بعد 6 أعوام على تحرير سرت من داعش... هل يعود التنظيم إلى ليبيا؟
يقول رئيس لجنة الأمن القومي في المؤتمر الوطني العام السابق عبدالمنعم اليسير، في تصريحات لـ السياق، إن داعش لم يغادر ليبيا، مشيرًا إلى أن من موَّل ووطَّن داعش في درنة وسرت وصبراتة بنغازي والجنوب الليبي، ما زال يتحكم في مقدرات الدولة الليبية.

السياق
أزمات سياسية «خانقة» تعيشها ليبيا، كشفت عن مخاطر أمنية تواجه البلد الإفريقي، بعد أن أتاحت بيئة «استثنائية» لنمو التنظيمات الإرهابية، جنوبي وغربي البلاد.
تلك التنظيمات الإرهابية تقتات على الانقسام السياسي، الذي بلغ أوجه في ليبيا خلال المرحلة الحالية، بعد «تعنُّت» رئيس الحكومة المقالة عبدالحميد الدبيبة، ورفضه تسليم السلطة لخلفه فتحي باشاغا.
إلا أن الانقسام السياسي لم يكن وحده ما أثار التخوفات من انتشار التنظيمات الإرهابية، بل إن الدبيبة الذي جعل من الغرب الليبي مرتكزًا وحاضنة للمسلحين، أطلق صافرة إنذار بشأن ضرورة التحرك لتنحية تلك الحكومة جانبًا، خاصة بعد استقبالها -خلال الأيام الماضية- أمراء حرب في وضع ينذر بخطر كبير.
وبينما تحيي ليبيا الذكرى السادسة لانطلاق عملية البنيان المرصوص، التي تمكنت -بالتعاون مع الولايات المتحدة وقوات أفريكوم- من تحرير مدينة سرت (وسط البلاد) من قبضة «داعش»، بعد 7 أشهر من انطلاقها، أثيرت تساؤلات عن حقيقة دحر التنظيم الإرهابي من الأراضي الليبية وأماكن وجوده، وتفسيرات تكثيف ضرباته الإرهابية، خلال الأشهر الماضية.
تساؤلات تباينت آراء محللين ليبين، استطلعت «السياق» آراءهم فيها، ففريق يرى أن تنظيم داعش لم يتم دحره بشكل نهائي من ليبيا، بل إن فلوله انتشرت في أطراف البلد الإفريقي، بينما يرى فريق آخر أن التنظيم فر هاربًا إلى دول الجوار الليبي، حتى انتظر الفرصة وبدأ العودة.
ضربات جوية
إلى ذلك، قال المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش، في تصريحات لـ«السياق»، إن «داعش» لم يتم دحره إلا شرق ووسط وجنوب شرق البلاد، مشيرًا إلى أن أغلبية قواته هربت من مدينة سرت، بعد ضربات جوية نفذتها طائرات أمريكية وفرنسية.
وأوضح المحلل الليبي، أن مسلحي التنظيم الإرهابي الهاربين تحولوا إلى خلايا نائمة شمالي غرب وجنوبي غرب البلاد، ما زالت تنشط من حين إلى آخر، وتشن هجماتها على قوات الجيش الليبي الذي دحرها شرقي ليبيا، ووجه لها ضربات موجعة جنوبي غرب البلاد، ما جعلها تهرب إلى دول ما وراء الصحراء في تشاد والنيجر وصولًا إلى مالي.
وأشار إلى أن «داعش» له تحالفات مع تنظيمات متطرفة مازالت تنشط في بعض مدن الشمال الغربي الليبي مثل مصراتة والزاوية وحتى العاصمة طرابلس، مؤكدًا أن التنظيم ما زال يحصل على دعم لوجستي من تيار المفتي المتطرف وما يعرف بـ«غرفة ثوار ليبيا» التي ساعد في إنشائها رئيس المؤتمر الوطني العام الليبي نوري أبوسهمين، ووضع على رأسها أحد قيادات تنظيم أنصار الشريعة المكني أبو عبيدة الزاوي، وهو شعبان هدية المنتمي إلى مدينة الزاوية.
