مؤتمر برلين 2... الفرصة الأخيرة لمعرقلي المسار السياسي في ليبيا
دعت الخارجية الألمانية، إلى عقد مؤتمر برلين 2 في 23 يونيو/حزيران الجاري، لبحث آخر تطورات الأوضاع في ليبيا، ومعرفة ما أٌنجز من بنود المصالحة الوطنية، ومخرجات مؤتمر برلين1.

السياق
مازالت الجولات السياسية، التي يقودها المجتمع الدولي في ليبيا مستمرة، لتنفيذ خارطة الطريق وبنود المصالحة الوطنية، القاضية بإجراء انتخابات في ديسمبر المقبل، سعياً لانتشال البلاد من فوضى سياسية وأمنية، دامت أكثر من 10 سنوات.
ودعت الخارجية الألمانية، في بيان رسمي، إلى عقد مؤتمر برلين2 في 23 يونيو الجاري، لبحث آخر تطورات الأوضاع في ليبيا، ومعرفة ما تم إنجازه من بنود المصالحة الوطنية، ومخرجات مؤتمر برلين1.
واتفق خبراء سياسيون في ليبيا، على أن مؤتمر برلين2، سيكون الفرصة الأخيرة لمعرقلي بنود المصالحة، بعد تأكيد بيان الخارجية الألمانية، الداعي للمؤتمر، أنه ستتم مناقشة إخراج المرتزقة من ليبيا، والمعوقات التي تقف حائلا أمام الانتخابات.
رسالة أخيرة
وكشفت مصادر رسمية، داخل الحكومة الليبية، أن الدعوة إلى هذا المؤتمر، في هذا التوقيت، بمشاركة أممية ودولية، على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، رسالة قوية لكل المعرقلين للانتخابات، المقرَّرة في ديسمبر المقبل، مفادها أن المجتمع الدولي لن يقبل بتعطيل الانتخابات، وأنه ستتم ملاحقة الأطراف الساعية إلى نشر فوضى سياسية في ليبيا.
وأضاف المصدر -في تصريحات خاصة- أن هذا المؤتمر ستكون نتائجه صادمة لكل الفصائل السياسية، التي تعمل على تعطيل بنود خارطة الطريق، لاسيما جماعات الإسلام السياسي وقادة المليشيات.
وأوضح أن برلين 2 قد ينعقد، من دون مشاركة بعض الفصائل السياسية، التي ترى القوى الدولية أنها معطِّلة لخارطة الطريق، وهذه ستكون رسالة أخيرة لهم، مفادها إما الانضباط، وإما أنهم سيقعون تحت طائلة عقوبات الدول الكبرى.
وأكد المصدر، أن الحكومة بدأت بالفعل، تجهيز الوفد الذي سيشارك في المؤتمر، وأن رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة، سيكون أحد الحاضرين، مشيراً إلى أنه هناك تكليفاً بإعداد لجنة، لحصر الأزمات والمشكلات، وتسمية جميع الأطراف، الساعية إلى تأزيم الوضع في ليبيا، وتقديمها لقادة المؤتمر.
وأشار المصدر، إلى أن بيان الحكومة في المؤتمر، سيطالب المجتمع الدولي، بتقديم المساعدة والضغط، لتنفيذ بنود خارطة الطريق، كما أنه ستتم مناقشة تأخير فتح الطريق الساحلي، الرابط بين سرت ومصراتة، وابتزاز بعض المليشيات للحكومة، من أجل الضغط، للحصول على مكاسب سياسية ومالية، مقابل فتح هذا الطريق.
وقال الباحث في الشأن الليبي، إبراهيم الفيتوري، في تصريحات خاصة، إن المجتمع الدولي بدأ يتحسَّس أن هناك انحرافاً عن طريق المصالحة الوطنية وتنفيذ بنود خارطة الطريق، القاضية بإجراء الانتخابات في ديسمبر المقبل.
وأضاف الفيتوري، أن هناك فصائل سياسية، تسعى -حتى اللحظة- إلى إغراق ليبيا في فترة انتقالية طويلة لا تنتهي، نظراً لأن مصلحتها تكمن في عدم استقرار البلاد وانتشار الفوضى.
