بعد الإفراج عن رئيسه.. هل عاد الجهاز السري لحركة النهضة إلى مهامه؟
تزامنت هذه القرارات مع قتل النقيب محسن العديلي، الضابط بالحرس الوطني التونسي، الذي تردد -بحسب مقربين- أنه كان بحوزته وثائق مهمة، تدين نائب رئيس حركة النهضة نور الدين البحيري، في ملفات فساد.

السياق
تسبَّب قرار إطلاق سراح مصطفي خذر، رئيس الجهاز السري لحركة النهضة في تونس، ورفع الإقامة الجبرية عن ناشطين برابطة حماية الثورة "الذراع المسلحة للإخوان"، في ردود فعل غاضبة، وسط مخاوف عودة شبح الاغتيالات السياسية في البلد الإفريقي.
تزامنت هذه القرارات مع قتل النقيب محسن العديلي، الضابط بالحرس الوطني التونسي، الذي تردد -بحسب مقربين- أنه كان بحوزته وثائق مهمة، تدين نائب رئيس حركة النهضة نور الدين البحيري، في ملفات فساد.
مصطفي خذر، كان يواجه تُهمًا بالاستيلاء على وثائق مودعة بالخزينة وحيازة وثائق مرتبطة بتُهم عدة، قضى على أثرها 8 أعوام في السجون التونسية، كما يواجه اتهامات بالتورط في التستر على جريمة اغتيال الناشطين السياسيين الراحلين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، وإخفاء معلومات عن قضيتهما.
أما النقيب محسن العديلي، الذي توفي في ظروف غامضة، فقد كانت لديه أدلة إدانة لقيادات حزب النهضة، بحسب شهود عيان تونسيين، منهم فيصل التبيني النائب عن حزب صوت الفلاحين التونسي، الذي ذكر عبر موقع التواصل الاجتماعي، أن العديلي أخبره قبل أيام من الاغتيال، بأن لديه أدلة تدين حركة النهضة ونائب رئيسها، بالتورط في عمليات تمس الأمن القومي.
تحديات خطيرة
وعن خطر الجهاز السري لحركة النهضة، قال باسل ترجمان، المحلل السياسي التونسي المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية، إن الجهاز لم يُفكك، فقط أوقِف أحد قياديه "مصطفى خذر" الذي حُكم بتهمة سرقة وثائق سريه من وزارة الداخلية التونسية، وأطلق سراحه بعد انتهاء سنوات سجنه، وهذا الجهاز مازال موجودًا.
وأضاف ترجمان في تصريح لـ"السياق" أن "تونس تواجه تحديات خطيرة، أمنية وسياسية، جراء غياب دور القضاء في مواجهة الإخوان ومحاسبتهم"، وقال إن هذا التساهل يفتح الباب أمامهم لكي يواصلوا جرائمهم، لأنهم موقنون بعدم المحاسبة والإفلات من العقاب.
وحذر الخبير في شؤون الحركات الإرهابية من المرحلة المقبلة، قائلًا "إن الاحتمالات مفتوحة، وقد تكون أخطر في هذه المرحلة، لاسيما أن هذه الجماعات تعد نفسها فوق القانون ولا يمكن محاسبتها".
شبح الاغتيالات
مراقبون للشأن التونسي عبَّـروا عن تخوفهم من عودة شبح الاغتيالات السياسية، لكن ناجي جلول رئيس حزب الائتلاف الوطني، وزير التربية التونسي الأسبق، قلل في حديثه لـ"السياق" من ذلك، والدور الذي يمكن أن تلعبه حركة النهضة خلال المرحلة المقبلة.
وقال جلول إن حركة النهضة الإخوانية أمام خيارين: إما التأقلم وإما الانقراض.
وشدد على أن رئيس حركة النهضة الإخوانية، حان وقته للتقاعد السياسي، بعد فشل وجمود إدارته وحركته للبلاد على مدى سنوات.
تاريخ من الاغتيالات
اتهامات عدة تلاحق حركة النهضة بالتورط في عمليات اغتيال، إذ يكشف فيلم وثائقي أنتجته مؤسسة "صواب الرأي" إحدى المؤسسات التونسية الإعلامية للأفلام الوثائقية، مسار قضايا التحقيق في الاغتيالات السياسية، خاصة التي وقعت عام 2013 وراح ضحيتها الشهيدان شكري بلعيد ومحمد البراهيمي.
ويوضح الفيلم الوثائقي، دور الجهاز السري لحركة النهضة، في إجهاض المحاولات الجدية لكشف حقيقة الاغتيالات التي هزت تونس عام 2013.
وسلَّط الفيلم الضوء على مصطفى خذر، بوصفه المشرف على الجهاز السري لحركة النهضة التونسية، بينما تكشف المحامية التونسية إيمان قزارة (عضوة هيئة الدفاع في قضايا اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي) بالوثائق، علاقة مباشرة بين مصطفى خذر ورئيس حركة النهضة.
ويشرح أنور الباصي المحامي التونسي، عضو هيئة الدفاع في قضية اغتيال بلعيد والبراهمي، دوافع فتح ملفات قضايا الاغتيال من وحدة الأبحاث في جرائم الإرهاب، إثر كشف ما سمته هيئة الدفاع "الغرفة السوداء"، التي احتوت على وثائق نُقلت من مقر مدرسة تعليم القيادة، التي يملكها مصطفى خضر، إلى وزارة الداخلية من دون محضر حجز وعِلم فرقة الشرطة العدلية، ولا قاضي التحقيق المتعهد بالقضية.
ويلف المحامي التونسي، إلى أنه لم يُعترف بوجود الغرفة السوداء، إلا بعد تنقل قاضي التحقيق في قضية الشهيد محمد البراهمي إلى المبنى الرسمي لوزارة الداخلية التونسية، وحجزه للصناديق الكرتونية والأكياس التي تتضمن كمًّا هائلًا من الوثائق، ونقلها إلى مقر القطب القضائي لمكافحة الإرهاب 13 نوفمبر 2018.