قوة بحرية أمريكية دائمة بالمحيط الهادئ... هل اقتربت المواجهة بين واشنطن وبكين؟

 الأهداف المعنية بها القوة الأمريكية الجديدة في المحيط الهادئ الرد الفوري في حال خروج الصين عن المألوف، على غرار ما حدث أثناء الحرب الباردة مع الاتحاد السوفييتي

قوة بحرية أمريكية دائمة بالمحيط الهادئ... هل اقتربت المواجهة بين واشنطن وبكين؟

 ترجمات - السياق

تفتح دراسة وزارة الدفاع الأمريكية (بنتاغون)، لتشكيل قوة بحرية دائمة في المحيط الهادئ، الباب مجددًا أمام المخاوف الدولية، من مواجهة محتملة مع الصين.

وقالت مجلة بوليتيكو الأمريكية في تقرير: إن البنتاغون يدرس إنشاء قوة مهام بحرية دائمة، في منطقة المحيط الهادئ لمواجهة القوة العسكرية المتنامية للصين، وفقًا لما ذكره مطلعون على المناقشات الداخلية.

وقالت المصادر، التن طلبت عدم ذكر أسمائها للمجلة الأمريكية، إن الخطة ستشمل أيضًا إنشاء عملية عسكرية محددة للمحيط الهادئ، من شأنها تمكين وزير الدفاع من تخصيص أموال وموارد إضافية لمواجهة الصين، في إشارة إلى إقناع الكونغرس الأمريكي، بأن الخطر الصيني تفاقم ويستلزم موازنة جديدة وتحضيرات أكبر.

وأوضحت المجلة أن أهمية المبادرتين -إنشاء قوة بحرية وتنفيذ عملية عسكرية بالمحيط الهادئ- تأتي من كونهما ستعززان موقف الرئيس الأمريكي جو بايدن الحازم بشأن الصين، وترسلان إشارة إلى أن الإدارة الأمريكية الجديدة، جادة في اتخاذ إجراءات صارمة، ضد أي تعزيزات عسكرية لبكين وسلوكها العدواني، في منطقة المحيط الهادئ.

 

تدخل الناتو

يأتي الإعلان عن المهام البحرية للقوات الأمريكية في المحيط الهادئ، في الوقت الذي ينحاز فيه قادة الناتو بشكل متزايد، إلى موقف المواجهة لواشنطن بشأن بكين.

وبعد أربع سنوات من جعل الرئيس السابق دونالد ترامب مواجهة الصين أولوية قصوى في السياسة الخارجية، أكد حلفاء الناتو هذا الأسبوع، أن بكين تمثِّل تحديًا أمنيًا، وقالوا إن الصين تعمل على تقويض النظام العالمي.

كان الناتو قد قال في بيان: إن الإجراءات الحازمة للصين المتزايدة في بناء ترسانة نووية وقدرات الفضاء والحرب الإلكترونية، تهدد النظام الدولي، وهو ما أثار غضب الصين.

وأديرت نقاشات مطولة داخل مؤسسة البنتاغون، برئاسة الوزير لويد أوستن، انبثق عنها فريق عمل بقيادة إيلي راتنر، المرشح لشغل منصب المسؤول الأعلى لسياسة المحيطين الهندي والهادئ في البنتاغون، يهتم بالشأن الصيني فقط، وقد كلف بايدن هذا الفريق في مارس الماضي، بضرورة فحص السياسات والعمليات المتعلِّقة بالصين، وأوضحت "بولتيكو" أن الفريق أكمل عمله، وقدَّم توصياته إلى وزير الدفاع قبل أيام.

ونقلت "بولتيكو" عن مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية، رفض ذكر اسمه، قوله: "ندرس عددًا من المقترحات في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، من أجل مزامنة وتنسيق أنشطتنا بشكل أفضل".

بينما قال الوزير أوستن: "حان الوقت للعمل، هناك العديد من التفاصيل التي يتعيَّن الانتهاء منها، لمواجهة تضخم قوة الصين، في المحيطين الهندي والهادئ".

أما عن الهدف الرئيسي للعمليات الأمريكية في المحيط الهادئ، فقد أوضح إلبريدج كولبي، المسؤول السابق بوزارة الدفاع في عهد دونالد ترمب، أن الهدف من المبادرتين الأمريكيتين، هو التزام البنتاغون بنقل الموارد بعيداً عن الشرق الأوسط، ورفع الاحتياجات اللازمة في المحيط الهادئ، مشيرًا إلى أن قوة المهام البحرية والعملية العسكرية المحددة، سترفعان إمكانية القوة الموجَّهة لغرب المحيط الهادئ ضد الصين.

 

رد فوري رادع

من الأهداف المعنية بها القوة الأمريكية الجديدة في المحيط الهادئ، أن تكون واحدة من قوات الرد الفوري، في حالة أي خروج عن المألوف من الصين في أي وقت، على غرار ما حدث أثناء الحرب الباردة مع الاتحاد السوفييتي، داخل الأراضي الأوروبية، لذلك تم إرفاق من 6 إلى 10 سفن من دول عدة في الناتو -مدمرات فرقاطات- تصل إلى المحيط الهادئ خلال ستة أشهر.

هذا الرد الفوري، وصفه جيري هندريكس، المحلل في شركة الاستشارات الأميركية "تليموس غروب"، بالرادع، مشيرًا إلى أن القرار الأمريكي بإنشاء قوة عسكرية في المحيط الهادئ، كان ضروريًا في مواجهة التهديدات الصينية المفرطة لمفهوم (البحر الحر) والتجارة الحرة بمطالبها البحرية الإقليمية الكبيرة.

هندريكس، مؤلف كتاب "توفير وصيانة بحرية" قال: إن قوة عمل فعالة في المحيط الهادئ، ستضم أيضًا حلفاء أوروبيين مثل بريطانيا وفرنسا، الذين يزيدون وجودهم البحري في المحيط الهادئ، إضافة إلى اليابان وأستراليا.

 

الرد الصيني

في المقابل، رفضت الصين، التحركات الأمريكية، ومحاولة تدخل الناتو في المحيط الهادئ، وأكدت أن هناك مبالغة في ما تسمى «نظرية التهديد الصيني»، وأن كل ما يحدث محاولة لفتح باب للمواجهة من دون داعٍ.

ودعت بكين في بيان رسمي لقادة الناتو والدول الأوروبية، إلى ضرورة النظر لنمو بكين بعقلانية، والتوقُّف عن المبالغة بنظرية التهديد الصيني بأشكال مختلفة، مطالبة دول الحلف، بعدم السير خلف الاتهامات الأمريكية المبالغ فيها، واستخدام المصالح المشروعة للصين وحقوقها القانونية، كذرائع للتلاعب بسياسات المجموعة، متهمة الناتو بالسعي إلى "مواجهات بشكل مفتعل". 

وتصاعدت التوترات العسكرية، العام الماضي، بين الصين والقوى المتنافسة، بما في ذلك الولايات المتحدة والهند، في عدد من نقاط الاشتعال مثل حدود الهيمالايا وتايوان وبحر الصين الجنوبي.

كانت وزارة المالية الصينية أعلنت أن الميزانية العسكرية للصين -وهي ثاني أكبر ميزانية عسكرية في العالم بعد الولايات المتحدة، رغم أنها لا تزال أقل من ثلث ميزانية واشنطن- من المقرَّر أن تزيد بـ 6.8% عام 2021.

كما ضخت بكين مليارات الدولارات، في برنامجها الفضائي، في محاولة لتعويض تأخرها أمام روسيا والولايات المتحدة.