وأوضح أن هذه الأيام حاسمة، في إمكانية تنفيذ المصالحة الوطنية، فإذا فشلت الجهات المعنية، في تمرير القاعدة الدستورية بشأن الانتخابات، قبل انتهاء هذا الشهر، فإن من المستحيل إجراء الاستحقاق الدستوري، الذي حدَّدت تفاصيله مخرجات مؤتمر برلين 1.
وأكد الباحث الليبي، أن المجتمع الدولي أدرك ما تقوم به بعض التيارات السياسية، وبدأ البحث عن حلول، لما تقوم به جماعات الإسلام السياسي في ليبيا، خاصة جماعة الإخوان، أكبر الخاسرين من فِكرة إجراء الانتخابات في موعدها، نظراً لاضمحلال فرصها، في الحصول على فوز بتصويت شعبي.
وأشار الفيتوري، إلى أن مؤتمر برلين سيكون حاسماً، في إيجاد حلول لثلاث مشكلات، أولاها كيفية القضاء على الفساد المالي، الذي أنهك الثروات الليبية، والثانية: كيفية تفكيك المليشيات التي تقف عائقاً أمام الاستقرار، أما الثالثة، فهي كيفية التخلُّص من جماعات الإسلام السياسي المتطرفة، المعرقلة لإجراء الانتخابات.
وأوضح أن المشاركة الدولية في هذا المؤتمر، بحضور أممي ومندوب للولايات المتحدة، ستشكل أكبر ضغط، على كل ما يحول دون إجراء الانتخابات، وقد يكون تجهيزاً لطلقة أخيرة تحطِّم رأس الإخوان سياسياً، في ليبيا.
من جانبه قال المحلِّل السياسي سلطان الباروني، في تصريحات خاصة، إن الوضع غربي ليبيا، غير مطمئن بالمرة، من فِكرة إجراء انتخابات، من دون المساس بشفافيتها، نظراَ لانتشار المليشيات، وقبلها وجود فصائل سياسية، ساعية إلى ضرب المسار الموجَّه لإجراء الانتخابات.
وأضاف الباروني، أن المجتمع الدولي أدرك ما تنويه تلك الفصائل، وأن سيناريو 2014 قد يكون على أعتاب التنفيذ مرة أخرى، إذا لم يتخذ خطوات سريعة، في ضرب أهداف تلك الجماعات السياسية.
وأوضح الباروني، أن مؤتمر برلين سيوجِّه رسائل واضحة، بأنه لن يقبل تغيير أي موعد للانتخابات ولا تأجيلها، مشيراً إلى أنه في حال عدم اللجوء إلى صناديق الاقتراع، سيتوجَّه الليبيون إلى صناديق الذخيرة، ويببدأ فصل جديدة من الفوضى السياسية والأمنية، وهذا ما تتمناه قوى الإسلام السياسي، وعلى رأسها تنظيم الإخوان، الذي يعلم جيداً أنها الطريقة الوحيدة، للبقاء في السلطة.
وأكد الباروني، أن الوضع شرقي ليبيا، مختلف كثيراً عن الغرب، فالكل شاهدوا العرض العسكري الأخير، واستمعوا إلى تصريحات المشير خليفة حفتر، التي أكَّد فيها إصراره على إجراء الانتخابات في موعدها، مع ضرورة تنفيذ بنود خارطة الطريق.
مناقشة الخطوات المقبلة
وبحسب بيانات رسمية، من وزارة الخارجية الألمانية، فإن المؤتمر سيناقش الخُطوات المقبلة، التي تحتاج ليبيا إليها، لتحقيق استقرار مستدام، وستركِّز المحادثات، على التحضير لانتخابات وطنية مقرَّرة في 24 ديسمبر المقبل، وسحب المرتزقة من ليبيا.
وأكد البيان، الصادر عن الخارجية الألمانية، أن المؤتمر تعبير عن الدعم الدولي المتواصل للاستقرار، وأن المجتمع الدولي يقف مستعداً، لمواصلة دعمه البنّاء لعملية السلام، التي تقودها الأمم المتحدة في ليبيا.
واستضافت برلين الجولة الأولى من المحادثات، برعاية الأمم المتحدة، في 19 يناير 2020، التي شاركت فيها أطراف النزاع الليبي، إلى جانب رؤساء روسيا وتركيا وفرنسا ومصر، في مسعى لإحلال السلام في ليبيا.