مدينة هيراكليون التي سبقت الإسكندر... حضارة مصرية مجمَّدة تحت الماء

نهاية القرن الثاني قبل الميلاد، على الأرجح بعد فيضان شديد، انهارت المباني الأثرية في هيراكليون تحت الماء، بينما بقي بعض سكانها في ما تبقى من المدينة، خلال العصر الروماني وبداية الحكم العربي.

مدينة هيراكليون التي سبقت الإسكندر... حضارة مصرية مجمَّدة تحت الماء

ترجمات - السياق

سلَّط موقع جريك ريبورتر اليوناني، الضوء على مدينة هيراكليون، الغارقة قبالة سواحل الإسكندرية، التي تم اكتشافها مؤخرًا، وتتضمَّن العديد من الكنوز التي لا تقدَّر بثمن.

وقال الموقع في تقرير بعنوان (مدينة هيراكليون تحت الماء، مصر تتخلى عن كنوزها): إنه تم اكتشاف مدينة هيراكليون المفقودة، التي كانت في يوم من الأيام أكبر ميناء في مصر، تحت الماء بعد أكثر من 2000 عام على وجودها عام 2000، حيث تعود بداياتها الأسطورية إلى القرن الثاني عشر قبل الميلاد، ولها العديد من الروابط مع اليونان القديمة .

ازدهرت المدينة منذ فترة طويلة في عهد الفراعنة، لكنها دُمِّرت مع مرور الوقت، حيث أضعفت المدينة مزيجًا من الزلازل وأمواج تسونامي وارتفاع منسوب مياه البحر، وفقًا لعلماء الآثار.

وفي نهاية القرن الثاني قبل الميلاد، على الأرجح بعد فيضان شديد، انهارت المباني الأثرية في هيراكليون تحت الماء، بينما بقي بعض سكانها في ما تبقى من المدينة، خلال العصر الروماني وبداية الحكم العربي، ولكن نهاية القرن الثامن الميلادي، غرقت بقية هيراكليون في البحر المتوسط.

 

كنوز لا تحصى

الآن، تم إحضار العديد من كنوز المدينة الغارقة، التي لا تحصى، من الأعماق المائية، وعرضها في جميع أنحاء العالم، ما يسمح للأجيال الحالية، بإلقاء نظرة على العالم اليوناني والمصري القديم.

كانت هيراكليون، المعروفة باسمها الأصلي والمصر Thonis ، وتسمى أحيانًا Thonis-Heracleion ، مدينة ساحلية مصرية قديمة تقع على بُعد 32 كيلومترًا (20 ميلًا) شمالي شرق الإسكندرية على البحر المتوسط.

وتقع بقاياها في خليج أبو قير، على بعد 2.5 كيلومتر من الساحل، تحت 10 أمتار (30 قدمًا) من المياه.

وتشير الشواهد الموجودة في الموقع، إلى أنها كانت مدينة واحدة معروفة بأسمائها المصرية واليونانية.

قبل أن تكون الإسكندرية في مرمى بصر الإسكندر الأكبر ، تمتعت هيراكليون بأيام مجدها، حيث كانت الميناء الرئيس لدخول مصر للسفن القادمة من جميع أنحاء العالم اليوناني القديم.

 

أصل المدينة

تم بناء Thonis في الأصل، على بعض الجزر المجاورة في دلتا النيل، إذ كانت تتقاطع مع قنوات الموانئ والمراسي المنفصلة، وتم ربط أرصفتها ومعابدها الرائعة ومنازل الأبراج بالعبّارات والجسور والعوامات.

كانت المدينة مركزًا تجاريًا، وفي العصر المتأخر لمصر القديمة، كانت الميناء الرئيس للبلاد، للتجارة الدولية، وتحصيل الضرائب.

كان لدى Thonis معبد كبير لخونسو، ابن آمون، الذي كان معروفًا لدى الإغريق باسم هرقل.

وفي وقت لاحق، أصبحت عبادة آمون أكثر بروزًا، خلال الوقت الذي كانت فيه المدينة في أوجها، بين القرنين السادس والرابع قبل الميلاد، كان يوجد معبد كبير مخصص لآمون جريب، الإله الأعلى لمصر في ذلك الوقت، وسط المدينة.

وأضاف فرعون نخت أنبو الأول الكثير إلى المعبد، في القرن الرابع قبل الميلاد، ما جذب إليه المصريين من كل مكان لزيارته.

 

اكتشافات مذهلة

كانت المدينة موقع الاحتفال بـ "أسرار أوزوريس" كل عام خلال مارس. تضمَّنت هذه الاحتفالات الرائعة، نقل تمثال للإله في قاربه الاحتفالي، من معبد آمون إلى ضريحه في مدينة كانوب شرقي الإسكندرية.

خلال القرن الثاني قبل الميلاد، تعرَّضت مدينة هيراكليون لعدد من الكوارث، ثم حلَّت مكانها مدينة الإسكندرية، التي أسسها الإسكندر الأكبر.

المستكشف الفرنسي فرانك جوديو، المتخصص في البحث عن التاريخ تحت الماء، اكتشف مع فريقه من المعهد الأوروبي للآثار تحت الماء، أو ما يسمى ( IEASM )، بالتعاون مع المجلس الأعلى المصري، المدينة بعد أن غرقت تحت البحر المتوسط منذ أكثر من 2000 عام.

يشرح موقع Goddio المتخصص، الاكتشافات المذهلة لجوديو وفريقه، خلال الرحلة الاستكشافية. كما أنه نجح أيضًا في حل لغز تاريخي حيَّـر علماء المصريات على مر السنين، حيث كشفت المواد الأثرية، أن هيراكليون وتونيس كانت في الواقع مدينة واحدة باسمين، هرقل هو اسم المدينة بالنسبة لليونانيين، وتونيس للمصريين.

وتوضح القطع التي تم العثور عليها من الحفريات، جمال المدينة ومجدها، وروعة معابدها الضخمة ووفرة الأدلة التاريخية، من التماثيل الضخمة والنقوش والعناصر المعمارية والمجوهرات والعملات المعدنية والسيراميك، ويكأنها حضارة مجمَّدة تحت الماء.

جوديو يؤكد أن هذه الكنوز لا يمكن أن تقدَّر بثمن، حيث تتضمَّن جزءًا من المعبد المخصص لآمون/ هيراكليس، وهو تمثال ضخم من الجرانيت الأحمر لإله الخصوبة حابي وتمثال برونزي للملك/ الإله أوزوريس.

جميع الكنوز موجودة الآن في المتحف المصري الكبير، في القاهرة، المقرَّر افتتاحه في وقت لاحق من هذا العام.