دعوة الصدر المستقلين لتشكيل الحكومة.. مناورة سياسية أم إحراج للخصوم؟
قال علي الكاتب، المحلل السياسي في تصريحات للسياق إن دعوة الصدر للمستقلين لتشكيل الحكومة، جاءت لتعرية خصومه من الإطار التنسيقي أمام الشارع العراقي

السياق
وسط أزمة سياسية «خانقة»، ما زال العراق يترنح على طريق ما بعد انتخابات البرلمان المبكرة، فلم يتمكن -حتى اللحظة- من تشكيل حكومة لقيادة الفترة المقبلة، أو الاتفاق على رئيس يعول عليه في تقديم حلول لمستقبل البلد الآسيوي.
إلا أنه بعد انتهاء مهلة الـ40 يومًا التي منحها لتحالف الإطار التنسيقي، استعاد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر زمام الأمور، عارضًا مبادرة على النواب المستقلين لتشكيل الحكومة الجديدة.
ودعا مقتدى الصدر، الكتل السياسية العراقية المستقلة، إلى التكاتف مع «تحالف إنقاذ الوطن» الذي يضم الكتلة الصدرية وائتلاف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني، من أجل تشكيل حكومة جديدة خلال 15 يوماً.
دعوة الصدر، التي جاءت في محاولة منه لإنقاذ العملية السياسية، حملت بين طياتها العديد من الدلالات التي تشير إلى ما ينتظر العراق في الفترة المقبلة، خاصة بعد التدخلات الإيرانية الأخيرة في شؤون البلد الآسيوي.
مباراة شطرنج
إلا أن مراقبين ومحللين اختلفوا في تأويلاتها، ففريق يراها «مباراة الشطرنج» مع القوى الموالية لإيران وحلفائهم، يهدف من خلالها إلى «تعريتهم» وفضح مواقفهم المعرقلة لعمل الحكومة، بينما يراها فريق آخر محاولة للهروب إلى الأمام، كون الحكومة التي تعثر تشكيلها 6 أشهر، لن ينجح أحد في إخراجها للنور خلال 15 يومًا.
إلى ذلك، قال علي الكاتب، المحلل السياسي والكاتب العراقي في تصريحات لـ«السياق» إن دعوة الصدر للمستقلين لتشكيل الحكومة، جاءت لتعرية خصومه من الإطار التنسيقي أمام الشارع العراقي.
وأكد المحلل السياسي، أن ممانعة الإطار التنسيقي لفكرة تولي المستقلين تشكيل الحكومة، تعني رفضه لمطالب موجات الاحتجاجات الغاضبة التي بدأت منذ خريف 2019، التي توجت بانتخابات مبكرة وتقديم عادل عبدالمهدي استقالة حكومته.
ووصف الكاتب، مبادرة الصدر باختبار الثبات والشجاعة، للشخصيات والقوى المستقلة، ومدى قدرتها على مواجهة قوى الإطار التنسيقي، التي تضم أحزابًا ذات أجنحة مسلحة ونافذة، بحسب قوله.
ورقة الثلث المعطل
وأكد المحلل السياسي، أنه إذا ما نجح الصدر في إقناع القوى المستقلة بتلك المبادرة، فإنه سيحرق ورقة «الثلث المعطل»، التي تشهرها قوى الإطار التنسيقي أمام التيار الصدري وحلفائه، في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وربط حضورها بالدخول في تحالف «الكتل النيابية الأكبر عدداً».
ونفى الكاتب، أن تمثل دعوة الصدر انفراجة في الانسداد السياسي بالعراق، قائلًا إنها لن تحقق -من وجهة نظره- الغلبة للقوى المستقلة في قيادة البلاد، لكنها مجرد رسالة خصوم التيار الصدري بأنه يمتلك مفاتيح يمكن استخدامها، إذا ما أصروا على مواقفهم، ما قد يضطرهم للتنازل والقبول بحقائب وزارية من دون شروط.
هروب للأمام
رؤية علي الكاتب، يختلف معها الدكتور حمزة مصطفى الخبير السياسي العراقي، الذي قال في تصريحات لـ«السياق»، إن مبادرة الصدر «هروب للأمام».
وأكد أن الحكومة العراقية الجديدة، التي لم تتشكل منذ 6 أشهر، ولم تتضح معالمها، لا يمكن -تحت أي ذريعة- أن تشكل خلال 16 يومًا ومن كتلة وصفها بـ«الهلامية» وهي المستقلون.
وأوضح المحلل السياسي العراقي، أن «المستقلون» لا يعدون كتلة «صلدة» تضم نوابًا معروفين بعددهم وانتماءاتهم، لكنهم مجرد برلمانيين يمثلون توجهات مختلفة، مشيرًا إلى أن بعضهم واجهات لقوى حزبية معروفة، ما يجعل إمكانية تشكيلهم الحكومة أمرًا غير ممكن.
انسداد سياسي
ويوضح حمزة مصطفى، أن هذه الدعوة لا تمثل فقط نوعًا من الهروب إلى الأمام، لكنها أيضًا تكرِّس للانسداد السياسي، ولا يمكن أن تكون خطوة للخروج من حالة الجمود الحالية، على حد قوله، مؤكدًا أن الانسداد السياسي مستمر بسبب عدم قدرة أي طرف من الأطراف، على جمع 220 نائبًا لانتخاب رئيس الجمهورية العراقي، ومن ثم تحديد الكتلة الأكبر لتكليف رئيس الوزراء.
ويرى المحلل السياسي العراقي، أن العقدة الأكبر، تتمثل في انتخاب رئيس الجمهورية، ما يتطلب نوعًا من التوافق لتمريره، مؤكدًا أنه من دون هذا التوافق لا يمكن لأي من التيارين الكبيرين «الصدر» و«التنسيقي» أن يمضيا بمرشحيهما لرئاسة الجمهورية.
وأكد أن المدة الممنوحة للنواب المستقلين -15 يومًا- تكشف أن الأمر لن ينتهي، وستستمر حالة الجمود السياسي، كما كان منذ عام 2005.