دَوار الإنترنت... وباء جديد يجتاح العالم

أصبح دَوار الإنترنت، ظاهرة شائعة أكثر فأكثر، مع تزايُد تركيز حياتنا على الشاشات، حيث ظهر هذا المصطلح، أوائل التسعينيات، لوصف معاناة مستخدمي الواقع الافتراضي

دَوار الإنترنت... وباء جديد يجتاح العالم

ترجمات - السياق

شهدت الفترة الأخيرة، زيادة هائلة، في اعتمادنا على الإنترنت، وتكنولوجيا التواصُل الافتراضي، بسبب وباء كورونا، وقواعد التباعُد الاجتماعي، لكن يبدو أن الأمر أدى إلى ظهور وباءٍ جديد، هو دَوار الإنترنت.

فما هو؟

أصبح دَوار الإنترنت، ظاهرة شائعة أكثر فأكثر، مع تزايُد تركيز حياتنا على الشاشات، حيث ظهر هذا المصطلح، أوائل التسعينيات، لوصف معاناة مستخدمي الواقع الافتراضي، من دَوار الحركة، أثناء ممارسة الألعاب الافتراضية، لكنه لا يقتصر على مستخدمي نظارات الواقع الافتراضي.

وشرح الدكتور ماثيو كروسون، طبيب الأعصاب في مستشفى ماساتشوستس للعين والأذن: "عندما تملأ الشاشة مجالك البصري، فترة طويلة، أثناء المرور والتصفُّح، يمنح ذلك جسمكَ إحساسًا بأنه يتحرَّك، مع ذلك، يعرف جسمك أنكَ لا تتحرَّك، هذا التعارُض في الإشارات، هو الذي يؤدي إلى ظهور أعراض دَوار الإنترنت".

وحتى الآن، كانت كل الأبحاث عن دَوار الإنترنت مرتبطة بالواقع الافتراضي، حيث تقدِّر الدراسات، أنه ما بين 20 و95% من المستخدمين، يعانون نوعًا من دَوار الإنترنت، اعتمادًا على حِدَّة المحتوى.

هل يختلف دَوار الإنترنت عن دَوار الحركة؟

يرتبط كل من دَوار الإنترنت ودَوار الحركة، بالصِّراع بين أذنيك وعينيك، ما يضر بالعمليات الطبيعية للمخ، وتُـعَــدُّ الأعراض، التي تظهر بسبب الاثنين، متطابقة تقريبًا، لكنها ناتجة عن أشياء معاكسة، من الناحية الحسية.

يشعر الإنسان بدَوار الحركة، عندما يتحرَّك الجسم في الفضاء، من دون أن تتلقى عيناه المعلومات نفسها، عند الجلوس، على سبيل المثال، في سيارة متحرِّكة، أو في قارب يتأرجح في البحر.

أعراض دوار الإنترنت

وفقًا لكروسون، يشكو معظم الناس من الدوخة والغثيان والتعب والإرهاق، ففي دراسة نُشرت عام 2018، في مجلة علم وظائف الأعضاء التطبيقي، عن الأعراض الناتجة عن دَوار الحركة، مقارنةً بدَوار الإنترنت، الناتج عن استخدام نظارات الواقع الافتراضي، وجد الباحثون مجموعة متنوِّعة من الأعراض المتداخِلة، وكان الغثيان هو الأكثر شيوعًا، كما شملت الأعراض الدوخة والتعرُّق والشُّعور بالحرارة.

وكشفت دراسة، أجريت عام 2020، أن دَوار الإنترنت، يمكن أن يستمر فترة طويلة، بعد التعرُّض له، ما يؤثر في الاستقرار والتنسيق بين اليد والعين، والأداء البصري، والرفاهية العامة.

من جانبه، أكد كروسون هذه النتائج، قائلًا: إن دَوار الإنترنت، يمكن أن يستمر 7 ساعات، بعد استخدام الشاشة.

مُسبِّبات دَوار الإنترنت

ينتج دَوار الإنترنت، عن التمرير السريع على الهاتف، وممارسة الألعاب، أو تكبير الصور على مواقع التواصل الاجتماعي، أو استخدام شاشة كبيرة، مثل الكمبيوتر أو التلفزيون، تعرض صورًا سريعة الحركة.

وشرح الدكتور كروسون: "تتمتَّع عيناك وأذناك، بنظام توازُن، يساعد جسمك في الشُّعور بمكانه، وفي دَوار الإنترنت، تعتقد عيناك أنك تتحرَّك لكنك ثابت، ما يؤدي إلى صراع حسي".

علاج دَوار الإنترنت

ينصح الأطباء، بالابتعاد عن الشاشات، بمجرَّد الشعور بظهور الأعراض، وأخذ قسطٍ من الراحة، من أي شاشة تشاهدها، ومنح عقلك الإشارات البصرية، التي تفيد بأنك لا تتحرَّك، من خلال النظر إلى الأفق، أو أي شيء في الهواء الطلق، أو جسم لا يتحرَّك من حولك.

ويمكن للذين يعانون أعراضًا مزعجة، مثل الصداع الشديد أو اضطراب المعدة، تعاطي دواء، لا يحتاج إلى وصفة طبية، مثل عقار الاسيتامينوفين، لتخفيف الأعراض وتوفير الراحة.

الوقاية من دَوار الإنترنت

قد لا يكون التوقُّف عن استخدام الشاشات ممكنًا، لكن يمكن التوصُّل إلى طرق لإدارة وقت استخدامها، وينصح كروسون بأخذ فترات راحة قصيرة لمدة 10 دقائق، بعيدًا عن الشاشة، كل 50 دقيقة استخدام، حتى لو لم تكن الأعراض قد ظهرت.

وشرح كروسون، أن نظارات الضوء الأزرق، لن تساعد في منع دَوار الإنترنت، لأن السِّـر الكامن في ما يحدث، هو إدراك العيون للحركة، التي لا ترتبط بالضوء الأزرق.

وإذا كانت الأعراض جديدة، أو كنت تعاني أكثر مما يبدو طبيعيًا بالنسبة لك، يوصي كروسون، باستشارة الطبيب، للتأكُّد من عدم وجود مشكلة كامنة، لم يتم تشخيصها.

ونظرًا لأن الشاشات، ستظل جزءًا من حياتنا، فمن الضروري الحرص على أخذ أقساط الراحة بانتظام، أثناء استخدامها، لتجنُّب الإصابة بدَوار الإنترنت.