عقب الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة... آمال عريضة تنتظر العراق
يمر الاقتصاد العراقي، بحالة من التعافي أو التحسُّن الحذِر، وربما يزيده بعض العمليات الإرهابية، التي تقع هنا أو هناك، لكن تصميم الحكومة، بقيادة الكاظمي، يخفف من آثار هذه العمليات، ويفتح باب الأمل نحو مستقبل أفضل.

السياق
يئن العراق تحت وطأة الفوضى، منذ سنوات، إلا أنه مع الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة، لحكومة مصطفى الكاظمي، هناك آمال عريضة، تنتظر هذا البلد، الذي عانى ويعاني، خلافات عدة.
ورغم كورونا وتقلُّبات أسعار النفط، اللتين تسبَّبتا في تعميق مشكلات العراق الاقتصادية، فإنه مع التحول الإيجابي، في اتجاهات أسواق النفط العالمية، يتوقَّع أن تتحسَّن الآفاق المستقبلية للعراق، خصوصًا مع آخر تصريح للكاظمي، الذي قال فيه: "نؤكد تصميم العراق، حكومة وشعبًا، رغم التحديات، على المضي في طريق الإصلاح الاقتصادي، وفق رؤى طويلة الأمد، تعتمد على حلول ناجعة"، موضحًا أن الحكومة تضع نصب عينيها مصالح العراق، واحتياجات الشعب العراقي، إضافة إلى الاستفادة من المشورة التي تقدِّمها المؤسسات المالية الرصينة، كالبنك الدولي.
ارتفاع أسعار النفط
أول الشواهد، التي تؤكد توقُّعات تعافي الاقتصاد العراقي قريبًا، ارتفاع حصص إنتاج مجموعة (أوبك+)، مع توقُّع نمو الناتج المحلي الإجمالي تدريجياً بـ 1.9% عام 2021 و6.3% في المتوسط، عامي 2022 و2023.
ومن المتوقَّع، أن يؤدي ارتفاع عائدات النفط، مع التأثير الناتج عن خفض قيمة العُملة، إلى تقليص العجز في المالية العامة إلى 5.4% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2021، حسب تقرير نشره البنك الدولي على موقعه الرسمي.
ورغم أن حكومة الكاظمي، لجأت إلى تقليص النفقات، فإن جائحة كورونا، ضغطت على الموازنة العامة للدولة، حيث توقَّع البنك الدولي، أن تحتاج موازنة هذا العام 2021 - 2022، في المتوسط نحو 13.7 مليار دولار أمريكي سنوياً (7.5% من الناتج المحلي الإجمالي)، وهو مستوى مرتفع مقارنة بمستويات ما قبل جائحة كورونا، فهل ينجح الكاظمي ورجاله، في الخروج من هذا المأزق؟ هذا ما ستجيب عنه الأيام المقبلة.
تحسُّن حذِر
يمر الاقتصاد العراقي، بحالة من التعافي أو التحسُّن الحذِر، وربما يزيده بعض العمليات الإرهابية، التي تقع هنا أو هناك، لكن تصميم الحكومة، بقيادة الكاظمي، يخفف من آثار هذه العمليات، ويفتح باب الأمل نحو مستقبل أفضل.
ونفَّذت الحكومة، بعض الإصلاحات الاقتصادية، التي ساعدت بالفِعل في تخفيف عجز المالية العامة، وضغوط سعر الصرف. ومع ذلك، تبقى القضايا الأكثر هيكلية، مثل أجور موظفي القطاع العام، والجمود في المعاشات التقاعدية، من دون معالجة.
وعن الخروج من هذا المأزق، يقول ساروج كومار جاه، المدير الإقليمي لدائرة المشرق بالبنك الدولي: "إن إعادة البناء بشكل أفضل، الركيزة الأساسية لتوفير الوظائف الضرورية للشباب، والمساعدة في استعادة توازن العراقيين، فضلاً عن التحولات المطلوبة، لبناء فرص اقتصادية متكافئة للمرأة العراقية".
القطاعات غير النفطية
من السبل التي يعتمد عليها العراق أيضًا، لمواجهة أزماته الاقتصادية، وللخروج من مأزق عجز الموازنة، الاعتماد على القطاعات غير النفطية، التي من الممكن أن تساعد في دعم الاقتصاد بنحو 11 مليار دولار أمريكي، إضافة إلى الإسراع في تنفيذ حملة التلقيح، للخروج من حالة كورونا للأبد، ومن ثم النظر إلى مصالح العراق اقتصاديًا وسياسيًا، كمحاولة أكبر لتحسين معدل الفقر الوطني، الذي بلغ خلال صيف عام 2020، نحو 31.7 في المئة، بارتفاع يقدر بـ12 في المئة عن عام 2019، وهو معدل قياسي، يسجل للمرة الأولى، منذ عام 2003.
ورغم هذا الرقم المخيف، فإن المتحدِّث باسم الوزارة عبد الزهرة الهنداوي، قلَّل من خطورته، قائلا: إن الزيادة نتيجة أزمة طارئة، هي جائحة كورونا، التي أدت إلى فقدان كثير من الناس مصدر عيشهم أو انخفاض دخلهم.
بالعودة إلى النفط... فمع تخطي سعر البرميل 70 دولارًا، أصبح بوسع العراق الشروع في تنفيذ الإصلاحات، التي وعد بها الكاظمي، وتوظيف هذه المكاسب، في التخفيف من تداعيات محتملة، لمثل هذه الإصلاحات، والاستثمار في رأس المال البشري والمادي، للخروج من أزماته الاقتصادية والسياسية قريبًا.
الورقة البيضاء
كانت حكومة العراق، برئاسة الكاظمي، أصدرت في أكتوبر 2020، ما تسمى "الورقة البيضاء"، وهي مجموعة اتصال اقتصادي دولية، تشكَّـلت بعد نجاح الحكومة في تقليص أزمة انخفاض الدينار، للعمل على رفعة الاقتصاد العراقي، وعقدت المجموعة، التي تضم الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا واليابان وإيطاليا والاتحاد الأوروبي وكندا والسعودية، والبنك الدولي، اجتماعاً مع رئيس الحكومة العراقية، مصطفى الكاظمي، لحث الحكومة والأطراف السياسية العراقية، على تحقيق الإصلاح الاقتصادي، وجعله أولوية لها، مؤكدة دعمها للحكومة في تنفيذ الإصلاحات، ليس بهدف عبور الأزمة فقط، بل لتحقيق فرص دائمة للشعب العراقي.
التأييد الدولي زاد فرص زيادة الاستثمارات الأجنبية، ومنح قوة غير عادية للدينار، كما سهَّل حصول العراق على القروض الدولية، وفتح آفاقاً جديدة، لذلك كانت تصريحات رئيس الحكومة واضحة ومباشرة في هذا الشأن، حيث قال: إن سياسة العراق ثابتة، في ما يخص سعر الصرف، والوضع الأمني، وتنظيم الانتخابات في موعدها"، موكداً أن الحكومة ماضية في الإصلاحات وتنفيذ الورقة البيضاء، ويبدو أن الأيام المقبلة، ستشهد تحقيق بعض هذه الوعود.
________
بقلم: أسامة نبيل