تركيا... أداة روسية لتقويض حلف الناتو
أردوغان يعيد لعب دور المفسد في الناتو لينقذ لوكاشينكو

ترجمات - السياق
استخدم أردوغان حق النقض "الفيتو" في وجه المطالبين بإدانة رسمية للرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، على خلفية إجباره طائرة ركاب، على الهبوط في مطار مينسك، لاعتقال الصحفي المعارض رومان بروتاسيفيتش، ما اعتبره المراقبون تحدياً لقائمة أصدقاء تركيا.
في مقاله على موقع ذا غلوباليست، اعتبر مدير برنامج تركيا في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات د.أيكان إردمير، أن خطوة أردوغان الأخيرة، أحدث مثال على التواطؤ بين أنقرة وموسكو لتقويض الناتو، باعتبار لوكاشينكو، حليفاً مقرباً من روسيا.
تفصيلاً، أثارت عملية اعتقال بروتاسيفيتش، انتقادات شديدة، في مختلف أنحاء العالم، حيث فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات، رداً على اختطاف الطائرة، كما غرَّد الأمين العام لحلف الناتو ستولتنبرغ، بأنها حادثة خطيرة جداً، تستدعي تحقيقًا دوليًا، ودعا بيلاروسيا إلى ضمان العودة الآمنة لطاقم الطائرة وجميع الركاب.
من جانبه أصدر الناتو بيانًا يدين "التحويل القسري لمسار لطائرة"، وأعلن دعمه للإجراءات، التي يتخذها الحلفاء بشكل فردي وجماعي، ردًا على هذا الحادث.
ألقي القبض على الصحفي المعارض، بعد إجبار مقاتلة بيلاروسية، طائرة للخطوط الجوية الإيرلندية، على الهبوط في مينسك، أثناء عبورها المجال الجوي للبلد السوفييتي السابق، كان بروتاسيفيتش على متنها، في رحلة من أثينا اليونانية إلى فيلنيوس الليتوانية، ما أثار استنكار الدول الأوروبية وحلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي طالب بفتح "تحقيق دولي".
وتفيد التحقيقات، بأن عملاء استخبارات بيلاروسيين، كانوا على متن الطائرة، وعند دخولها المجال الجوي البيلاروسي، أثاروا شجاراً مع طاقم "راين إير" زاعمين وجود قنبلة في الطائرة، وبرَّرت السلطات البيلاروسية تدخلها، لإجبار الطائرة الإيرلندية على الهبوط، بأنه كان بسبب إنذار يحمل توقيع حماس، بينما سارعت حماس إلى تكذيب ذلك، على لسان المتحدِّث باسمها، نافية أية علاقة للحركة بالأمر.
سوابق
وبحسب "رويترز"، منعت تركيا الخطوات العقابية، التي ضغط عليها حلفاء دول البلطيق وبولندا. كما منعت أنقرة الدعوات لفرض المزيد من العقوبات الغربية على بيلاروسيا، وإطلاق سراح السجناء السياسيين هناك.
في 31 مايو، في مقابلته مع صحيفة كوميرسانت، أكد وزير الخارجية البيلاروسي فلاديمير ماكي، أن أنقرة تعارض اتخاذ إجراءات أقوى من "الناتو" قائلاً: "ممتنون لتركيا، لاتخاذها مثل هذا الموقف". وأضاف: "لدينا علاقات وثيقة وودية للغاية مع هذا البلد".
يأتي ذلك، في أعقاب حدثين سابقين، حيث ساهمت أنقرة في التخفيف من استجابة الناتو الأشد قسوة تجاه روسيا، كما ذكرت "المونيتور" أن أنقرة خففت صياغة بيان، يعبِّـر عن التضامن مع الولايات المتحدة، بشأن الهجمات الإلكترونية الروسية، على الوكالات الحكومية الأمريكية.
الفيل في الغرفة
وأضاف إردمير أن تركيا فعلت ذلك مجدداً، بعدما أحبطت بياناً، أراد التعبير عن قلق من تفجير الاستخبارات الروسية العسكرية، مخازن ذخيرة بتشيكيا، عام 2014.
ومنعت تركيا خُطة دفاعية أطلسية، لبولونيا ودول البلطيق، أكثر من ستة أشهر، حتى يونيو 2020، ما دفع صحيفة نيويورك تايمز إلى وصف تركيا بـ "الفيل في غرفة الناتو".
ووفق وكالة رويترز، أفشلت تركيا الخُطوات العقابية، التي حضت دول البلطيق، وبولونيا، الأوروبيين على اتخاذها
ومنعت أنقرة، الدعوات إلى عقوبات غربية على بيلاروسيا، وإطلاق سراح السجناء السياسيين فيها.