وأكد أن التنظيم يحصل على داعم مالي كبير من المليونير الجديد زعيم المجموعة الليبية المقاتلة عبدالحكيم بالحاج، الذي أصبح بعد 2011 صاحب شركة طيران الأجنحة، التي يزيد رأسمالها على 850 مليون دولار.
مؤشر خطير
واعتبر المحلل الليبي عودة رموز وقيادات تنظيمات متطرفة، سواء من تركيا أم باكستان، مؤشرًا خطيرًا على عودة التنظيم، تزامنًا مع ذكري طرده من مدينة سرت، مشيرًا إلى أن سعي حكومة عبدالحميد الدبيبة إلى الاحتفاء بذكرى طرده من سرت، والتهليل لما تسمى قوة البنيان المرصوص، محاولة لإبعاد شبهة التورط في دعم التنظيم والاستعانة به في شن حرب على الجيش الليبي، ومحاولة افتكاك الهلال النفطي.
وأكد أن حكومة الدبيبة المقالة تتواصل مع قيادات داعش، من خلال قيادات ورموز إرهابية قديمة، عادت موخرًا إلى طرابلس بمباركة بريطانية، لحشد الصفوف والتحضير لحرب السيطرة على آبار النفط والموانئ النفطية.
من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي خالد الترجمان، في تصريحات لـ«السياق»، إن تنظيم داعش منتشر بشكل أو بآخر جنوبي البلاد، مستدلًا على تصريحاته، باندلاع القتال بين الفينة والأخرى بين فلول داعش والجيش الليبي، في مناطق عدة من الجنوب الليبي.
وأكد المحلل الليبي، أن «داعش» اتخذ من المناطق الهائلة في الجنوب الليبي مرتعًا للتحرك جنوبًا باتجاه الجزائر والنيجر والسودان وتشاد، مشيرًا إلى أن العمليات الإرهابية التي تحدث في الجنوب الليبي، تدل على أن «داعش» ما زال موجودًا.
وحذر المحلل الليبي من أن وجود داعش في الجنوب وبعض مناطق العاصمة طرابس، الذي يتزامن مع هروب بعض السجناء من سجون بطرابلس، يكشف عن مخاطر كبيرة تواجه ليبيا، مشيرًا إلى أنه ربما يتم التمهيد لبعضهم لدخول مناطق غربي ليبيا.
إعادة انتشار
بدوره، قال رئيس لجنة الأمن القومي في المؤتمر الوطني العام السابق عبدالمنعم اليسير، في تصريحات لـ«السياق»، إن «داعش» لم يغادر ليبيا وما حدث في سرت مجرد إعادة انتشار، مشيرًا إلى أن من موَّل ووطَّن داعش في درنة وسرت وصبراتة بنغازي والجنوب الليبي، ما زال يتحكم في مقدرات الدولة الليبية.
وحذر اليسير من أن ليبيا مستهدفة، مؤكدًا أن داعش وباقي التنظيمات الإرهابية، أجزاء أساسية في مشروع الإخوان والتمكين.
وأشار رئيس لجنة الأمن القومي في المؤتمر الوطني العام السابق، إلى أنه من المستحيل القضاء على داعش في وجود تنظيم الإخوان وقدراته التنظيمية والمادية في الدول العربية والغربية.
كان رئيس حكومة الاستقرار فتحي باشاغا، أكد في تصريحات مساء الجمعة، أن عملية البنيان المرصوص تمثل نموذجًا مهمًا للوحدة الوطنية، مشيرًا إلى أن دماء الليبيين روت مدينة سرت لتحريرها من الإرهاب.
وحذر من التنازع، قائلًا: متى تنازعنا يتسلل الإرهاب بيننا وتُسلب سيادة دولتنا... وحدة الليبيين السلاح الأقوى لمواجهة الإرهاب والمتطرفين، وبوحدتنا نكتسب عزتنا وكرامتنا.
وأشاد رئيس الحكومة الليبية بالولايات المتحدة والمملكة المتحدة لما قدمتاه من دعم متميز لعملية البنيان المرصوص.