نورديك مونيتور: قائد القوات الجوية التركية أمر بإسقاط الطائرة الروسية..!
علم طيارٌ مقاتل تركي، أن عليه أن يطلق النار على طائرةٍ حربية روسية في الأجواء، فوق منطقة الحدود التركية السورية، عندما أمره قائد القوات الجوية الجنرال عابدين أونال، بإطلاق النار عليها في ذلك الوقت.

ترجمات - السياق
علم طيارٌ مقاتل تركي، أن عليه أن يطلق النار على طائرةٍ حربية روسية في الأجواء، فوق منطقة الحدود التركية السورية، عندما أمره قائد القوات الجوية الجنرال عابدين أونال، بإطلاق النار عليها في ذلك الوقت.
وفي شهادته أمام المحكمة في 15 أغسطس 2017، قال العقيد الركن علي درموش، البالغ من العمر 45 عاماً، إن قيادة القوات الجوية القتالية، كانت قد أبلغت أونال أن طائرتين روسيتين، انتهكتا المجال الجوي التركي، فوق منطقة الحدود السورية، في 24 نوفمبر 2015، وسأل للحصول على تعليمات.
فأمرهم أونال بالضرب، ما أدى إلى إسقاط طائرةٍ مقاتلة روسية من طراز Sukhoi Su-24M من قِبَلِ مقاتلٍ تركي F-16، بالقرب من الحدود مع سوريا (بالقرب من مكان التقاء محافظتي "هاتاي" التركية و"اللاذقية" في سوريا في التضاريس الجبلية).
وأفاد درموش: "... عندما تم استدعاؤه وإخباره عن طائرتين روسيتين كانتا تحلِّقان على حدودنا، أمرهما بإسقاط الطائرتين النفاثتين، إذا عبرتا إلى المجال الجوي التركي وأغلق الهاتف".
نتيجةً لذلك، وبعد دقائق قليلة من هذه المكالمة، أسقط الطيارون طائرةً روسية، عبرت مجالنا الجوي، بأوامر من المراقبين الجويين.
وأوضح أيضاً، كيف عملت قواعد الاشتباك، التي تم تعديلها، والتي وافقت عليها الحكومة، بشكلٍ مختلف مع الطائرات الروسية والسورية.
ورغم أن السلطة النهائية لإسقاط طائرةٍ أجنبية، تقع على عاتق الحكومة، فقد تم تطوير قواعد الاشتباك، لمنح السلطة لإجراء مثل هذه المكالمات للجيش، من أجل اختصار وقت الاستجابة، في المواقف الملِّحة وسريعة التطور.
أما الطائرات السورية، فقد فوَّضت الحكومة سُلطة اتخاذ قرار إطلاق النار للطيارين والمراقبين الجويين، من خلال رئيس الأركان العامة وقيادة القوات الجوية.
وقال: "باعتبار أن سوريا، كانت قد أسقطت إحدى طائراتنا كردٍّ سريعٍ، على الطائرات التي تعبر الحدود الجوية، تمكنّا نحن من إسقاط طائرةٍ هليكوبتر سورية".
وفي قوله هذا، كان يشير إلى إسقاط طائرة استطلاع تركية من طراز RF-4E Phantom في 22 يونيو 2012 من قِبَلِ سوريا، بعد أن كانت قد انتهكت المجال الجوي السوري، بالقرب من اللاذقية.
وقد نشرت "نورديك مونيتور" تقريراً يؤكِّد أن الرحلة كانت مخططةً كعمليةٍ سرية مزيَّفة، من قِبَلِ منظمة المخابرات الوطنية التركية (MİT) لدفع تركيا إلى توغُّلٍ عسكري في جارتها الجنوبية، مع اندلاع الحرب الأهلية في الدولة العربية، وجرّ الناتو معها.
ومع قواعد الاشتباك المُنقّحة، أسقط طيارو F-16 أتراك طائرة هليكوبتر سورية عام 2013 وكذلك طائرةً مقاتلةً سورية من طراز ميغ 23 عام 2014 بإذنٍ من المراقبين الجويين.
ومع ذلك، كانت قواعد الاشتباك للطائرات الروسية في سوريا مختلفةً، وفقاً لدورموش، الذي قال إن الطائرات المقاتلة الروسية، لم تطلق النار على الطائرات التركية، بل كانت تنفِّذ أنشطتها في سوريا.
ونتيجةً لذلك، لم تُترَك سلطة الاشتباك مع الطائرات الروسية للمراقبين الجويين أو الطيارين، بل بقيت مسؤولية قائد القوات الجوية بموافقة الحكومة، التي فوَّضت سلطاتها لإطلاق النار للجيش.
وقال درموش: "تم إجراء تقييمٍ مفاده أن قائداً متمرِّساً في سلاح الجو، سيكون أكثر ملاءمةً لإجراء تقييمٍ واتخاذ القرار مع مراعاة المصالح الاستراتيجية والسياسة الخارجية لبلدنا"... أي بمعنى آخر، ستكون لإسقاط طائرةٍ روسية، تداعياتٌ استراتيجية وسياسية بعيدة المدى على تركيا، ومثل هذا القرار لم يُترك للمراقب الجوي أو الطيار بل تم تفويضه لقائد القوات الجوية.
