فايننشال تايمز: السعوديون يبرمون صفقة نفطية مع باكستان للتصدي لإيران
المعلِّق السعودي علي الشهابي: الخلافات تفاقمت بين الرياض وإسلام آباد، لكن الاجتماعات الثنائية بين الجانبين، نجحت في تصفية الأجواء وتعزيز العلاقات.

ترجمات - السياق
ذكرت فايننشال تايمز، الصحيفة البريطانية، أن المملكة العربية السعودية وافقت على استئناف تقديم مساعدات نفطية لباكستان بـ 1.5 مليار دولار، على الأقل، سنوياً في يوليو، طبقاً لما ذكره مسؤولون في إسلام آباد. تأتي هذه الخطوة، في إطار جهود الرياض، للتصدي للنفوذ الإيراني في المنطقة.
وأشارت "فايننشال تايمز" إلى أن الرياض كانت قد طالبت إسلام آباد بسداد قرض بـ 3 مليارات دولار، العام الماضي، عندما حاولت الأخيرة أن تدفع السعودية لانتقاد قرار الهند، بإلغاء الوضع الخاص لكشمير.
ومع ذلك، انحسرت الخلافات بين الحليفين القديمين، بعدما التقى عمران خان، رئيس الوزراء الباكستاني، ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في مايو.
ونقلت "فايننشال تايمز" عن محللين قولهم، إن الاتفاق النفطي بين البلدين، يأتي في الوقت الذي تبدأ السعودية فيه مساعي دبلوماسية، بالتعاون مع الولايات المتحدة وقطر، لبناء جبهة في مواجهة إيران.
تجدر الإشارة إلى أن السعودية رفعت في يناير، حصاراً كان مفروضاً على قطر، طوال ثلاث سنوات، في ما اعتبره بعض المحللين، محاولة لكسب ود الإدارة الأميركية الجديدة، بقيادة الرئيس جو بايدن.
كانت باكستان قد حوَّلت مسارها، لتصبح أقرب إلى إيران وتركيا، المنافستين الإقليميتين للسعودية، اللتين سعتا، بالتعاون مع ماليزيا، إلى بناء تكتل مسلم، ينافس منظمة التعاون الإسلامي، التي تقودها الرياض.
بجانب ذلك، نجح خان في بناء علاقات شخصية ودية قوية مع الرئيس التركي أردوغان، وشجَّع الباكستانيين على مشاهدة المسلسل التلفزيوني التاريخي، الذي أنتجته تركيا، "قيامة أرطغرل".
من جهته، قال المعلِّق السعودي علي الشهابي، إن الخلافات تفاقمت بين الرياض وإسلام آباد، لكن الاجتماعات الثنائية بين الجانبين، التي عُقدت في الفترة الأخيرة، نجحت في "تصفية الأجواء" وتعزيز العلاقات، لدرجة أن الاعتمادات النفطية سيجري استئنافها قريباً.
على الجانب الآخر، قال مسؤول رفيع في الحكومة الباكستانية: "تعافت علاقاتنا مع السعودية، بعد تراجع ألم بها، وستقدِّم السعودية دعمها لنا، من خلال مدفوعات مؤجَّلة على النفط، ويتطلَّع السعوديون لاستئناف خُططهم الاستثمارية في باكستان".
وأشارت الصحيفة، إلى أن العرض السعودي الحالي، أقل من نصف العرض النفطي السابق البالغة قيمته 3.4 مليار دولار، الذي جرى تجميده عندما توترت العلاقات بين البلدين.
ومع ذلك، أكد فاهاد رؤوف، رئيس شؤون الأبحاث بمؤسسة "إسماعيل إقبال للأوراق المالية" في كراتشي، أن: "أي مبلغ من الدولارات سيساعدنا، لأننا نواجه باستمرار أزمة في الحساب الجاري، وبالنظر إلى أسعار النفط البالغة 70 دولاراً للبرميل، فإن أي مبلغ من المال سيكون مفيداً".
وأشارت الصحيفة، إلى أن احتياطيات النقد الأجنبي لدى باكستان، تجاوزت 16 مليار دولار في يونيو، مقارنة بقرابة 7 مليارات دولار عام 2019 قبل انضمامها إلى برنامج يتبع صندوق النقد الدولي بـ 6 مليارات دولار.
من ناحيته، أعرب روبين ميلز، المسؤول لدى مؤسسة "كامار إنيرجي" للاستشارات، عن اعتقاده بأن: "السعودية وباكستان حليفتان، لكن العلاقة بينهما طالما كانت متذبذبة، أما العلاقات بين باكستان وإيران، فهي أفضل مما تعتقد".
وأضاف ميلز أن توقيت المبادرة السعودية "مثير للاهتمام"، بالنظر إلى أن إيران كانت تستعد لزيادة صادراتها النفطية، في الوقت الذي تدرس الولايات المتحدة تخفيف العقوبات المفروضة عليها.
وقال ميلز: "بصورة عامة، يبدو السعوديون في مهمة لمد الجسور، ذلك أنهم سعوا لإصلاح العلاقات مع الولايات المتحدة، بجانب استئنافهم العلاقات مع قطر".
وفي سياق متصل، أشار أحمد رشيد، الذي ألف كتباً عن أفغانستان وباكستان وجماعة طالبان، إلى أن عوامل عدة، ربما تقف وراء قرار الرياض، باستئناف المساعدات النفطية لباكستان.
وذكر، تبعاً لما نقلته عنه الصحيفة، أنه ربما يكون من هذه العوامل: "الحاجة الأميركية لقواعد" لشن هجمات لمكافحة الإرهاب داخل أفغانستان من باكستان، مضيفاً أنه ربما تتمثَّل الأولوية على هذا الصعيد، في الحيلولة دون سقوط إسلام آباد، تحت نفوذ طالبان.
وأوضح رشيد، أن باكستان وجدت نفسها محصورة بين الصين التي تستثمر مليارات الدولارات، في مشروعات بنية تحتية، من جهة والولايات المتحدة من جهة أخرى.
وأكد: "يجب على باكستان أن تتحرَّك بحذر، فهي تعتمد على الصين في مبادرة "الحزام والطريق"، وتعتمد على الغرب في الحصول على القروض، إنه وضع شديد التعقيد".