الطعام مقابل المعلومات... هل يتعاون القرويون الأوكران مع الجيش الروسي؟
أجهزة الأمن تحقق في حالات وضع خلالها متعاونون مزعومون علامات على مواقع أوكرانية بالفوسفور، مكنت الروس من استهدافها بنيران المدفعية.

ترجمات-السياق
تنتشر شائعات داخل القرى الأوكرانية، عن وجود (متعاونين) مع القوات الروسية، يخبرونهم بأماكن الأسلحة، حسب تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية.
ونقلت الصحيفة، عن سيدة روسية تدعى (أولينا)، قولها، إنها شاهدت من نافذة غرفة نومها أحد جيرانها -وهو رجل طويل القامة يُدعى جيروفكا- يخرج من سيارة تحمل علامات روسية، ويبدأ إطلاق مشاعل في الليل، من جانب أحد الطرق في قريتها.
وأضافت أنه في اليوم التالي، خرجت الدبابات والمدرعات الروسية من الغابة في رتل طويل، ونزلت في القرية الصغيرة التي تقع على بُعد نحو 60 ميلاً جنوبي الحدود الروسية، على طول الطريق نفسه.
ضباب المؤامرة
وبينت "واشنطن بوست" أنه بعد أيام من تلك الواقعة، عقب الانسحاب الروسي من شمال ووسط أوكرانيا، قدم أربعة محققين من دائرة الأمن الأوكرانية إلى غرفة جلوس أولينا، البالغة من العمر 66 عامًا، حيث أخبرتهم بما رأته وأظهرت لهم المكان الذي وقف فيه الرجل، الذي أُطلقت منه القنابل المضيئة.
بينما قال جيران للمحققين إن (جيروفكا) شوهد يتوجه لمواقع أوكرانية قبل دقائق من تعرضها للقصف من القوات الروسية. وأوضحت الصحيفة الأمريكية، أنه لم ير أحد في القرية هذا الجار منذ ذلك الحين.
بإراداتهم أم تحت التهديد؟
وفي تعليقها على ما حدث، قالت أولينان -التي لم تحددها صحيفة واشنطن بوست إلا باسمها الأول خوفًا من انتقام محتمل ضدها- إن المشتبه بتعاملهم مع الروس "ربما فعلوا ذلك من أجل المال، لكنني أتساءل كيف يمكن بيع ضميرك وكرامتك؟ لا أعلم".
وقالت الصحيفة، إنه بعد أسابيع من انتهاء القتال، يتهامس المواطنون في جميع أنحاء البلاد عن الذين يعتقد أنهم باعوا جيرانهم، وما إذا كانوا قد فعلوا ذلك بإرادتهم أو تحت التهديد والإكراه، مضيفة: "في البلدات والقرى الصغيرة في جميع أنحاء أوكرانيا، التي وقعت تحت الاحتلال الروسي في فبراير ومارس الماضيين، وجرى تحريرها منذ ذلك الحين ، استبدل بضباب الحرب ضباب المؤامرة والشكوك".
عدد الأوكرانيين المتهمين
وحسب الصحيفة، رفضت القوات المسلحة الأوكرانية الإفصاح عن عدد الأوكرانيين المتهمين بالتعاون مع روسيا، الذين جرى التعرف إليهم أو القبض عليهم.
بينما ذكرت وكالة أسوشيتد برس أن نحو 400 شخص في منطقة خاركيف يُشتبه في تعاونهم مع الروس اعتُقلوا، ويمكن أن يواجهوا المحاكمة بموجب قوانين جديدة تعاقب بالسجن المؤبد، أي شخص يقدم مساعدة للقوات الروسية تؤدي إلى قتل أوكرانيين.
تعاون مزعوم
ونقلت "واشنطن بوست" عن دميترو إيفانوف، نائب رئيس الإدارة المدنية والعسكرية الإقليمية في تشيرنيهيف قوله: أجهزة الأمن تحقق في حالات وضع خلالها متعاونون مزعومون علامات على مواقع أوكرانية بالفوسفور، مكنت الروس من استهدافها بنيران المدفعية.
