سياسة جو بايدن المتعلِّقة بإيران تمثِّـل خطأً نووياً جسيماً

الولايات المتحدة عند منعطف وحان الوقت لعكس المسار

سياسة جو بايدن المتعلِّقة بإيران تمثِّـل خطأً نووياً جسيماً
الرئيس الأمريكي جو بايدن

ترجمات-السياق

يجب أن يكون مرشد إيران الأعلى مسرورًا، لواقع أن رئيسًا أمريكيًا آخر، بحاجة ماسة إلى اتفاق نووي، إذ تتمتَّع الولايات المتحدة بكل النفوذ، ومع ذلك يسارع  الرئيس جو بايدن، إلى العودة للاتفاق النووي المعيب لعام 2015، رغم أن إيران خدعت منذ البداية.

وبدلاً من ذلك، يجب على بايدن أن يستخدم النفوذ الأمريكي، لتأمين صفقة، تضع حداً دائماً، لسعي طهران إلى امتلاك أسلحة نووية، من خلال تفكيك برنامج التخصيب.

مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، كان قد أوضح أن الغرض من المفاوضات الجارية في فيينا، هو تحديد "القيود النووية التي ستقبلها إيران على برنامجها، لضمان عدم تمكُّـنها من الحصول على سلاح نووي".

وهنا تكمن المشكلة الأساسية في الاتفاق، فهو لن يوقف مسار إيران النووي،  لأنه بدلاً من منع إيران، من تخصيب اليورانيوم والبلوتونيوم، يعتمد الأمر  على متاهة من القيود، غير القابلة للتنفيذ، والتي تنتهي صلاحيتها، نهاية المطاف، بمنع النظام من تسليح برنامج تخصيبه.

وفي ضوء التنازلات العديدة، التي حصلت عليها طهران، كجزء من اتفاقية 2015، قد يبدو التخصيب الصفري مطلبًا غير عادي، لكن منذ وقت ليس ببعيد، كان التخصيب الصفري سياسة مقبولة.

عام 2006، أصدر مجلس الأمن، التابع للأمم المتحدة، القرار رقم 1696، الذي يطالب إيران "بتعليق جميع الأنشطة المتعلِّقة بالتخصيب وإعادة المعالجة، بما في ذلك البحث والتطوير".

 ورغم تخليه عن هذا الموقف، باع الرئيس السابق باراك أوباما، الاتفاق النووي لعام 2015، على أنه يضمن "قطع جميع الطرق المؤدية إلى تصنيع القنبلة". 

ومع ذلك، فإن التخصيب -في حد ذاته- هو الطريق إلى القنبلة. روَّج أوباما للقيود التي فرضتها الصفقة، على برنامج إيران النووي، لكن القيود على إنتاج اليورانيوم المخصب، تنتهي عام 2031، أي بعد أقل من عشر سنوات من الآن.

وقال أوباما، إنه من أجل ضمان الامتثال الإيراني، فإن الاتفاقية فيها "أكثر أنظمة التفتيش والتحقُّق شمولاً، والتي تم التفاوض عليها، لمراقبة البرنامج النووي".

وأضاف: "المحصلة النهائية، هي أنه إذا خدعت إيران، يمكننا الإمساك بها، وسنفعل".  نحن نعلم الآن أن هذا ليس صحيحًا.  لم تكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية -الجهة الرقابية النووية المسؤولة عن عمليات التفتيش- على عِلم بالأنشطة النووية الإيرانية غير المعلنة، حتى فحصت  الأرشيف النووي، الذي هرَّبه عملاء إسرائيليون من إيران عام 2018.

 الشهر الماضي، بدأت طهران تخصيب اليورانيوم، إلى درجة نقاء 60 في المائة، وهي خطوة مهمة نحو 90 في المائة - المستوى المطلوب لصنع قنبلة ذرية. لا يوجد استخدام مدني لمشروع بهذا  النشاط، هذا المستوى من النقاء، أعلى بكثير أيضًا، من 3.67 في المائة، في صفقة 2015.

وبحسب ما ورد، لم تؤد مفاوضات فيينا، إلى اتفاق على كيفية عكس طهران لهذه المكاسب النووية، لا سيما إذا كانت أجهزة الطرد المركزي المتطوِّرة التي تُـعَــدُّ جزءًا لا يتجزأ من هذا المستوى من التخصيب، سيتم تدميرها أو إزالتها، أو تخزينها محليًا.

