تنظيم القاعدة يحتفظ بنفوذه في أفغانستان تحت حماية طالبان
رفض المسؤول الأفغاني، تسمية زعيم القاعدة الحالي في أفغانستان، وقال إن أيمن الظواهري، ظل رئيس الجماعة منذ مقتل أسامة بن لادن، عام 2011.

ترجمات - السياق
كشفت الغارة، التي استهدفت حسام عبد الرؤوف، أحد كبار مقاتلي القاعدة، في ولاية غزني الأفغانية في أكتوبر، استمرار عمل التنظيم، وتواصُله مع فروعه في العالم، تحت حماية طالبان، وفقاً للروايات التي قدَّمها مسؤولو المخابرات الأفغانية، إلى شبكة سي إن إن الإخبارية.
وذكر التقرير، أن غارة على قرية نائية في أفغانستان، قُتل فيها أحد زعماء القاعدة الكبار، المطلوب من مكتب التحقيقات الفدرالي.
كما عُثِـرَ على رسائل، أرسلها إلى خلايا التنظيم عبر العالم، سرعان ما تلت ذلك غارتان بطائرات مسيَّـرة على مسلحين شمالي غرب سوريا.
وقال مسؤول أفغاني، إن العملية التي استهدفت عبد الرؤوف، كشفت رسائل للقاعدة، بين أفغانستان وسوريا، وأعقبت ذلك ضربتان أمريكيتان نادرتان، ضد القاعدة، في محافظة إدلب السورية، رغم أن المسؤولين الأمريكيين، أشاروا إلى عدم وجود علاقة، بين غارة أفغانستان وسوريا.
وقال المسؤول، إن طالبان منحت القاعدة ملاذًا آمناً، مقابل خبراتها في جمع الأموال وصناعة المتفجّرات، موضحاً أن الإرهابيين "يجمعون الأموال من مختلف أنحاء العالم ويمنحونها لطالبان، كما يدرَّبون الانتحاريين، ويساعدونهم في التفكير الاستراتيجي"، وفي المقابل توفِّر لهم طالبان المأوى.
ووفقاً لشبكة سي إن إن، فإن هذا التقييم من المسؤولين الأفغان، والتفاصيل التي قدَّموها عن ارتباط القاعدة بخلاياها، في جميع أنحاء العالم، ستصدم الإدارة الأمريكية، التي بدأت خُطة سحب قواتها من أفغانستان.
إذ راهن جو بايدن، بالخروج من أطول حرب أمريكية على الجماعة الإرهابية، التي لم تعد تشكِّل تهديداً للأمريكيين من أفغانستان.
وقال بايدن، لدى إعلانه خُطة الانسحاب، إن القوات الأمريكية ذهبت إلى أفغانستان للتأكُّد من أنها "لن تُستخدم كقاعدة للهجوم على أمريكا، ومع تفكيك القاعدة، حققنا هذا الهدف".
لكن المسؤولين الأفغان، الذين قابلتهم "سي إن إن"، أكدوا أن القاعد ما زالت تحظى بدعم من طالبان، في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
وأشار مسؤول أفغاني، إلى أن القاعدة ستكون قادرة على شن هجمات ضد الغرب، بحلول نهاية العام.
ولفت التقرير، إلى أن المقابلات النادرة مع المسؤولين الأفغان، جاءت مع تزايُد قلق الحكومة الأفغانية، من أن الانسحاب الأمريكي، سيعزِّز نفوذ طالبان وسيطرتها على البلاد.
ووفقاً للتقرير، فإن المخاوف الأفغانية، بسبب رفض طالبان الواضح للمسار الدبلوماسي، الذي تبنته خلال إدارة ترامب.
وكان تعهُّد طالبان، بعدم التعاون مع الإرهابيين، أو توفير مأوى لهم، أمراً بالغ الأهمية في اتفاقية السلام، التي وقُّعتها الحركة مع الولايات المتحدة في الدوحة، العام الماضي.
