هل يؤثر حظر النفط الروسي في تمويل حرب بوتين بأوكرانيا؟
هذه الخطوة ستحرم خزائن بوتين من 310 ملايين دولار يوميًا

ترجمات – السياق
حظر الغرب للنفط الروسي، قد يؤثر في تمويل موسكو لحربها بأوكرانيا، ومن جانب آخر قد يزيد قوة واستقلال أوروبا كقارة موحدة، حسبما ترى صحيفة الغارديان البريطانية.
كانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فو دير لاين، أعلنت أن الاتحاد الأوروبي سيكثف ضغوطه على موسكو بفرض حظر تدريجي على واردات النفط وعقوبات جديدة، ليدفع بوتين ثمناً باهظًا لحربه على أوكرانيا.
وهو ما رد عليه الكرملين، بالقول إن أوروبا ستدفع ثمنًا باهظًا حال حظر النفط الروسي، مشيرًا إلى أن العقوبات الغربية "سلاح ذو حدين".
وتساءلت الصحيفة البريطانية، أين ستصل أوروبا بخطوتها في ما يخص حظر النفط الروسي؟، مضيفة أنه إذا كان قرار بوتين بغزو أوكرانيا في فبراير الماضي قد فاجأ الغرب، فإن الاتحاد الأوروبي فاجأ الجميع بسرعة اتحاده وعمق استجابته لتطورات الأوضاع.
تمويل آلة الحرب
ففي تناقض صارخ مع بريطانيا، بينت " الغارديان" أن الاتحاد الأوروبي وضع ما سمته (مخططًا سخيًا وسريعًا) لاستيعاب اللاجئين الأوكرانيين، كما قدم مساعدات عسكرية لا تقدر بثمن لكييف، تضمنت أسلحة دفاعية، فضلًا عن العقوبات التي فرضها الاتحاد على أفراد وبنوك وشركات روسية.
حسب الصحيفة- فإنه في الوقت الذي كان الاتحاد الأوروبي يتخذ فيه هذه الإجراءات، كانت الدول الأعضاء تعطي بوتين المليارات أسبوعيًا لدفع ثمن واردات النفط والغاز الروسي.
وأمام هذه المليارات الأوروبية، التي تعد أحد أهم تمويلات الحرب الروسية ضد أوكرانيا، كرر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، قوله: "اعتماد أوروبا في مجال الطاقة على موسكو وفر وقودًا ماليًا يُستخدم في تدوير آلة الحرب الوحشية للكرملين".
ركود عالمي
وترى "الغارديان" أن معالجة هذه العلاقة -شراء النفط الروسي من جهة ووقف تمويل حرب بوتين من جهة أخرى- وتقليصها أمر حيوي، مشددة على ضرورة أن تسعى دول الاتحاد للضغط على روسيا وتأمين استقلالها الاستراتيجي، إلا أنها مع ذلك بينت أنه في خضم أزمة ارتفاع تكلفة المعيشة، وفي ظل ركود عالمي يلوح في الأفق، فإن حظر الطاقة يحمل مخاطر كبيرة مرتبطة بمعدلات التضخم ومعاناة المستهلكين.
سنؤذي أنفسنا
واستشهدت الصحيفة بتصريح وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، هذا الأسبوع، معلقًا على قرار حظر النفط الروسي، قائلًا: "سنؤذي أنفسنا، وهذا واضح للغاية".
طموح حذر
وأشارت "الغارديان" إلى أنه في ظل هذه الخلفية الغادرة -الخسائر الأوروبية الكبيرة جراء حظر النفط الروسي- فإن الحظر على واردات النفط الذي اقترحته رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، يحقق توازنًا جيدًا بين الطموح والحذر.
ووفقًا للخطة -حسب الصحيفة- سيُحظر الإمداد الروسي بالنفط الخام في غضون ستة أشهر، بينما تُحظر مشتقاته بحلول نهاية العام.
وأفادت الصحيفة بأن ألمانيا، التي خفضت مستوى النفط الوارد من روسيا بشكل كبير، ستكون بحلول هذا التوقيت -نهاية العام- قادرة على التخلي عنه.
في المقابل، مُنحت دول مثل المجر وسلوفاكيا -التي لا تمتلك اقتصاداتها القوة الكافية للصمود أمام هذا الحظر- إعفاءً حتى عام 2023 ومع ذلك تطالب الدولتين بمزيد من الوقت.
خزائن بوتين
ووصفت "الغارديان" مهمة حظر النفط الروسي بالنسبة لأوروبا، بـ(الكبيرة)، خصوصًا في إعادة توفير مصدر يفي بربع إمدادات القارة من النفط، إلا أنها شددت على أن هذه الخطوة ستحرم خزائن بوتين من 310 ملايين دولار يوميًا، وهي إحدى الدعائم المالية الرئيسة لنظام حكمه.
وأشارت إلى أن هناك دعوات أخرى لفرض حظر مواز على واردات الغاز الطبيعي الروسي، لكن بشرط التعامل مع الضغط على موسكو بحذر شديد، لاسيما في ظل الركود الكارثي في الغرب، الذي قد يؤدي إلى تآكل الدعم الشعبي للعقوبات، وربما يُفضي في النهاية إلى اضطرابات اجتماعية، قد تساعد قضية روسيا بدلًا من كبح جماحها.
أوروبا جديدة
وبينت الصحيفة البريطانية، أن الاتفاق على حظر النفط الروسي يقدم دليلا قويًا على أن حرب بوتين تخلق (أوروبا جديدة)، مشيرة إلى أنه قبل نحو شهر، كانت ثمة شكوك في قدرة الاتحاد الأوروبي على الذهاب إلى هذا الحد، خصوصًا ألمانيا، التي مزقت في غضون أسابيع فرضيات السياسة الخارجية والاقتصادية القائمة لديها منذ عقود.
ورأت أن ما سمته (فِطام) دول الاتحاد الأوروبي عن النفط والغاز الروسي، سيسرع الخطى نحو انتقال ضروري إلى الطاقة النظيفة، مشددة على أن الحفاظ على جبهة أوروبية موحدة، يتطلب نوعًا من التضامن الاقتصادي بين الدول الأعضاء، كما حدث خلال وباء كورونا.
واستشهدت الصحيفة بتصريح رئيس وزراء إيطاليا، ماريو دراجي، هذا الأسبوع بقوله: الأزمات التي تواجه الغرب -من الصراع في أوكرانيا إلى حالة الطوارئ المناخية- يجب أن تفرض وتيرة تكامل وتنسيق أكبر مع الاتحاد الأوروبي.
وتعليقًا على ذلك، قالت "الغارديان": إضافة إلى تقديم دعم حاسم لأوكرانيا، تمثل مقترحات المفوضية خطوة أخرى نحو أوروبا الأكثر استقلالية وتماسكًا.