انتخابات الجزائر.. الأرقام تكشف عن مفاجآت وتغييرات في المشهد السياسي

التغيير في المشهد الانتخابي بالجزائر، الذي برزت فيه أحزاب سياسية صاعدة، واندثرت أخرى، سيغيِّـر كثيرًا في السياسات الكبرى للحكومة الجزائرية، بعد فقدان حزبي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي نصيبًا كبيرًا من المقاعد، لصالح أحزاب أخرى.

انتخابات الجزائر.. الأرقام تكشف عن مفاجآت وتغييرات في المشهد السياسي

السياق

شهدت الانتخابات التشريعية الجزائرية تدني نسبة المشاركة، حيث بلغ عدد المشاركين في التصويت، 5 ملايين و625 ألفاً و324 (من أصل 24 مليوناً و425 ألفاً و171)، منهم 42 ألفاً و242 في الخارج، ما يعني نسبة 23.03%، ممن يحق لهم التصويت.

وحل حزب جبهة التحرير الوطني، في المرتبة الأولى بـ105 مقاعد من أصل 407، والأحرار في المركز الثاني بـ78 مقعداً، وحركة مجتمع السِّلم ثالثُا بـ64 مقعداً، والتجمع الوطني الديمقراطي رابعًا بـ57 مقعداً، وجبهة المستقبل خامسًا بـ48 مقعداً، وحركة البناء بـ40 مقعداً، حسب الأرقام التي كشف عنها، رئيس السلطة الوطنية المستقلة لمراقبة الانتخابات، محمد شرفي، في مؤتمر صحفي.

كما فازت جبهة الحكم الراشد بـ3 مقاعد، وحزب صوت الشعب على العدد نفسه، ثم حزب العدالة والتنمية، فحزب الحرية والعدالة وحزب الفجر الجديد، على مقعدين لكل منهم، وكذا حزب الجزائر الجديدة، حزب الكرامة و حزب جيل جديد، على مقعد واحد لكل تشكيلة سياسية، بحسب المصدر نفسه.

وتنافس في الانتخابات التشريعية، أكثر من 20 ألف مرشح، في جميع أنحاء الجزائر، على 407 مقاعد، أكثر من نِصفهم مستقلون، والبقية على القوائم الحزبية.

قراءة في الأرقام

نتائج انتخابات 12 يونيو كشفت عن أرقام جديدة، لأول مرة في الجزائر، منذ سنوات، ترصدها «منصة السياق الإعلامية» في هذا التقرير...

نصيب حزب جبهة التحرير الوطني، من مقاعد البرلمان الجزائري، انخفض إلى 105 مقاعد، بعد أن حصد في الانتخابات السابقة 161 مقعدًا، ليخسر الحزب الذي كان يوصف بحزب السلطة، العديد من معاقله في الولايات الجزائرية.

ورغم تصدُّره لنتائج الانتخابات، فإن مراقبين يرون أن "الأفلان" مُني بـ«خسارة سياسية»، بالنظر إلى تراجع تمثيله، بينما عزا آخرون حفاظه على المركز الأول، في عدد المقاعد، لاستغلاله فرصة المقاطعين، في الحشد، للحصول على أكبر عدد من الأصوات.

وبحسب وكالة الأنباء الجزائرية، فإن حزب التحرير الوطني، دفع بوجوه سياسية جديدة، ممن لم يسبق لهم تقلُّد مناصب ومسؤوليات في الحزب، لخوض الانتخابات.

الانتخابات البرلمانية الجزائرية... طريق وعر قد يعيد البلاد إلى عنف الإسلامويين

مفاجأة الانتخابات

إلا أن المفاجأة في هذه الانتخابات، كانت حصول حزب الأحرار على المركز الثاني، وفوزه بـ78 مقعدًا، في نتيجة ستغيِّـر حتمًا ميزان القوى التقليدي السياسي في الجزائر.

حركة مجتمع السِّلم حافظت على المركز الثالث، كما كانت في الانتخابات السابقة، بينما أخفق التجمع الوطني الديمقراطي، في حصد أكبر عدد من المقاعد، أو حتى الحفاظ على ما حقَّقه، ليفوز بـ57 مقعداً، بعدما حصد 100 مقعد، قبل 5 سنوات.

وقفزت إلى الواجهة أحزاب صاعدة، مثل حركة  البناء الوطني، فازت بـ40 مقعدًا، و«حزب المستقبل» الذي حصد 48 مقعداً، بينما سجَّلت أحزاب معتمدة حديثا، كـ«صوت الشعب» الذي منى نفسه بالحصول على ثلاثة مقاعد، بينما غابت أحزاب أخرى كـ«تجمع أمل الجزائر».

أدنى تشكيل للمرأة

العنصر النسائي في التشكيلة البرلمانية الجديدة في الجزائر، فَقَدَ الكثير، فرغم ترشُّح أكثر من 8 آلاف امرأة، فإن 34 فقط منهن، تمكن من الفوز بمقاعد في مجلس النواب، بـ 8.35%، وهي النسبة الأقل منذ عام 1996، حسب النتائج المؤقَّتة التي أعلن عنها رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، محمد شرفي.

وتوزَّعت الأرقام بين 13 ألف مرشَّح، يبلغ من العمر أقل من 40 عاماً، وأكثر من 8 ألاف امرأة، ولم تتمكَّن إلا 34 مرشَّحة من الفوز بمقعد في البرلمان، وهي أقل نسبة منذ عام 1996.

سياسات كبرى

ذلك التغيير في المشهد الانتخابي بالجزائر، الذي برزت فيه أحزاب سياسية صاعدة، واندثرت أخرى، سيغيِّـر كثيرًا في السياسات الكبرى للحكومة الجزائرية، بعد فقدان حزبي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي نصيبًا كبيرًا من المقاعد، لصالح أحزاب أخرى.

النظام الجديد

رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، محمد شرفي، أكَّد أن تطبيق النظام الانتخابي الجديد، سمح بتعديل نمط التمثيل الشعبي، ما يستوجب دراسة معمَّقة، واستخلاصاً للعِبَر، بحسب وكالة الأنباء الجزائرية.

ودعا شرفي النواب الجدد إلى العمل، بالتنسيق مع الحكومة الجديدة، وبموافقة رئيس الجمهورية، على إدخال تحسينات وتعديلات طفيفة على قانون الانتخابات، تسمح بمرونة أكبر.

وتابع: "هناك أمور ينبغي تعديلها، في قانون الانتخابات، وفي نمط الاقتراع بالقائمة المفتوحة، لضمان احتساب صوت كل ناخب، لاسيما الأوراق الملغاة أو ما تسمى الأصوات المهدرة".

وقال إن "الجزائر الجديدة تمضي قدماً، في بناء مؤسساتها، وأبناؤها البررة يضعون لبنتها الثانية، في مسار التغيير الذي اختاره الشعب، من خلال اختياره مَنْ يمثلونه، في المجلس الشعبي الوطني".