وينص البند الأول في الاتفاقية، على أن الجماعة المتمرِّدة "ستمنع استخدام أراضي أفغانستان، من قِبَلِ أي جماعة أو أفراد، ضد أمن الولايات المتحدة وحلفائها".
وقال مسؤول كبير في المخابرات الأفغانية، إن تعهُّد السلام لإدارة ترامب "كان مجرَّد مزحة في ما بينهم، وكانوا يعلمون أن ذلك لن يحدث".
مداهمة تكشف عن أدلة جديدة لنفوذ القاعدة
واستشهد المسؤولون الأفغان، بالغارة ضد عبد الرؤوف، المعروف أيضاً باسم أبي محسن المصري، كدليل على نمو القاعدة وعلاقتها مع طالبان.
وتوفي متأثراً بجراحه، بعد أن نقلته القوات الأفغانية الخاصة، من قرية كونساف، التي تسيطر عليها طالبان، بولاية غزني.
وكان مطلوباً، بناءً على أمر من محكمة مانهاتن صدر في 27 ديسمبر 2018 بتهمة "التآمُر لقتل أمريكيين وتوفير دعم مادي لمنظمة إرهابية"، حسب ملصق وزَّعه مكتب التحقيقات الفيدرالي.
وقال مسؤولون أفغان، إن المصري كان مختبئاً في أفغانستان، منذ مغادرته باكستان عام 2014، وظل يتواصل مع خلايا القاعدة في دول أخرى.
وأوضح مسؤول أفغاني آخر، أن رسائل مشفرة عُثِـرَ عليها، على الكمبيوتر الشخصي للمصري، أظهرت اتصالات مشفَّرة، مع خلايا القاعدة الأخرى، في سوريا وباكستان.
وأضاف: "كان على اتصال بأعضاء رئيسين آخرين في القاعدة عبر العالم، وكان لديه بعض البرامج العملياتية."
ورفض المسؤول الإدلاء بمزيد من التفاصيل، مستشهداً بأعمال مكافحة الإرهاب الجارية، لكنه أضاف: "مقر إقامته كان محمياً بشكل جيد، من طالبان".
وقال المسؤول الكبير، في الرسائل التي عُثِـرَ عليها على الكمبيوتر الخاص بالمصري: "أخبر عبد الرؤوف نظراءه في القاعدة، بأن أفغانستان قد تعود قريباً إلى وضعها قبل 11 سبتمبر، كمحور رئيس للجماعة الإرهابية".
وأعرب المسؤول الأفغاني عن مخاوفه، من أن تتحوَّل أفغانستان، بعد انسحاب القوات الأمريكية، إلى قاعدة ومعقل لتنظيم هجمات في الخارج.
وقال المسؤول الاستخباراتي الكبير: ليس لدي أي دليل في الوقت الحالي، يشير إلى أن القاعدة كانت تخطِّط لعمليات خارج أفغانستان.
وأضاف: "لكنهم يدخلون مرحلة جديدة، من إعادة التنظيم، ومن ثم القيام بمهام على نطاق أوسع"، مشيراً إلى أن أحد المعتقلين، خلال مداهمة المصري، قدَّم أدلة على ذلك، أثناء الاستجواب.
وفي إشارة محتملة، إلى الامتداد العالمي للقاعدة، نفذت الولايات المتحدة ضربتين محددتين، ضد مقاتلي القاعدة في سوريا، في الأيام التي أعقبت غارة عبدالرؤوف، واكتشاف رسائل على الكمبيوتر الخاص به، إلى القاعدة في سوريا.
وقال مسؤول استخباراتي أفغاني كبير آخر لشبكة سي إن إن: إن الولايات المتحدة، طلبت تأجيل الإعلان عن الغارة، التي استهدفت عبد الرؤوف، مضيفاً أن الغارة كانت "على الأرجح" على صِلة بضربات سوريا، لكنه أكَّد على أنه لا يملك دليلاً على ذلك.
