مبادرات بايدن تجاه إيران تقوِّض محاولة الولايات المتحدة إنهاء الصراع بين حماس وإسرائيل...!
وجد كبار المسؤولين الأمريكيين طُرُقاً لتوجيه الجانبين إلى وقف إطلاق النار، حتى عندما لم تكن إسرائيل راضيةً تماماً عن النتائج في ساحة المعركة، لكن تل أبيب رضخت دائماً لواشنطن في النهاية، احتراماً للعلاقات الوثيقة بين البلدين.

ترجمات السياق
أعلنت إدارة بايدن، الأربعاء الماضي، أنها أرسلت نائب مساعد وزير الخارجية هادي عمرو، إلى المنطقة، في محاولةٍ للتوسُّط في تهدئة الوضع، بين إسرائيل وحركة حماس، عقب إطلاق الصواريخ وتصاعُد العنف في قطاع غزة، لكن احتمال نجاح المهمة ضعيف، وهذا ليس خطأ عمرو، وإنما خطأ الرئيس جو بايدن، لعدم توافُق سياسته الخارجية في الشرق الأوسط، مع هذه المهمة، بحسب مقال نشرته صحيفة نيويورك بوست الأمريكية.
وأضافت الـ "بوست" أنه خلال الصراعات السابقة، وجد كبار المسؤولين الأمريكيين طُرُقاً لتوجيه الجانبين إلى وقف إطلاق النار، حتى عندما لم تكن إسرائيل راضيةً تماماً عن النتائج في ساحة المعركة، لكن تل أبيب رضخت دائماً لواشنطن في النهاية، احتراماً للعلاقات الوثيقة بين البلدين.
وبالنظر إلى السياسة الخارجية الأمريكية هذه الأيام، لا يبدو أن ذلك سيتحقَّق، فالمسؤولون الإسرائيليون ليسوا متحمسين، لسماع وجهة نظر أمريكا، عن الإرهابيين المدعومين من إيران مثل حماس، تزامناً مع وصول التوترات إلى ذروتها، بفضل إصرار إدارة بايدن البالغ، على أن الوقت قد حان، لإعادة الدخول في خُطة العمل الشاملة المشتركة "الاتفاق النووي لعام 2015 مع إيران".
ولا يستنكر المسؤولون الإسرائيليون الصفقة، لأنها طريق لإيران للحصول على أسلحةٍ نووية في المستقبل فحسب، بل من المرجَّح جداً أن تقدِّم أمريكا -في كل ما يتم الاتفاق عليه- حوافز نقدية بمليارات الدولارات لإيران، مقابل امتيازاتٍ نووية مؤقتة.
ولأن النظام الإيراني، أحد كبار رعاة حماس، فإن إدارة بايدن على أعتاب تقديم الأموال بشكلٍ غير مباشر إلى حماس، باستخدام إيران كوسيلة لتحقيق ذلك، وستنكر إدارة بايدن بالطبع، أن هذه هي غايتها، ولكي نكون منصفين، ربما لا يكون الأمر كذلك، لكنها ستكون نتيجةً ثانوية، لسياسةٍ خاطئة للغاية وقصيرة النَّظر.
كما قد يحاول المسؤولون، شرح كيف يمكن للضوابط والاستخبارات الأمريكية لغسل الأموال، منع حدوث ذلك، لكن لن يكون هناك حلٌّ قاطع، لمنع إيران من إرسال الأموال إلى حماس. ولا توجد طريقةٌ لوقف تدفق الأسلحة، أو تكنولوجيا الأسلحة، التي ستبنيها إيران، بالأموال التي توشك على تلقيها.
فمن المعروف، منذ فترةٍ طويلة، أن إيران كانت قد زوَّدت حماس بأنظمةٍ صاروخية كاملة، و أجزاءٍ صاروخية، كما ساهمت في التدريب والدعم النقدي ووسائل أخرى، لتعزيز القدرات العسكرية لحماس، على مرِّ السنين.
وفي سياق الصراع الحالي، يُعتقد على نطاق واسع، أن إيران زوَّدت حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية بصاروخٍ جديد " بدر 3".
كما لاحظ المسؤولون العسكريون الإسرائيليون، بشكلٍ خاص، علاماتٍ أخرى على تورُّط إيراني في الصراع، بما في ذلك طائرة "شهاب من دون طيار" التي كان يُعتقد أنها ضربت خط أنابيب Ashkelon الاستراتيجي، لكن الأمر لم يتضح.الأهم من ذلك، هو السؤال الأكبر، عمّا تريده إدارة بايدن بالتحديد، في الشرق الأوسط!
فقد أكد الرئيس ومعاونوه مراراً، أنهم يسعون إلى إخراج أمريكا من المنطقة، أي بعبارةٍ أخرى، إسرائيل على وشك أن تجد نفسها وحيدةً في شرق أوسط، ينعدم فيه القانون، بشكلٍ متزايد.
وما زاد الأمر سوءاً، أن هذه الإدارة دفعت كل ما تملك، في محاولاتها لإحياء "خُطة العمل الشاملة المشتركة" هذه الصفقة التي من شأنها أن تقوي إيران مرةً أخرى، وتضعف إسرائيل ودول الخليج العربية.
وقد لا يؤطِّر بايدن وذووه الأمر بهذه الطريقة، لكن ذلك، في حقيقة الأمر، يعادل إعادة ترتيبٍ كاملة للشرق الأوسط.وبذلك تفتقر واشنطن إلى المصداقية، في جهودها للتوسُّط في إنهاء القتال الحالي بين إسرائيل وحماس.
واستناداً إلى قرار إرسال عمرو لتمثيل الولايات المتحدة، قد لا يكون ذلك هدفها أساساً.يفرض البروتوكول الدبلوماسي، أن عمرو -وهو مسؤولٌ منخفض الرتبة نسبيًا- لن يكون الشخص المناسب للتحدُّث مباشرةً مع كبار الدبلوماسيين والمسؤولين العسكريين والسياسيين في إسرائيل.
لذلك من شبه المؤكَّد، أن بايدن ووزير خارجيته، توني بلينكين، كانا مدركين لذلك تماماً، عندما أرسلوا عمرو إلى المنطقة.
وفي الوقت نفسه، من المسلَّم به أنه كانت لسياسة إدارة بايدن نقاطٌ إيجابية، من حينٍ إلى آخر، إحداها حين اختار الرئيس إنهاء إدانات إسرائيل في الأمم المتحدة، ما وفَّر غطاءً كبيراً، في الوقت الذي تكافح فيه إسرائيل لصد وابلٍ من صواريخ حماس، مع نظام القبة الحديدية للدفاع الجوي.
وفي الوقت الذي لا تستطيع فيه القبة الحديدية، درء كل تهديد، فإن الدرع الدبلوماسية في الأمم المتحدة، قد تساعد لفترةٍ فقط. ومن الواضح أن إسرائيل تخوض حرباً وحشية، ضد إيران ووكلائها، ويبدو أن البيت الأبيض يدعم الجانب الخطأ، على المدى الطويل.