"والآن، عندما ننظر إلى الأمر هنا، فإن الشخص الذي أصدر الأمر يتحمَّل المسؤولية" كما أكد دورموش، أن الطيار والمراقب الجوي، لا يتحمَّلان أيَّ مسؤوليةٍ هنا.
يُذكر أن أونال لم يكن جنرالاً عادياً في القوات الجوية فحسب، بل على عكس أسلافه، فهو على علاقة وثيقة بالرئيس رجب طيب أردوغان، الذي كان يلتقيه سِراً، من دون عِلم رئيس الأركان العامة آنذاك، الجنرال خلوصي أكار، أي أنهما كانا يلتقيان خارج سلسلة القيادة.
أما داخل أروقة سياسة أنقرة، فقد تردَّدت شائعاتٌ، بأنه سيكون القائد العسكري القادم، مع ابنه الدبلوماسي الذي يتباهى بمثل هذا الاحتمال، أمام الأصدقاء والزملاء، وفي المحصلة دفعت هذه الثرثرة الجنرال أكار، الذي يملؤوه الشك إلى مراقبة تحرُّكات أونال.
وبذلك، عندما أصدر أونال الأمر بضرب الطائرة الروسية، كان على يقينٍ بأنه ينفذ رغبات الرئيس أردوغان.
ويبدو أيضاً أن أمر قائد القوات الجوية، بإسقاط الطائرة الروسية كان بمنزلة انتصارٍ من قِبَلِ الحكومة، وكذلك رئيس الأركان العامة أكار، الذي زار القاعدة الجوية بشكلٍ شخصي، لتهنئة الطيار المقاتل من طراز F-16 الذي أسقط الطائرة الروسية.
وابتهج مكتب الرئيس، بنبأ إسقاط الطائرة الروسية، وسرَّب المعلومات لوسائل الإعلام، على أنها أخبارٌ عاجلة، وعليها، نقلت وكالة أنباء الأناضول التركية، شبه الرسمية، عن مصادرٍ رئاسية تركية قولها، إن الطائرة الروسية SU-24 استُهدفت ضمن قواعد الاشتباك التركية، في منطقة باير بوكاك السورية، التي تُعرف كموطنٍ للتركمان، حيث كانت الطائرات الروسية تقصف شمال اللاذقية في سوريا قبل الحادث، وفر التركمان الذين يعيشون في المنطقة، إلى الحدود التركية.
بينما قالت موسكو إنها تشن غاراتٍ جوية ضد من وصفتهم بالإرهابيين.
وكُشف عن الدور الرئيس للرئيس أردوغان في الحادث، عندما نشرت "نورديك مونيتور" ملاحظاتٍ عسكرية سرية في ديسمبر 2019، وأعلن أردوغان في ذلك الوقت أنه "سيتم تقييم كل عنصرٍ عسكري يقترب من تركيا من الحدود السورية، ويمثِّل خطراً أمنياً على أنه تهديدٌ عسكري، وسيتم التعامل معه على أنه هدفٌ عسكري".
ورغم أن أردوغان والقادة الأتراك الآخرين، كانوا قد تحدّوا في البداية، التهديدات الروسية، وتعهدوا بالعمل مرةً أخرى، وفقاً لقواعد الاشتباك، في حال حدوث انتهاكٍ آخر في الهواء، فقد خفَّفوا لاحقاً من حِدة الخطاب.
فعقب الاتفاق بين موسكو وأنقرة بشأن التقارب، بدأ (AKP) حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، في الادعاء بأن الحكومة لم تأمر القوات الجوية التركية بإسقاط الطائرة الروسية، لكنها أكدت أن الطيارين تصرَّفوا بمفردهم! وليس هذا فحسب، وإنما اتُهم الطياران بإسقاط الطائرة الروسية بمبادرةٍ منهما واعتُقلا في أعقاب محاولةٍ انقلابية في 15 يوليو 2016.
وفي عام 2017 تقاعد أونال، الذي أصدر الأمر عبر الهاتف، من الجيش بعد أن لعب دوراً في محاولة الانقلاب عام 2016 بالتنسيق الوثيق مع وكالة المخابرات التركية.
وقد ترك القوات الجوية مشلولاً، بسبب التطهير الجماعي للطيارين المقاتلين، الذي تسبَّب في نقصٍ كبير في الطيارين، في ثاني أكبر جيشٍ في الناتو من حيث القوة البشرية.
وأدلى بتصريحاتٍ متضاربة عن دوره خلال الانقلاب الفاشل، وتعرض لانتقاداتٍ لأنه تعمَّد عدم اتخاذ أي إجراءٍ لوقف نشاط القوات الجوية في وقتٍ مبكر، ويقال اليوم إنه يعيش في الخارج.
كما سجنت حكومة أردوغان، درموش بتهمٍ ملفقة بالتآمر للانقلاب، وصدر بحقه 79 حكماً بالسجن مدى الحياة، إضافة إلى 3901 عاماً في نهاية المحاكمات التي اختُتمت في نوفمبر 2020.