بدء التصويت في الانتخابات الإثيوبية وسط توتر أمني ومقاطعة أحزاب معارضة
منذ الصباح الباكر، تدفق آلاف الاثيوبيين، إلى مراكز الاقتراع، للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات التي تُعَدُّ السادسة من نوعها، منذ إقرار الدستور الوطني عام 1994، والأولى في عهد رئيس الوزراء آبي أحمد.

السياق
فتحت مراكز الاقتراع في إثيوبيا أبوابها أمام الناخبين، للإدلاء بأصواتهم لاختيار أعضاء البرلمان، وسط مقاطعة أحزاب معارضة، وتوتر أمني وعسكري في إقليم تيغراي، الذي يشهد نزاعا مسلَّحاً، منذ نوفمبر الماضي.
ويحق لأكثر من 36 مليوناً، من أصل 109 ملايين شخص في إثيوبيا التصويت، لاختيار 547 نائباً، من بين أكثر من 8 آلاف مرشَّح من 46 حزباً.
إقبال لافت
منذ الصباح الباكر، تدفق آلاف الاثيوبيين، إلى مراكز الاقتراع، للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات التي تُعَدُّ السادسة من نوعها، منذ إقرار الدستور الوطني عام 1994، والأولى في عهد رئيس الوزراء آبي أحمد.
وكان رئيس الوزراء الاثيوبي، آبي أحمد، وعد بأن تكون هذه الانتخابات التشريعية، الأكثر ديمقراطية في تاريخ البلاد، وحث الإثيوبيين على اليقظة، عند ذهابهم إلى الصناديق، مؤكداً الجاهزية الأمنية لعملية الاقتراع.
وقال آبي أحمد، في تغريدة له على "تويتر": إنه عقد اجتماعاً للقيادة الاستراتيجية الأمنية الوطنية للانتخابات، للاطلاع على آخر الاستعدادات قبل يوم الانتخابات.
وأضاف: "عقدنا اجتماعاً قبل الانتخابات، لتقييم الجاهزية النهائية للمواطنين للتصويت السِّلمي، حيث تم القيام بعمل مكثَّف، لتعبئة قطاع الأمن على المستوى الوطني، والاستجابة بفعالية للتهديدات المحدَّدة والناشئة بمساعدة التكنولوجيا".
مقاطعة الانتخابات
تقاطع أحزاب معارضة، الاقتراع في بعض الدوائر، لا سيما في منطقة أوروميا أكثر مناطق البلاد تعداداً للسكان، والتي يتحدر منها آبي أحمد، احتجاجاً على سجن قادتها، إضافة إلى التشكيك في مصداقية الانتخابات.
ويُعَدُّ حزب الازدهار، الذي يتزعمه رئيس الوزراء، ويملك أكبر عدد من المقاعد في البرلمان، الأوفر حظاً للحصول على الأغلبية وتشكيل الحكومة.
وقدَّم حزب الازدهار الحاكم نحو 2800 مرشَّح للانتخابات، يليه حزب "المواطنين الإثيوبيين من أجل العدالة الاجتماعية"، الذي ينافس بأكثر من 1500 مرشَّح، ثم حزب "إنات" بأكثر من 600 مرشَّح.
وكان من المقرَّر إجراء الانتخابات في أغسطس 2020، إلا أن الحكومة الإثيوبية قرَّرت التأجيل بسبب تفشى كورونا، ما أدى إلى اندلاع أعمال عنف واسعة في إقليم تيغراي.
انتخابات ذات مصداقية
إلى ذلك، أكَّدت مفوضية الانتخابات الإثيوبية، أن الانتخابات التي أرجئت مرتين بسبب كورونا ومن ثم المشكلات الأمنية واللوجستية، ستكون ذات مصداقية، رغم الشكوك التي أعرب عنها بعض المراقبين.
وقالت المتحدِّثة باسم المفوضية، سوليانا شيميليس، لوكالة فرانس برس قبل أيام: "نحن واثقون جداً" أن الانتخابات ستكون أفضل، وتشاركية وذات مصداقية".
بينما أعرب بعض المراقبين عن قلقهم، بشأن مصداقية الانتخابات التي لن تشمل نحو خُمس الدوائر الانتخابية، البالغ عددها 547، أبرزها في إقليم تيغراي.
وحُدَّد تاريخ الاقتراع، في معظم تلك الدوائر في 6 سبتمبر، في حين لم يتم تحديد موعد للدوائر الانتخابية في منطقة تيغراي شمالي البلاد، التي يعصف بها القتال والمجاعة.
مراقبة الانتخابات
من المقرَّر أن تراقب التصويت، خمس بعثات وآلاف من نشطاء المجتمع المدني، وبسبب الخلافات مع الحكومة الفدرالية، قرَّر الاتحاد الأوروبي عدم إرسال مراقبين.
ووصل وفد مراقبي الاتحاد الأفريقي، بقيادة الرئيس النيجيري السابق أولوسيغون أوباسانجو، إلى العاصمة أديس أبابا.
وجرى منع مفوضية حقوق الإنسان الإثيوبية، وهي هيئة مستقلة لكن عيَّنتها الحكومة، من مراقبة الانتخابات.
وقال مسؤول الإعلام في المفوضية، آرون ماشو، لوكالة فرانس برس: "إن تفويضنا يسمح لنا بمراقبة الانتخابات، من منظور حقوق الإنسان"، مضيفاً أن المناقشات مستمرة مع مفوضية الانتخابات.
سد النهضة والانتخابات
بالمقابل، تأتي الانتخابات في ظِل أوضاع داخلية صعبة، إذ تخوض الحكومة قتالا في إقليم تيغراي، وعلى الصعيد الإقليمي، تخوض إثيوبيا مفاوضات مع مصر والسودان بشأن سد النهضة، الذي تبنيه على النيل الأزرق، وتأمل بعوائده الاقتصادية.
وقال سليشي بقلي، وزير المياه والري الإثيوبي، عقب الإدلاء بصوته، إن بلاده ستحقِّق انتصاراً جديداً في مشروع سد النهضة، بعد نجاح الاستحقاق الانتخابي.
ويرى مراقبون، أن الحكومة الإثيوبية ظلت تستخدم ورقة سد النهضة، لاستعادة ثقة الإثيوبيين، وحشدهم للتصويت في الانتخابات.
وفي هذا الاتجاه، يقول السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، إن التعنُّت الإثيوبي بشأن مفاوضات سد النهضة، له أسباب عدة، أبرزها أن رئيس الحكومة، يعتزم الفوز في الانتخابات، ويستمر في الحكم سنوات.
وأضاف، في مقابلة مع "السياق"، أن "الورقة الرابحة في وجهة نظرهم هي أولاً، استعداء مصر، وجعل مصر هي العدو للشعب الإثيوبي، وهذا يتنافى مع الحقيقة"، مشيراً إلى أن الحكومة الإثيوبية تستخدم ورقة سد النهضة، لتعبئة الجماهير الإثيوبية وراء الحزب الحاكم.