بعد 90 عامًا من طرد هتلر للجنود اليهود.. حاخام ينضم إلى الجيش الألمان
بعد 90 عامًا من طرد هتلر للجنود اليهود... ألمانيا تعيِّـن حاخاماً يهودياً، في الجيش، لأول مرة، منذ الحرب العالمية الأولى

ترجمات - السياق
قالت شبكة سي إن إن، في نسختها الإنجليزية، إن قرار الجيش الألماني، جاء بعد أن صوَّت البرلمان على قرار عام 2020، يسمح بإعادة تعيين كهنة يهود في القوات المسلحة.
وأكدت الشبكة، أنه بينما يؤدي زيسولت بالا، اليمين في كنيس يهودي في لايبزيغ، يأمل المسؤولون أن يسلِّط تعيينه الضوء، على الوجه المنفتح للقوات المسلحة الألمانية "البوندسفير".
الوكالة الأمريكية، وصفت انضمام حاخام يهودي إلى الجيش الألماني، بعد ثمانية عقود من تدبير النازيين المحرقة، بأنه لحظة رمزية كبيرة، بالنسبة للمجتمع اليهودي.
من هو الحاخام اليهودي؟
ولد بالا بالمجر عام 1979، لأم يهودية وأب غير يهودي، خدم برتبة مقدم في الجيش المجري، وهو حفيد أحد الناجين من الهولوكوست، ولم يكتشف أنه يهودي إلا في سن التاسعة بالصدفة، بعد أن كان مع أمه، ولاحظ الكنس فسألها عمّا إذا كان بإمكانه رؤيته من الداخل.
درس بالا الهندسة في بودابست، قبل أن ينتقل إلى ألمانيا عام 2002، وأكمل دراسته الحاخامية، عام 2009، وعلى مدى 11 عاماً، عمل حاخامًا لبلدية في لايبزيغ شرقي البلاد، بينما شغل عام 2019 منصب كبير الحاخامات في ولاية سكسونيا.
وسيكون بالا، واحدًا من 10 حاخامات، يجرى تعيينهم، لتقديم الرعاية الدينية لما يقدَّر بنحو 80 إلى 300 جندي وضابط يهودي، يخدمون حاليًا في الجيش الألماني.
ومثل الكثير من القساوسة المسيحيين، سيقيم الحاخامات خدمات دينية ويقدِّمون المشورة المفتوحة، للجنود من جميع الأديان.
وفي تصريحات لـ«سي إن إن»، عبَّر بالا عن أمله بأن يكون «جزءًا من التعليم الأخلاقي لجميع الجنود في البوندسفير».
خلفيات القرار
تعيين الحاخام اليهودي، يأتي على خلفية سلسلة من الفضائح اليمينية المتطرفة، داخل الجيش والشرطة الألمانية، في السنوات الأخيرة، ووسط ارتفاع مستويات معاداة السامية، في جميع أنحاء البلاد.
وحلَّت ألمانيا، العام الماضي، قوة الكوماندوز الخاصة بالجيش جزئيًا، بعد أن كشف تقرير عن وجود يميني متطرف داخل صفوفها، رغم إعلان وزيرة الدفاع أنيغريت كرامب كارينباور أن الوحدة التي تم إصلاحها ستستمر.
كما تم حل وحدة شرطة ولاية النخبة، الأسبوع الماضي، بعد أن زُعم أن ضباطها مجَّدوا النازيين، في مجموعة دردشة عبر الإنترنت.
وعن التطرف في القوات المسلحة الألمانية، قال بالا (42 عاماً) لشبكة سي إن إن: أعتقد أن كل مسؤول، يجب أن يقلق بشأن هذه القضية.
وأكد، في تصريحات عبر الهاتف من منزله في لايبزيغ، أن الحاخامات العسكريين لن «يحلوا كل مشكلة في غضون أسبوع». لكنه أضاف: «علينا العمل برؤية للمستقبل، كيف نريد أن يبدو المجتمع الألماني والبوندسفير خلال عقد».
الحرب العالمية الأولى
آخر مرة كان فيها الحاخامات جزءًا من القوات المسلحة الألمانية، كانت خلال الحرب العالمية الأولى، عندما قاتل نحو 100 ألف جندي يهودي، من أجل ألمانيا.
إلا أنه تم منع اليهود من الخدمة في الجيش، بعد فترة وجيزة من تولي هتلر السلطة، عام 1933، كجزء من جهود النازيين المبكرة لإبعادهم عن الحياة العامة.
ويقول أنتوني كودرس، الأستاذ المتخصص في التاريخ الألماني اليهودي الحديث، في جامعة كيلي بالمملكة المتحدة، إن أولئك الذين استمروا في العيش في ما سماها «أرض ألمانيا الملطخة بالدماء»، في أعقاب الحرب العالمية الثانية، اعتبروا «خونة» من بعض اليهود، في أماكن أخرى.
وفي سنوات ما بعد الحرب، اختارت ألمانيا المنقسمة ثقافة الصمت على فظائع الحقبة النازية، إلا أن ذلك تحوَّل -في العقود الأخيرة- إلى ثقافة التذكر، حيث يتعلَّم أطفال المدارس فظائع الهولوكوست منذ سن مبكرة.
وعن تلك الخطوة، يقول بالا إن هناك «تفاهمًا مفاده أن ألمانيا بذلت قصارى جهدها، بين الدول الأوروبية لمواجهة ماضيها، وأعتقد أنه يجب الاعتراف بذلك».
معاداة السامية
أشار بالا، إلى انتشار مشكلة معاداة السامية وجرائم الكراهية المستمرة، مؤكدًا أن الجالية اليهودية في ألمانيا، اتخذت مزيداً من الإجراءات الفِعلية، وليس مجرد خطابات.
وتشهد ألمانيا ارتفاعًا مقلقًا في معاداة السامية، فالجرائم المعادية للسامية المبلغ عنها، ارتفعت بـ 15.7%، لتصل إلى 2351 العام الماضي، كل هذه الحوادث تقريبًا، مدفوعة بالتطرف اليميني، وفقًا لوزارة الداخلية الاتحادية.
وقال وزير الداخلية الألماني هورست سيهوفر، في مؤتمر صحفي الشهر الماضي، إن الجرائم «ليست مقلقة فحسب، بل مخزية للغاية بالنسبة إلى تاريخنا».
سلسلة هجمات
وكان إطلاق النار على كنيس يهودي بألمانيا عام 2019، واحدًا من سلسلة هجمات في السنوات الأخيرة، قال سيهوفر إنها أظهرت أن «التطرف اليميني، أكبر تهديد للأمن في بلادنا».
كما أدت القضية الاستثنائية، لجندي سابق متهم بالتظاهر بأنه لاجئ سوري، يخطِّط لهجوم إرهابي يميني متطرف على السياسيين، إلى مزيد من التدقيق في التطرف داخل صفوف الجيش الألماني.
ويقول الخبراء، إن المهاجرين اليهود الجدد نسبيًا إلى ألمانيا، لديهم علاقة مختلفة بالهولوكوست، عن أولئك الذين يتحدرون من نسل مجتمع ما قبل الحرب.
وقال كودرس، إن الجنود اليهود الذين قد يخدمون في الجيش الألماني اليوم «ليسوا بالضرورة اليهود الذين نجا آباؤهم من الهولوكوست، أو الذين كان آباؤهم منزعجين للغاية، إذا قرَّر أطفالهم الخدمة في الجيش».