 وهناك مشكلة أخرى خطرة، أن لدى الولايات المتحدة سياسة تطلب فيها من حلفائها، التخلي عن تطوير قدرات التخصيب وإعادة المعالجة، قبل أن يتمكنوا من تلقي أي دعم لبرامج الطاقة النووية السلمية.

يُعرف ذلك، بالمعيار الذهبي وأساسه المنطقي بسيط: يمكن استخدام هذه التقنيات، لإنتاج مواد انشطارية للأسلحة النووية.

بدأ حلفاء أمريكا في الخليج، يلاحظون نفاق الولايات المتحدة، في مطالبتهم بتبني المعيار الذهبي، بينما تحافظ إيران على برنامج التخصيب.

وأشار يوسف العتيبة، سفير الإمارات العربية المتحدة لدى الولايات المتحدة، إلى أن الإمارات وافقت على المعيار الذهي، عام 2008، على أمل أن تكون نموذجًا تتفاوض الولايات المتحدة عليه مع إيران. 

وأوضح العتيبة أن "المشكلة كانت أن شركاء الولايات المتحدة، أصبحوا ملتزمين  بمعيار ذهبي آمن ومضمون للطاقة النووية، بينما حصل خصوم الولايات المتحدة على صفقة أفضل ".

 وقال محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، عام 2018، إنه إذا طوَّرت إيران أسلحة نووية، فإن المملكة "ستحذو حذوها في أقرب وقت ممكن". وسيتطلب المسار الأكثر ترجيحًا من الرياض، تطوير تقنيات التخصيب أو إعادة المعالجة.

وإذا اتبعت الإمارات والسعودية، برامج لتخصيب اليورانيوم، فقد يؤدي ذلك إلى سباق تسلُّح في الشرق الأوسط.

 لم يفت الأوان بعد، على بايدن، ليعكس هذا المسار، فلقد دفع مفاوضو طهران في فيينا، بموقف متطرِّف، يطالب بإزالة جميع العقوبات تقريبًا. 

وهنا يجب أن تنسحب إدارة بايدن، وتستخدم نفوذها الكبير، للدفع باتجاه الصفقة "الأطول والأقوى" التي وعد بها وزير الخارجية أنطوني بلينكين.

 وأفضل طريقة لجعل الصفقة أطول وأقوى، هي أن تفوَّض الصفقة، بمهمة القضاء على برنامج التخصيب الإيراني.

يمكن أن يؤمِّن اتفاق كهذا، الدعم الضروري من الحزبين، للتصديق عليه، كمعاهدة من قِبَلِ مجلس الشيوخ الأمريكي. بهذه الطريقة، سيبقى الاتفاق سليماً وفاعلاً أمام أي إدارة جمهورية مقبلة .

طهران ستمتنع بالطبع، عن توقيع اتفاق كهذا، وستحاول إقناع حلفائنا الأوروبيين، بإلقاء اللوم على الولايات المتحدة، لابتعادها عن اتفاق 2015.

يمكن لطهران  أيضًا، الرد بضربات عسكرية، ضد القوات الأمريكية أو حلفائها في المنطقة، لكن الولايات المتحدة لها اليد العليا عسكريًا، ويمكنها استعادة قوة الردع.

 سيكون الرد الآخر، أن تكثِّـف طهران برنامج التخصيب، لكن الابتزاز النووي الإيراني له تاريخ انتهاء، والانفجارات في موقع التخصيب في نطنز، أظهرت هشاشة الأصول الثمينة لنظام الملالي، التي يفترض أنها آمنة.

بانضمام  بريطانيا، وربما فرنسا وألمانيا، إلى حملة الضغط، إذا مدَّت إيران يدها، يمكن فرض حملة عقوبات موحدة، أو حملة عقوبات أمريكية بريطانية، تحمل رسالة قوية، مفادها أن إيران لا تستطيع تقسيم أمريكا وحلفائها، ولن تكون قادرة على تحمُّل حملة ضغط موحَّدة أخرى.

فقط لأنه سيكون من الصعب، العودة إلى سياسة التخصيب الصفري، فذلك لا يعني أن الولايات المتحدة، يجب أن تسعى إلى اتفاقية محدودة ومعيبة .

 الولايات المتحدة عند نقطة انعطاف، والوقت حان لعكس المسار.

___

مقال مترجم عن مؤسسة "الدفاع عن الديمقراطيات"