هل يصل قاضي الموت إلى سُدة الحكم في طهران؟
بعد أن استقرَّت طهران، على قائمة نهائية ضمت سبعة مرشحين للانتخابات الرئاسية، يعتقد معظم المراقبين، أن رجل الدين المحافظ، رئيس السلطة القضائية، إبراهيم رئيسي هو المرشح الأكثر حظاً

ترجمات - السياق
بعد أن استقرَّت طهران، على قائمة نهائية ضمت سبعة مرشحين للانتخابات الرئاسية، المقرَّر عقدها في 18 يونيو المقبل، يعتقد معظم المراقبين، أن رجل الدين المحافظ، رئيس السلطة القضائية، إبراهيم رئيسي (60 عاماً)، هو المرشح الأكثر حظاً، لتولي مهام رئاسة الجمهورية، فبحسب موقع "إيران واير" فإن الرجل المقرَّب من المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي، سيحقق فوزاً سهلاً في الانتخابات.
في تقريره، الذي تناول نشأة رئيسي ومسيرته السياسية، يفيد موقع "إيران واير" بأنه في السنوات الأخيرة من العهد البهلوي، كان رئيسي قد بدأ الدراسة، في إحدى المدارس الدينية بمدينة مشهد، وفي الخامسة عشرة، انتقل إلى مدرسة قُم، وخلال هذه الفترة تعرَّف إلى عدد من رجال الدين البارزين، منهم آغا مجتبى طهراني، وعلي مشكيني، وأبو القاسم خزعلي، ومرتضى مطهري، ومحمود هاشمي شاهرودي، ومحمد حسيني بهشتي، ثم أصبح رئيسي في ذلك الوقت قريباً من علي خامنئي، المرشد الأعلى لإيران.
عام 1981، كان رئيسي في العشرينيات من عمره، عندما تم تعيينه مدعياً عاماً لمدينة كرج، القريبة من طهران، وبعد ذلك بقليل أصبح مدعياً عاماً لمدينة همدان، ورغم أن المسافة بين المدينتين، تزيد على 300 كيلومتر، فقد شغل الوظيفتين في آن واحد.
في أغسطس1981، فجَّرت حركة مجاهدي خلق المعارضة قنبلة، زرعتها في مكتب رئيس الوزراء آنذاك، محمد جواد باهنار، أسفرت عن قتله والرئيس محمد علي رجائي وستة مسؤولين آخرين، وفي عام 1986، تم تكليف رئيسي بمتابعة القضية.
إبراهيم رئيسي الأوفر حظاً... تعرَّف إلى المرشحين الـ7 للرئاسة الإيرانية
ووجَّه مسؤولون في الجناح اليميني للمؤسسة السياسية حينها، اتهامات لبعض اليساريين، وبعض موظفي الأمن بالتورُّط في هذه المؤامرة، قبل أن يستدعي المرشد الأعلى، رئيس المحكمة العليا الإيرانية آنذاك، عبد الكريم موسوي أردبيلي، والمدعي العام آنذاك، محمد موسوي خويني، وإبراهيم رئيسي، ويأمرهم بإغلاق القضية.
وبعد ذلك بعامين، وتحديداً عام 1988، أثناء عمله نائباً للمدعي العام في طهران، عيَّنه الخميني في ما تعرف باسم "لجنة الموت" إلى جانب الخبير القانوني حسين علي نيري، والمدَّعي العام لطهران مرتضى إشراغي، وممثل المخابرات في سجن إيفين، مصطفى بور محمدي.
وفي صيف 1988، صدَّقت اللجنة على الحُكم بإعدام آلاف السجناء السياسيين في إيران، رمياً بالرصاص، ودُفنوا في مقابر جماعية.
وبعد وفاة الخميني، عام 1989، اقترب رئيسي من المرشد الأعلى الجديد، ليصبح مدَّعي عام طهران في العام نفسه، وفي عام 1994 عُيِّن رئيساً لمكتب التفتيش العام، التابع للسُّلطة القضائية، وبقي في المنصب 10 سنوات.
في العامين الماضيين، أُرسل رئيسي في مهمة خاصة إلى مدينة مشهد، للتعامُل مع معتقلي الاحتجاجات المناهضة للحكومة، التي قُتل خلالها عدد من المتظاهرين.
عام 2004، تسلَّم "رئيسي" منصب النائب الأول للسُّلطة القضائية، تحت قيادة رئيس المحكمة العليا آنذاك، محمود هاشمي شهرودي، وفي 2014، أصبح المدَّعي العام الجديد لإيران.
حرص "رئيسي" في بداياته، على تجنُّب الظهور الإعلامي، لكن ذلك تغيَّـر بعد أن أصبح على رأس "أستان قدس رضوي" عام 2015.
وبعد ذلك بوقت قصير، بدأ اسم رئيسي يقترن باسم رئيس المحكمة آنذاك صادق أمولي لاريجاني، باعتباره الخليفة المحتمل لخامنئي كمرشد أعلى لإيران.
عام 2017، دخل "رئيسي" السباق الرئاسي، نِداً للرئيس الحالي حسن روحاني، وطوال حملته تصدى روحاني لهجمات رئيسي عليه، بالتذكير بسجله العنيف الذي دام 38 عاماً في القضاء، قائلاً: "إن منافسه لا يعرف شيئاً سوى كيفية إرسال الأشخاص إلى السجن أو المشنقة"، وفي النهاية خسر رئيسي الانتخابات بالفِعل.
وبعد مرور عام على هذه الهزيمة، عيَّنه خامنئي رئيساً للسُّلطة القضائية، ولم يهدر أي وقت لتشويه سُمعة سلفه صادق أمولي لاريجاني، فحاكم نائبه للشؤون التنفيذية والمالية، أحمد الطبري، بتهمة الفساد والرشوة، وقد أتت هذه الحملة ثمارها، وزادت من فرصه في خلافة خامنئي.
وخلال فترة توليه منصب رئيس السُّلطة القضائية، قدَّم رئيسي نفسه مناضلاً ضد الفساد، فعقد عدداً من محاكمات في قضايا فساد رفيعة المستوى، لتعزيز هذه الصورة، ومع ذلك، أجريت هذه المحاكمات في الغالب في غرف مغلقة، تعذَّر للصحفيين متابعة إجراءاتها، الأمر الذي يفسِّر غموضها حتى اللحظة.
يتوقَّع التقرير، أن يسلك "قاضي الموت" الطريق نفسه، الذي سلكه خامنئي، من الرئاسة إلى القيادة العليا لإيران، بينما يرى آخرون أن مجتبى خامنئي، ابن المرشد الأعلى الحالي، لديه فرصة متساوية لخلافة والده، وهناك أيضاً مَنْ يرى أن وصول رئيسي للرئاسة، في ظل الظروف الصعبة الحالية للبلاد، مجرَّد وسيلة، لإبعاده عن الساحة السياسية.