وأضاف أن آخرين قادوا الروس إلى مخازن الطعام والإمدادات، وفي بعض الحالات، يمنح هؤلاء المتعاونون طعامًا أو نقودًا من الروس مقابل الحصول على معلومات.
واستطرد إيفانوف: "نفترض أن هؤلاء الأشخاص ما زالوا هنا... في الوقت الحالي تعمل أجهزة أمنية خاصة على تتبعهم"، مضيفاً: "بين السكان المحليين، لا توجد حالات كثيرة، لأن المجتمعات هنا قوية ومتحدة أكثر من أي وقت مضى".
"الروسكيون"
وذكرت الصحيفة الأمريكية، أنه في القرى الواقعة شمالي شرق ميكولايف الأوكرانية، وهي مدينة يبلغ عدد سكانها قرابة 500000 نسمة بالقرب من ساحل البحر الأسود، طُرد المحتلون الروس بعد أقل من أسبوعين، إلا أن الشائعات عن المتعاونين المحليين المحتملين ظلت قائمة.
وفي بيسكي، التي يبلغ عدد سكانها 800 نسمة، استقبل رجل صحفيي "واشنطن بوست" بإخبارهم بأن المدينة مليئة بـ "الروسكيين" -وهو مصطلح صاغه الأوكرانيون كاختصار لـ "الفاشيين الروس"، وقال إن معظم السكان المحليين دعموا فيكتور يانوكوفيتش، الرئيس الأوكراني الموالي لروسيا الذي أطيح خلال ثورة البلاد عام 2014.
مدير المدرسة المتهم
وفي مارس الماضي -حسب الصحيفة- اتخذ الجنود الغزاة مدرسة بيسكي قاعدة لهم، مشيرة إلى أن الأهالي في البلدة مازالوا يتهمون مدير المدرسة بفتح الأبواب للروس ونقل المعلومات إليهم، إلا أن الصحيفة لم تستطع التحقق من هذه المزاعم.
وعن تحول مواقف البعض من السكان، نقلت الصحيفة عن مارينا بوليشوك، البالغة من العمر 70 عامًا -ما سمعته من امرأة تحدثت مع القوات الروسية- إذ تقول: عندما جاء الروس، كانت تقول لهم هذه المرأة "أوه، لقد كنا في انتظاركم ثماني سنوات".
إخبارية من متعاون محلي
ونقلت عن قرويون في بيريزانكا، بالقرب من تشيرنيهيف، قولهم: إن موظفًا في وكالة الموارد الحكومية داهمت منزله القوات الروسية، وأخذوا بنادق عدة، بناءً على إخبارية تلقوها من متعاون محلي، بينما يقول سكان محليون إنه في الواقع كان الموظف، أوليه نيتشيبورينكو، هو الذي قدم أسلحته عن طيب خاطر إلى الروس، مشيرين إلى أنه جرى اعتقاله من قِبل رجال الأمن الأوكرانيين.
يبدو أن أحدًا أبلغهم
أما نيتشيبورينكو -50 عامًا- فأبلغ الصحيفة برواية أخرى قائلا: الروس أتوا وأخذوا بندقيتي الوحيدة -بندقية صيد صغيرة- قبل أن يغادروا بسلام، مشيرًا إلى أن الشرطة الأوكرانية حققت معه إلا أنها لم تحتجزه.
وأضاف أن شيئًا واحدًا غريبًا هو الذي صدمه، أن الروس زاروا منزلين فقط في شارعه، وهما المنزلان اللذان يضمان أسلحة نارية مسجلة، (إذ يُطلب من الأوكرانيين تسجيل جميع الأسلحة النارية لدى السلطات المحلية).
وقال نيشيبورينكو: "لست متأكدًا مَن فعل ذلك، لكن يبدو أن أحدهم أبلغهم".
النقود والمجوهرات
وحسب الصحيفة الأمريكية، فإنه في قرية مجاورة -يبلغ عدد سكانها نحو 300 نسمة- قال زوجان في الخمسينيات من العمر إن الجنود الروس جاءوا مباشرة إلى منزلهما عند دخول القرية، واقتحموا منزلهما ومخزنهما، من أجل النقود والمجوهرات وغيرهما من الأشياء الثمينة، معربين عن اعتقادهما بأن الروس كانت لديهم معلومات عن وضعهما المادي.