حرب روسيا على أوكرانيا.. والأذان في مالطا..!

عالم السياق مع حسينة أوشان

حربُ روسيا- أوكرانيا... والأذانُ في مالطا...!

 

إذا جازَ لَنا أن نَصِفَ حَربَ روسيا في أوكرانيا، فلنْ تكونَ أفضلَ مِنْ تسميتِها بـ"حربِ المُحذرينَ الذينَ لمْ يَسمعُهم أحد".

نعم.. هذا ما حصَل، فعلى مدى سنين، أطلقَ عددٌ هائلٌ مَنْ كِبارِ المُفكرينَ الاستراتيجيينَ تحذيراتِهم، بأنَ الحربَ وشيكة، إذا سارتِ التطوراتُ بالطريقةِ التي كانتْ تسيرُ بِها.

أولُ تحذيرٍ أطلقهُ جورج كينان، الموصوفُ بأنهُ أكبرُ محللٍ استراتيجي أمريكي على الإطلاقِ، في شؤونِ السياسةِ الخارجية، ومهندسُ استراتيجيةِ الحربِ الأمريكية الباردة، حينَ حذرَ عامَ ألفٍ وتسعِمئةِ وثمانيةٍ وتسعين، نعم ذلك العام قال إن توسُعَ الناتو "خطأ مأساوي" سيؤدي إلى رَدِ فِعلٍ سيئٍ مِنْ روسيا.

عامَ ألفينِ وأربعةَ عَشَر، حذرَ هنري كيسنجر، الغنيُ عن التعريفِ قائلًا إنَ "أوكرانيا بالنسبةِ لروسيا، لن تكونَ مُجردَ دولةٍ أجنبية، وإنها يجبُ ألا تنضمَ إلى الناتو، بلْ على الغربِ أنْ ينتهجَ في هذا الأمرِ سياسةَ التصالُح.

رائدُ الخبراءِ الجيوسياسيينَ في أمريكا، جون ميرشا يمر، قالَ عامَ ألفينِ وخمسةَ عَشَر إنَ "الغربَ يقودُ أوكرانيا إلى منحدرٍ زلقٍ، سوفَ يؤدي إلى تدميرِها".

قبلَ ذلك، حذرَ جاك ف. ماتلوك، عامَ ألفٍ وتسعِمئةٍ وسبعةٍ وتسعين، وهو سفيرُ أمريكا السابقُ في الاتحادِ السوفييتي، مِنْ أنَ توسعَ الناتو "الخطأُ الاستراتيجيُ الأكبرُ فداحةً، وقد ينجمُ عنهُ الخطرُ الأمنيُ الأكبُر خطورةً، منذُ انهيارِ الاتحادِ السوفييتي".

الغريبُ في هذهِ التحذيراتِ، أنها أتتْ أولًا بصورةٍ مُستمرةٍ، حتى اشتعالِ الحربِ، وأنها ثانيًا أتتْ مِنْ أكثرِ الخبراءِ الاستراتيجيينَ ثِقةً لدى الغرب.

عامَ ألفينِ وخمسةَ عَشَر، قال نعوم تشومسكي -وليس غيرَه- إنَ انضمامَ أوكرانيا إلى حلفٍ عسكريٍ غربيٍ، غيرُ مقبولٍ لأي زعيمٍ روسي، وإنهُ لا يحمي أوكرانيا، بل يُهددُها بحربٍ كبرى.

في الوقتِ ذاتِه، قالَ ستيفن كوهين، المتخصصُ الشهيرُ في الشأن الروسي: "لو حرَكنا قواتِ الناتو باتجاهِ الحدودِ الروسية، فإنها لنْ تسكُت.. إنهُ تهديدٌ وجودي".

عامَ ألفينِ وثمانيةَ عَشَر، قالَ الصحفيُ الروسيُ الأمريكيُ فلاديمير بوزنر، إنَ توسُعَ الناتو في أوكرانيا غيرُ مقبولٍ للروس، وعلى أوكرانيا أن تتعهدَ -ضِمنَ تسويةٍ- بعدمِ الانضمامِ إليه.

الرئيسُ الأسترالي، حذرَ عامَ ألفينِ وأربعةَ عَشَر، قائلًا إن "تحركَ الناتو صوبَ الشرقِ، استفزازيٌ وغيرُ حكيم، وإشارةٌ واضحةٌ إلى روسيا، تؤدي إلى خطرٍ فوقَ العادة"...!

في مذكراتهِ قالَ وزيرُ الدفاعِ الأمريكي السابق بوب جيتس، إن محاولةَ ضمِ جورجيا وأوكرانيا إلى "الناتو" تجاوزٌ واستفزازٌ هائلٌ بشكل خاص".

ما ذكرناها، تشكيلةٌ مِنَ التحذيراتِ المُستمرةِ، منذُ رُبعِ قرنٍ، حتى اندلاعِ الحرب، وأقولُ تشكيلة... لأننا لو أردنا استعراضَ كلِ التحذيراتِ ما انتهينا.

كلُ ذلك، ونسمعُ تصريحاتٍ غربيةً مِنْ نموذجِ "فوجئنا بِشَنِ روسيا للحرب"...!