في 31 مايو، وفي مقابلة مع صحيفة كومرسانت الروسية، أكد وزير الخارجية البيلاروسي فلاديمير ماكي، أن أنقرة عارضت تحركاً أطلسياً أقوى، معرباً عن امتنان بلاده للخطوة التركية.
جاء ذلك بعد تطورين، خففت أنقرة خلالهما، رداً قوياً من الحلف الأطلسي على روسيا.
وذكر موقع المونيتور أن أنقرة أعادت صياغة بيان، أعرب عن تضامن غربي مع الولايات المتحدة، في مواجهة الهجمات السيبيرانية الروسية على وكالات حكومية أمريكية.
أردوغان – لوكاشينكو... علاقات ودية
شهدت العلاقة الوطيدة بين أردوغان ولوكاشينكو، سجلاً حافلاً من مواقف المؤازرة والتكاتف، ففي أغسطس 2020، أعلن المجلس الأوروبي، أن الانتخابات الرئاسية البيلاروسية "غير حرة ولا نزيهة"، ورفض الاعتراف بنتائجها، ومع ذلك، كان أردوغان من القادة الأوائل في العالم، الذين هنأوا لوكاشينكو.
تعود العلاقات الودية بين أردوغان ولوكاشينكو إلى عام 2017، حين عمد أردوغان إلى توسيع سلطاته، بعد استفتاء دستوري ووجِه بإدانة عالمية، لكن لوكاشينكو كان أيضاً من السياسيين الأوائل، الذين قدَّموا له تهنئتهم.
في السنة التالية، فاز أردوغان بالانتخابات الرئاسية، فأعلن لوكاشينكو أن مينسك وأنقرة أسستا "علاقات أخوية فريدة حقاً".
وتحدَّث الرئيس البيلاروسي عن احتمال إقامة "تعاون ثنائي استراتيجي".
أنقرة... أداة روسيا لتقويض الناتو
سلط إردمير، في مقالته، الضوء على التواطؤ بين أنقرة وموسكو، لتقويض حلف شمال الأطلسي، باعتباره ليس جديداً، فحين وقَّعت تركيا اتفاقاً مع روسيا، على شراء منظومة صواريخ أس-400، أصبحت أول دولة أطلسية، تشتري معدات عسكرية ضخمة من موسكو.
وأضحت تركيا أيضاً، أول دولة في حلف شمال الأطلسي، تتعرَّض للعقوبات الأمريكية، وفقاً لقانون كاتسا، الذي يعاقب الأطراف التي تجري معاملات بارزة، مع القطاعين الدفاعي والاستخباري في روسيا.
من ناحية أخرى، لقيت التوغلات العسكرية التركية في سوريا انتقادات، بسبب تعزيزها البصمة السياسية والعسكرية لروسيا، في البلاد التي مزَّقتها الحرب، وعلى حساب الولايات المتحدة وشركائها، الذين قادهم الأكراد في الصراع ضد داعش.
الابتعاد أكثر عن الناتو
كانت تركيا ذات يوم، حصنًا مواليًا للغرب، على الجانب الجنوبي الشرقي لحلف شمال الأطلسي، لكن تحت قيادة أردوغان ، تواصل تركيا الابتعاد عن التحالف عبر الأطلسي، ولعب دور المفسد فيه.
ويظهر اندفاع أردوغان الأخير، لإنقاذ حليف بوتين لوكاشينكو، إلى أي مدى سيذهب الرئيس التركي، للتعبير عن تضامنه مع زملائه الأقوياء، في روسيا وبيلاروسيا.
سيؤدي الدور المفسد، الذي يلعبه أردوغان داخل الناتو، إلى زيادة الشكوك في تركيا، داخل التحالف عبر الأطلسي، كما أنه يتعارض مع اهتمام تركيا المعلن، بحصول أنقرة على دور في آليات دفاع الاتحاد الأوروبي.
وضع الأمور في نصابها
دعا إردمير قادة الناتو، إلى انتهاز الفرصة، في قمتهم المقبلة، منتصف الشهر الجاري، لوضع الأمور في نصابها، إذ يتعيَّن على الرئيس الأمريكي جو بايدن، استثمار لقائه الثنائي المقرَّر مع أردوغان، لتذكيره بالمبادئ والقيم الأساسية لحلف شمال الأطلسي، أما الدول الأوروبية في الحلف، فسيكون الوقت مناسباً لها، لوضع حد لسياسات استرضاء أردوغان.