داعش... ذئاب منفردة تتحرك جنوبي ليبيا
منذ سقوط نظام الرئيس معمر القذافي عام 2011، اتخذ تنظيم داعش الإرهابي من ليبيا مسرحاً لعملياته، بدعم من تنظيم الإخوان. شرع داعش بالفِعل، في تعزيز وجوده ببعض الأراضي الليبية، محاولًا اتخاذها مركزًا له، مستغلاً غياب الدولة ومؤسساتها.

السياق
في خُطوة تحمل العديد من الدلالات، على تكتيك تحرُّك تنظيم داعش على الأرض، قُتل شرطيان في عملية انتحارية بمدينة سبها جنوبي ليبيا، أعلن التنظيم الإرهابي مسؤوليته عنها.
لم يجد داعش سوى تكتيكه التقليدي، الخاص بالانتحاريين من "الذئاب المنفردة"، فاقتحم مَنْ يكنى "محمد المهاجر" نقطة في سبها بسيارة ملغومة.
هذه التكتيك، يؤشِّر إلى التمهيد لسلسلة عمليات، ضمن إعداد مسرح العمليات، لإعادة التموضع على الأرض جنوبي ليبيا، التي يبدو أنها تتصل بإعادة تمركز تنظيم داعش في أفريقيا.
إثبات وجود
الدكتور إيهاب شوقي، مدير وحدة الشأن الإفريقي بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، قال في تصريحات خاصة لـ"السياق"، إن تنظيم داعش يسعى لإثبات وجوده بين فترة أخرى، حتى وإن لم يكن المسؤول الفِعلي عن العمل الإرهابي.
وأضاف: "الملاحظ الآن، أن ليبيا تحاول أن تنهض من جديد، وتثبت وجودها من خلال التعاون مع دول الشرق الأوسط والوطن العربي، لذا يحاول تنظيم داعش، تعكير صفو هذا الاستقرار، بإعلان وجوده في المعادلة الليبية، من خلال تحمُّل مسؤولية الهجمات الانتحارية والتفجيرات، تحت بند أن التنظيم لا يمكن القضاء عليه".
وأوضح شوقي، أنه حتى في الوقت الذي انتهي فيه التنظيم في العراق وسوريا، بدأ ينقل بعض مسلحيه إلى غرب أفريقيا، لتشكيل خلايا نائمة وذئاب منفردة، تحت اسم داعش غرب أفريقيا".
إدانات دولية
أدانت مصر الهجوم الإرهابي، الذي استهدف نقطة تفتيش لمديرية أمن سبها الليبية، وأكَّدت وقوفها مع ليبيا ودعمها، في مواجهة العنف والتطرف والإرهاب.
من ناحية أخرى، أدانت السفارة الأمريكية في طرابلس، الهجوم أيضاً، لافتة إلى أن هناك أطرافاً مصرة على تقويض الاستقرار والوحدة في ليبيا.
مسرح العمليات
منذ سقوط نظام الرئيس معمر القذافي عام 2011، اتخذ تنظيم داعش الإرهابي من ليبيا مسرحاً لعملياته، بدعم من تنظيم الإخوان.
شرع داعش بالفِعل، في تعزيز وجوده ببعض الأراضي الليبية، محاولًا اتخاذها مركزًا له، مستغلاً غياب الدولة ومؤسساتها.
كان التنظيم الإرهابي، قد أعلن بين عامي 2015 و2016، أن له ثلاث ولايات في ليبيا، هي: طرابلس، وبرقة، وفزان، تُعَـدُ مراكز لتنفيذ عملياته في شمال أفريقيا.
لكن الواقع أكَّد أن هذا الإعلان، مجرَّد دعاية إعلامية تحوَّلت إلى واقع، حين استولى التنظيم الإرهابي عام 2015 على مدينة سرت، قبل أن ينجح الليبيون في استعادتها، لتبقى أمامهم معضلة بقاء خلايا داعش في الصحراء الليبية، حتى الآن.
وصرح البنتاجون عام 2016، بأن عدد الإرهابيين في ليبيا بلغ 6 آلاف و500 مقاتل تقريبًا، وهنا يشير شوقي إلى أسباب أخرى دفعت داعش، إلى اختيار ليبيا، أبرزها هشاشة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لبعض دور الجوار، الأمر الذي يجعلها هدفًا سهلًا للتنظيم، إضافة إلى موقع ليبيا الجيوسياسي، حيث تقع على حافة منطقة الساحل.
ولفت شوقي، إلى أن الموقع الجغرافي يسمح للتنظيم الإرهابي، بالتوسع نحو غرب أفريقيا، ومحاولة التغلغل في نيجيريا ومنطقة بحيرة تشاد وجنوبي النيجر وشمالي الكاميرون.
وإضافة إلى ما سبق، فإن جنوبي ليبيا، عامل جذب لتنظيم داعش، لما يمتلكه من ثروة نفطية هائلة، توفِّر -حال السيطرة عليها- موارد مالية ضخمة، كما كان يحدث في العراق.