وضربت طائرات أمريكية من دون طيار، هدفين في سوريا 15 و22 أكتوبر، ولم تكشف القوات الأمريكية، أية معلومات عن الضربة الأولى، بينما تسبَّبت الثانية في مقتل سبعة من قادة القاعدة، كانوا في اجتماع، وفقاً لبيان أمريكي، صدر في ذلك الوقت.
وقلَّل مسؤول أمريكي، من العلاقة بين الغارة التي استهدفت المصري، والرسائل التي اعتُرضت والموجة المفاجئة من الضربات ضد القاعدة في سوريا.
وقالت كارين روكبري، المتحدِّثة باسم القيادة المركزية الأمريكية في بيان، إنها "ليست على عِلم بوجود صِلة" بين الغارة في أفغانستان وضربات إدلب.
وقال سهيل شاهين، المتحدِّث باسم طالبان في الدوحة، إن المزاعم "غير صحيحة".
وأضاف أن الحكومة في كابول، أرادت، على مدى العقدين الماضيين، "إثارة الشكوك لإبقاء القوات الأجنبية، وستظل في السلطة، وتحصل على المليارات، لكي تصبح حساباتها المصرفية أكبر".
وقال شاهين، إن الاتفاق مع الولايات المتحدة، ينص على "عدم السماح باستخدام أفغانستان، كقاعدة لمهاجمة الولايات المتحدة أو حلفائها"، مضيفاً "إذا فعلنا ذلك، فإننا نختلق المشكلات لأنفسنا، ولن يكون هناك سلام في أفغانستان، وسنظل في حرب بعد حرب، وذلك ضد مصلحتنا".
وذكر تقرير للخزانة الأمريكية، نُشر أوائل يناير من هذا العام، أن القاعدة "تكتسب قوة في أفغانستان، تحت حماية طالبان".
غير أن علاقة طالبان بالقاعدة، ظلت محل تباين وسط الأمريكيين، إذ اتهم المنتقدون مسؤولين أمريكيين أحيانًا، بتضخيم التهديد من أجل الحصول على موارد عسكرية أكبر، وفي الآونة الأخيرة، بدأ التقليل من أهمية العلاقة، مع قرب خروج القوات الأمريكية.
ويعتقد محلِّلون، أن طالبان تأسف على إيواء القاعدة، ما أدى إلى الغزو الأمريكي، بعد هجمات 11 سبتمبر.
وقال مسؤول في المخابرات الأفغانية، إن عبد الرؤوف، كانت له علاقات قوية بقيادة طالبان.
وأضاف أن أحد مساعديه في طالبان، اسمه زاهد، وكان على قائمة السجناء، الذين طلبت طالبان الإفراج عنهم، كجزء من محادثات السلام في الدوحة.
وقال إن زاهد يعمل كحلقة وصل، بين القاعدة وطالبان.
وذكر تقرير للأمم المتحدة، نُشر في فبراير، أن "مقتل عدد من قادة القاعدة، في الأراضي الخاضعة لسيطرة طالبان، يؤكِّد مدى قرب الجماعتين".
وتحدَّث التقرير، عن مقتل عبدالرؤوف ونائب زعيم تنظيم القاعدة، في شبه القارة الهندية، محمد حنيف، في 10 نوفمبر، في ولاية فرح بأفغانستان.
ويخلص تقرير الأمم المتحدة إلى أن: "كلاً منهما -على ما يبدو- قد منحتهما طالبان المأوى والحماية". ويضيف التقرير أن هناك "أدلة أخرى على علاقات وثيقة بين الجماعتين"، مستشهدةً بطلب طالبان، إدراج زوجة أحد كبار الشخصيات في القاعدة، الذي قُتل في مداهمة عام 2019، في صفقة تبادُل الأسرى، مع الحكومة الأفغانية.
ورفض المسؤول الأفغاني، تسمية زعيم القاعدة الحالي في أفغانستان، وقال إن أيمن الظواهري، ظل رئيس الجماعة منذ مقتل أسامة بن لادن، عام 2011، لكن ليست لدينا معلومات استخباراتية واضحة عن مكانه بالتحديد".