تزامناً مع الانتخابات الرئاسية... كلوب هاوس يجتاح إيران

أثار التطبيق انتقادات المحافظين في السياسة الإيرانية، لاسيما أن المحادثات فيه، من دون أي إشراف على مضمونها، ودعا بعضهم إلى توفير بديل محلي، لتطبيق يُدار من الخارج.

تزامناً مع الانتخابات الرئاسية... كلوب هاوس يجتاح إيران
كلوب هاوس

السياق

خطف تطبيق كلوب هاوس، للمحادثات الصوتية، الأنظار في إيران، بعد توجُّه مسؤولين ومرشحين محتملين إليه، قبل أيام من الانتخابات الرئاسية المقرَّرة الشهر المقبل، إذ يوفِّر التطبيق فرصة لحوار علني نادر.

عبر التطبيق، الذي يلقى إقبالاً عالمياً، ويعتمد الاشتراك فيه على الدعوة، تفتح بشكل يومي في إيران عشرات الغرف، بمشاركة آلاف المستمعين والمتحدِّثين، من سياسيين، مرشحين معلنين أو مرجَّحين، صحفيين، ومقيمين، في البلاد أو خارجها.

ويتوزَّع هؤلاء، على مختلف التوجُّهات السياسية، ويتناقشون بشأن المرشحين وحظوظ كل منهم في الفوز.

لماذا سمي (كلوب هاوس) بتطبيق سنة 2021؟

فرصة للحوار

يقول فريد مدرسي، الذي يُعَدُّ مُقرَّباً سياسياً، من تيار الرئيس المحسوب على ما يعرف بـ "التيار المعتدل" حسن روحاني: "الميزة الأساسية لكلوب هاوس، هي توفيره فرصة لحوار بين من كانوا لا يطيقون التحدُّث إلى بعضهم".

ويوضح الصحفي، الذي يحظى بحضور لافت على التطبيق، ويتولى إدارة العديد من الغرف، أن هذا الإقبال يعود إلى عوامل عدة، منها القيود القائمة على الإعلام المحلي، إضافة إلى جائحة كورونا، التي ألزمت الكثيرين بمَنْ فيهم الصحفيون، على الحد من التواصل مع الآخرين، وصولاً إلى حجم الجاليات الإيرانية في الخارج، التي يرغب أبناؤها في الاطلاع أكثر على الوضع الداخلي لبلادهم.

ويشير مدرسي، لوكالة فرانس برس، إلى أن الوضع كان أقرب إلى معادلة اقتصادية "توفِّر الطلب، وهذا (كلوب هاوس) فكان العرض"، لافتاً إلى أن التطبيق يجذب المحافظين والإصلاحيين في إيران.

ولا يقتصر دور "كلوب هاوس" على الانتخابات، وفي هذا الاتجاه يرى الصحفي الإصلاحي مصطفى فقيهي، أن التطبيق يسهم بعودة "الحوار المتعدِّد الأطراف"، وهو أمر يعتبره نادراً في إيران، بسبب تصرُّف "وسائل الإعلام الكبيرة المموَّلة من الميزانية العامة، مثل التلفزيون الرسمي، التي تحوَّلت إلى منصات ذات توجُّه واحد".

الداخل والخارج

إلى جانب إنستغرام، لا يزال "كلوب هاوس" من تطبيقات التواصُل الاجتماعي النادرة، التي يمكن استخدامها في إيران، من دون الحاجة إلى شبكات افتراضية "في بي إن"، رغم أنها تواجه بعض الانقطاعات، على شبكات الهاتف النقال.

ولفت حضور العديد من المسؤولين، في غرف المحادثة، تقدَّمهم نائب رئيس الجمهورية إسحاق جهانغيري .

وأجاب جهانغيري عن أسئلة عدة، ودافع عن سياسة الحكومة، في مواجهة "الحرب الاقتصادية" والعقوبات الأميركية، وحرية استخدام الإنترنت، وحتى تُهم الفساد، التي يواجهها شقيقه.

ويرى فقيهي، أن حضور شخصيات معروفة، قد يؤدي "دوراً مهماً جداً" في التواصُل مع الناخبين.

ويشير، على سبيل المثال، إلى أن "ما يقارب 110 آلاف شخص" تابعوا حواراً استضافته وكالة انتخاب، التابعة له، مع فايزة رفسنجاني، ابنة الرئيس الراحل علي أكبر هاشمي رفسنجاني، المعروفة بمواقفها، التي تنتقد فيها كبار المسؤولين.

ويوضح أنه لدى بلوغ غرفة التحادث عبر "كلوب هاوس" طاقتها القصوى (ثمانية آلاف شخص)، فتح مستخدمون غرفاً إضافية، لإتاحة المجال لآخرين، للاستماع أو البث عبر "تويتر" و"إنستغرام".

وقالت فايزة رفسنجاني حينها، إنها لن تدلي بصوتها في الانتخابات "لأن أقصى جهد نبذله، ستكون نتيجته، وصول شخص مثل السيد روحاني، إلى الرئاسة".

لكن مديري غرف المحادثة، واجهوا انتقادات، على خلفية تحديدهم الذين تتاح لهم المشاركة في النقاش، أو طرح الأسئلة.

وضمّت إحدى الغرف، التي لقيت إقبالاً واسعاً، وزير الخارجية محمد جواد ظريف، الذي تطرَّق فيها إلى شؤون شتى، من الاتفاق الاستراتيجي مع الصين، والاتفاق النووي مع القوى الكبرى، وعدم ترشُّحه إلى الانتخابات.

ورسمت هذه الغرفة، صورة غير مألوفة، إذ جمعت في مكان واحد، مسؤولين إيرانيين، وصحفيين من وسائل إعلام ناطقة بالفارسية، مقرها خارج إيران، وتعدُّها طهران "معادية".

ويوضح مدرسي، أن هؤلاء الصحفيين، لم يتح لهم طرح الأسئلة على ظريف "نظراً إلى إجراءات وزارة الخارجية".

 

معلومات أفضل

وأثار التطبيق انتقادات المحافظين في السياسة الإيرانية، لاسيما أن المحادثات فيه، من دون أي إشراف على مضمونها، ودعا بعضهم إلى توفير بديل محلي، لتطبيق يُدار من الخارج.

وفي مقال رأي نشرته في أبريل، أبدت وكالة تسنيم خشيتها، من أن يستخدم خصوم طهران التطبيق للتسبُّب في "مشكلات أمنية، واجتماعية، وسياسية".

وحذَّرت من أن التطبيق يتيح "تحديد النخبة، الشبكات، التتبع، سرقة المعلومات، وتسريبات واسعة النطاق"، كما يكسر إحدى المحرَّمات، وهي "المحادثات المباشرة" مع الإعلام المصنَّف معادياً.

وفي وقت لاحق من الشهر نفسه، توقَّف عمل التطبيق، على أغالبية شبكات الهاتف المحلية، من دون تفسير.

ورغم تطمينات، قدَّمها مسؤولون في حكومة روحاني، بأن "كلوب هاوس" لم يُحجَب، لا يزال استخدامه غير ممكن، على شبكة محلية واحدة، على الأقل.

وأثار ذلك خشية، من أن يلاقي هذا التطبيق مصير تطبيقات أخرى، مثل "فيسبوك" و"تويتر".