كيف يتعامل فيسبوك ومواقع التواصل الأخرى مع خيارات الخصوصية؟
منصات وسائل التواصل الاجتماعي تستخدم الأنماط المظلمة بشكل متكرِّر لحثك على التخلي عن المزيد من بياناتك الخاصة على هاتفك

ترجمات - السياق
أبرز موقع "WIRED"، الأمريكي، المعني بالتكنولوجيا، ما وصفها بـ"الممارسات المزعجة" لموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، موضحاً أن المنصة تعمل على إجبار مستخدميها على التخلي عن المزيد من خصوصيتهم.
وتساءل الموقع: "كيف يمكننا تسمية هذا الإكراه؟"، خلال العقد الماضي، نجا فيسبوك من العديد من الفضائح، حتى بات الناس يعرفون حقيقة هذه التلاعبات، فالشركة دفعت، العام الماضي، غرامة قدرها 5 مليارات دولار لأنها قدَّمت "ادعاءات مضلِّلة عن قدرة المستهلكين على التحكُّم في خصوصية بياناتهم الشخصية".
ومع ذلك، وجد الباحثون أن السياسات المتعلِّقة بالخصوصية في "فيسبوك" وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي، لا تزال تستخدم هذه التكتيكات المشبوهة.
ولفت الموقع إلى مثال على هذه الخدع، مثل أن تخبرك نافذة في "تويتر" بـ"أنك أنت المسيطر على جميع بياناتك"، لكنها تطلب منك "تشغيل خاصية اختيار إعلانات معينة" وذلك من أجل "تحسين الإعلانات التي تراها"، ولكن في الواقع، هذه خدعة قديمة استخدمها فيسبوك عام 2010 عندما سمح للمستخدمين، بإلغاء الاشتراك في مواقع شريكة له، تجمع وتسجل معلومات مستخدميه، وأي شخص رفض هذا "التخصيص" رأى نافذة تسأل: "هل أنت متأكد؟ سيمنحك السماح بالتخصيص الفوري تجربة أكثر ثراءً أثناء تصفحك للويب".
وحتى وقت قريب، ظل "فيسبوك" يحذِّر الأشخاص أيضاً، من إلغاء الاشتراك في خاصية التعرُّف إلى الوجه، قائلاً: "إذا استمر إيقاف التعرُّف إلى الوجوه، فلن نتمكِّن من استخدام هذه التقنية، إذا استخدم شخص غريب صورتك لانتحال هويتك"، وذلك باستخدام زر تشغيل أزرق ساطع، في حين أن زر إيقاف التشغيل، يكون باللون الرمادي، الأقل جاذبية.
ويطلق الباحثون، على قرارات التصميم والصياغة هذه "الأنماط المظلمة"، وهو مصطلح ينطبق على تجربة المستخدم، التي تحاول التلاعب باختياراته، فعندما يزعجك "إنستجرام" مراراً وتكراراً لـ"تشغيل الإشعارات"، ولا يقدِّم خياراً للرفض، يُعَدُّ ذلك نمطاً مظلماً، وعندما يعيد "فيسبوك" توجيهك إلى "تسجيل الخروج" عندما تحاول إلغاء تنشيط حسابك أو حذفه، هذا نمط مظلم أيضاً، حسب الموقع.
وأوضح الموقع أن الأنماط المظلمة، تظهر في جميع مواقع الإنترنت، ما يدفع الأشخاص إلى الاشتراك في النشرات الإخبارية، أو إضافة عناصر إلى عرباتهم، أو الاشتراك في الخدمات، ولكنهم، كما يقول الباحث في التفاعل بين الإنسان والحاسوب في جامعة بوردو، كولين جراي، يُعَـدُّون ماكرين بشكل خاص "عندما يتعلَّق الأمر بحقوق الخصوصية، والبيانات التي يجب التخلي عنها".
وقد عكف جراي، على دراسة الأنماط المظلمة منذ عام 2015، وحدَّد هو وفريقه البحثي، بعض الأنواع الأساسية لهذه الأنماط وهي المزعجة، والمعرقلة، والهادفة للتسلل، وتلك التي تجبر الشخص على اختيارات بعينها.
وتابع الموقع: "كل هذه الأنماط تظهر في ضوابط الخصوصية، ولقد لاحظ جراي، وباحثون آخرون في هذا المجال، التناقض بين مبادرات وادي السيليكون الكبرى تجاه الخصوصية، والأدوات اللازمة لتعديل هذه الاختيارات، التي تظل مليئة باللغة المربكة والتصميم المتلاعب، للحصول على المزيد من البيانات".
وأضاف: "لا تقتصر الخدع المتعلقة بالخصوصية، على وسائل التواصل الاجتماعي، بل أصبحت منتشرة على الإنترنت، خاصة في أعقاب صدور اللائحة العامة لحماية البيانات في أوروبا، فمنذ دخول هذه اللائحة حيِّـز التنفيذ عام 2018، أُبلغت مواقع الويب بأن تطلب من الأشخاص، الموافقة على جمع أنواع معينة من البيانات، لكن بعض نوافذ الموافقة تطلب منك ببساطة، قبول سياسات الخصوصية، مع عدم وجود خيار للرفض".
ويقول جراي: "أشارت بعض الأبحاث إلى أن ما يزيد على 70% من نوافذ الموافقة، فيها نوع من الأنماط المظلمة المضمنة فيها، وهو ما يمثِّل مشكلة عندما يضطر الناس إلى التنازل عن حقوق أساسية."
وأوضح الموقع أنه عام 2019، قدَّم عضوا مجلس الشيوخ الأمريكي مارك وارنر وديب فيشر مشروع قانون، لحظر هذه الأنواع من "واجهات المستخدم المتلاعبة"، وذلك من أجل تقليل التجارب الخادعة للمستخدمين عبر الإنترنت، وجعل استخدام مواقع الويب، مثل فيسبوك، للأنماط المظلمة، عندما يتعلَّق الأمر بالبيانات الشخصية، أمراً غير قانوني.
وأضاف جراي، أن الأسوأ من ذلك، أن الأبحاث تظهر أن معظم الناس لا يعرفون حتى أنه يتم التلاعب بهم، ولكن وفقاً لإحدى الدراسات، فإنه عندما تم تجهيز الأشخاص، وتعريفهم باللغة التي تستخدم في التلاعب، كان بإمكان ضعف عدد المستخدمين، معرفة هذه الأنماط المظلمة، وهو ما رأى الموقع أنه يشير إلى وجود بعض الأمل، بأن زيادة الوعي يمكن أن تمنح المستخدمين بعض السيطرة على بياناتهم.