة لمعالجة الإحباط الأمريكي من موسكو، لكن كانت هناك ضغوط من كبار المسؤولين الحكوميين للتوصُّل إلى رد أقوى لا يبدو "بلا أسنان كليًا"، وقال المصدران، إن بايدن على وجه الخصوص، دعم فكرة الاستجابة الأقوى.

وقال مسؤول في مجلس الأمن القومي، إن الإدارة أرادت أن تأخذ الوقت اللازم، لتحديد الرد الصحيح، وشكَّـك في دقة المخاوف بشأن رؤيتها كالتي "بلا أسنان".

وقال مسؤول كبير في الإدارة للصحيفة، إن فريق بايدن كان يدرس "فعالية" الأدوات العقابية الأخرى، إلى جانب العقوبات، مثل التعريفات الجمركية، وقيود الاستثمار، وضوابط التصدير، كما أنه يدرس الحوافز الإيجابية، كالمساعدة الثنائية، والمساعدة المتعددة الأطراف، وإعفاءات الديون.

وشرح المسؤول: "فكَّر عدد منا في البيت الأبيض بعمق، في فن الحُكم الاقتصادي".

خيارات السعودية في الرد على استعداء بايدن قد تُحمِّل واشنطن خسائر فادحة

وقالت أندريا كيندال تيلور، التي تم تعيينها مديرة لمجلس الأمن القومي لروسيا، في عهد بايدن، قبل أن ترفض لأسباب شخصية، إن هيمنة الدولار الأمريكي والريادة الأمريكية في النظام المالي العالمي، الذي يعتمد على نيويورك، على المحك، حيث يمكن لأولئك المستهدفين بالعقوبات، أن يسعوا إلى حماية أنفسهم، من خلال تجنُّب البنوك الأمريكية، والتوجُّه نحو الحيازات غير الدولارية، وهو اتجاه قد يقوِّض الدولار الأمريكي، كعملة احتياطية أساسية، إذا تم تنفيذه بشكل جماعي.

وقالت: "الخطر حقيقي، وعلى الولايات المتحدة، أن تكون على دراية به، بالتمييز في استخدامها للعقوبات، قدر استطاعتها".

وشرحت: "إننا نرى تعاونًا بين روسيا والصين، لتقليل مركزية الولايات المتحدة، في النظام الاقتصادي العالمي، وعلى المدى الطويل، قد يؤدي ذلك إلى إضعاف فعالية أدواتنا في الضغط المالي".

يذكر أن وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، جدَّد الشهر الماضي، دعوته إلى موسكو وبكين، لتقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي وأنظمة الدفع الغربية، خلال زيارة للصين.

ووسَّع البنك المركزي الصيني هذا العام، نطاق تجربة العملة الرقمية، لاستكشاف المعاملات عابرة الحدود، ما يشير إلى أن العملات المُشفَّرة المزدهرة، قد تكون منافسًا آخر للدولار.

وقال مسؤول بارز في الإدارة، إن فريق بايدن، قيَّم بعناية، الإجراءات ضد روسيا وفقًا لـ"نهج قائم على المبادئ"، مدافعًا عن جهوده لفرض تكاليف "دقيقة" ومستهدفة وتجنُّب تضرُّر الدولار.

وأضاف: "أردنا أن تكون الحزمة مسؤولة عن الحد من التداعيات السلبية على الولايات المتحدة والنظام المالي العالمي"، مؤكِّدًا أن أولوية الدولار كانت "مهمة للغاية بالنسبة لنا".

وشرح: "الأمر في مصلحتنا الوطنية، بسبب ميزة تكلفة التمويل التي يوفِّرها، والتي تتيح لنا إمكانية امتصاص الصدمات، وتمنحنا نفوذًا جيوسياسيًا هائلاً".

وأصبح بعض أعضاء فريق بايدن، الذين كانوا قلقين، من الإفراط في استخدام العقوبات، أكثر ارتياحًا لاستخدامها، بمن في ذلك نائب مستشار الأمن القومي للاقتصاد الدولي داليب سينغ، الذي أخبر الكونجرس، عام 2019، بأنه كان "حذرًا" بشأن الإجراءات ضد الديون الروسية، كمسؤول في وزارة الخزانة الأمريكية، عام 2014، بسبب "الآثار غير المتوقَّعة"، لكنه طوَّر وجهة نظره، منذ ذلك الحين، بحُجة أن روسيا كانت أكثر قدرة على استيعاب الضربة، وأن الخطر على المستثمرين، قد انخفض.

وكتب بيتر هاريل، المدير الأول للاقتصاد الدولي والقدرة التنافسية، في مجلس الأمن القومي التابع لبايدن، عام 2018، أن استخدام العقوبات "تفجَّر" خلال العقد الماضي، وأصبح "نطاقًا يندر فيه إجماع الحزبين في واشنطن".

وحتى الآن، لم تعمل إدارة بايدن بتوصيتين، من توصيات بيتر هاريل، هما نشر تحليل التكلفة والعائد لبرنامج العقوبات الأمريكية دورًيا، أو أن يوضح رؤساء الولايات المتحدة مبادئ توجُّه استخدام العقوبات، من البداية.

إلا أن الإدارة تسعى إلى اتباع نهج متعدِّد الأطراف، وهي إحدى توصيات هاريل، الأمر الذي يميِّـزها عن النهج الأحادي لعهد ترامب، الذي دفع الاتحاد الأوروبي عام 2018 إلى توسيع قانون الحظر، الذي يحد من تأثير عقوبات واشنطن على إيران.

وفرضت إدارة بايدن، عقوبات مستهدفة مشتركة، على ميانمار وروسيا، رغم أن خُطوة هذا الأسبوع، ضد الديون الروسية، كانت أحادية، وقال المسؤول إن الحزمة "تم تحديدها بعناية، لزيادة فرصة الشراكة مع الحلفاء".

وقال المسؤول: "غالبًا ما كان علينا أن نتحرك أولًا، قبل جلب شركائنا وحلفائنا معنا بمرور الوقت، ونأمل مرة أخرى، أن تكون لدينا وحدة الهدف نفسها".

وحتى الآن، يقول خبراء مصرفيون، إن الخطر على هيمنة الدولار مستبعد، وإن العقوبات الأمريكية لا تزال فعالة، لأسباب تتضمن ميل البنوك غير الأمريكية إلى اتباعها، بسبب روابط السوق، ومخاطر العقوبات، كما استثنت إدارة بايدن سوق الديون الثانوية والأفراد الأمريكيين، من إجراءات هذا الأسبوع، وأدرجت فترة تهدئة.

وكانت راشيل زيمبا، الخبيرة في السياسات الاقتصادية القسرية، من بين أولئك الذين لم يروا أن الإجراءات الأخيرة، تمثِّل خطرًا حقيقيًا على هيمنة الدولار الأمريكي، قائلة إن عمليات إغلاق كورونا، أدت إلى شعور الناس بارتياح إضافي، تجاه الأصول الدولارية.