القصة غير المروية لكيفية انتصار جيف بيزوس على صحف التابلويد الصفراء
مقال انتصار جيف بيزوس اعتمد على مقتطف حصري من الكتاب الجديد Amazon Unbound والذي يروي قصة فريدة من نوعها عن المال والجنس والسلطة لمؤلفه براد ستون

رفع مقال لوكالة "بلومبيرغ"، الستار عن الطريقة التي تغلب فيها مؤسس موقع أمازون، الملياردير جيف بيزوس، على الصحافة الصفراء إثر نشر فضيحة خيانته زوجته السابقة، في 2018.
وقالت الصحيفة إنه تمكن من فك حصار الصحافة رغم الحرب الشرسة التي شنتها عليه، وانتقم لنفسه بالقساوة والكفاءة التي استخدمها لتشييد إمبراطوريته التجارية .
المقال اعتمد على مقتطف حصري من الكتاب الجديد Amazon Unbound والذي يروي قصة فريدة من نوعها عن المال والجنس والسلطة لمؤلفه براد ستون (يطرح في الأسواق في 11 من مايو/أيار الجاري).
ووفقا للموقع، فقد كان بيزوس يتمتع بالقدرة على الفصل بين الخيوط المتشابكة لحياته الشخصية والمهنية، إلا أنه وجد نفسه عالقا في عناوين صحيفة "ناشونال إنكوايرر"، المعنية بعالم المشاهير وفضائحهم.
"ارفع يدك إذا كنت تعتقد أنك عانيت من أسبوع أصعب مما عشته انا ."
كان ذلك في 14 فبراير/شباط 2019 ، في وقت مبكر بعد الظهر ، وربما للمرة الأولى في تاريخ شركة أمازون البالغ 25 عامًا، كان جيف بيزوس مستعدًا لشرح موقفه لموظفيه.
لم يختر بيزوس الصمت بانتظار مرور العاصفة، كما يفعل كثير من المشاهير، بل واجه الأمر بكتابة تدوينة تضمنت وصفا للصور التي نشرتها "إنكوايرر"، ومنها "سلفي محرج " واتهامها بنشر فضائحه "كعقاب سياسي" له على تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" التي يملكها، وذهب إلى أبعد من ذلك، إذ نفى القصة برمتها وربط صحيفة إنكوايرر بإدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب.
وتقول بلومبيرغ إن هذه المرة هي الأولى التي يرى فيها مسؤولو أمازون مديرهم التنفيذي محاصراً من قبل خصومه، وتضيف أن قائمة أعداءه انضم إليها ترامب، الذي كان يحتقر الـ "واشنطن بوست"، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، (وهنا تم التطرق الى التغطية الصحيفة لمقتل جمال خاشقجي والمزاعم عن قرصنة هاتف بيزوس).
وخلال صيف 2018 ومع تطور العلاقة الرومانسية بين بيزوس وسانشيز (صديقته)، كانت "إنكوايرر" تمر بسنوات كارثية، مبيعات الصحف والمجلات تراجعت، واتُهم ناشر الصحيفة، ديفيد بيكر، بشراء حقوق نشر قصص عن خيانات صديقه دونالد ترامب الزوجية ثم رفض نشرها، وهي ممارسة تُعرف باسم "امسك واقتل".
وقد أدى ذلك إلى لفت انتباه المدعين العامين الفيدراليين في المنطقة الجنوبية لنيويورك الذين يحققون في الانتهاكات المحتملة لقوانين تمويل الحملات الانتخابية للشركة الأم لـ "إنكوايرر" ، American Media Inc. ، أو AMI .
وبعد اهتمام الـ "واشنطن بوست" بقصة "امسك واقتل" المتعلقة بترامب وديفيد بيكر ، أمر كبير مسؤولي المحتوى في "إنكوايرر" ديلان هوارد ( أسترالي يبلغ من العمر 36 عامًا ومؤرخ مشهور لنفاق وحماقات المشاهير الأمريكيين، لم يتقاعس عن نشر تصريحات ميل جيبسون المعادية للسامية أو قصة الطفل خارج إطار الزواج لأرنولد شوارزنيجر)، أمر فريقه الصحفي بالتطرق للحياة الشخصية لبيزوس، بعد أن نشرت صحيفته، واشنطن بوست، الموضوع عن شراء حقوق فضائح ترامب وعدم نشرها.
وكان موظفو AMI قد تلقوا رسالة عبر البريد الإلكتروني، في أواخر صيف 2018، تحثهم على تفحص علاقة بيزوس مع والده البيولوجي، وسبب عدم تواصل بيزوس معه خلال احتضاره، عام 2015.
وفي 10 سبتمبر، أخبر مايكل سانشيز - شقيق عشيقة بيزوس، لورين – مراسلة AMI في لوس آنجلوس، آندريا سيمبسون، وهي صديقة مقربة منه، أخبرها عن صديق له عمل لصالح شخص "من نوع بيل غيتس"، كان متزوجا ولديه علاقة غرامية مع "ممثلة متزوجة".
وقال سانشيز إن صديقه يمتلك صوراً مثيرة للجدل عن تلك العلاقة، إلا أنه يريد مبلغاً "من ستة أرقام" مقابل السبق الصحفي.
وفي 18 أكتوبر/تشرين الأول، تواصل سانشيز مع هوارد وكشف له أن الشخص المقصود هو في الواقع مؤسس أمازون، جيف بيزوس.
ووقع سانشيز مع AMI عقدا يضمن حصوله على نحو 200 ألف دولار مقابل الحصول على السبق.
وفي تلك الأثناء، شك بيزوس بعدة سيناريوهات لتسريب صوره ورسائله الخاصة، وصلت إلى حد الاعتقاد بوجود مؤامرات دولية، طالت السعودية وولي عهدها، محمد بن سلمان.
وفي يناير 2019، تلقى بيزوس ولورين رسالة من "إنكوايرر"، تضمنت طلب مقابلة "حول علاقة الحب" بينهما .
هنا لجأت لورين إلى شقيقها مايكل لمساعدتها بشأن المقابلة (مايكل كان بدوره اتفق مع الصحيفة على الحفاظ على سرية مصدرها).
وعرض مايكل استغلال علاقاته مع محرري "إنكوايرر" لمعرفة المعلومات المتوفرة عندهم حول العلاقة ، ووقع مع شقيقته عقدا بقيمة 25 ألف دولار في الشهر، ليساعدها بالأمر، وبات يلعب على حبلي الفضيحة من دون علمها.
وبينما كان بيزوس يسعى لمتابعة قضيته بالسبل القانونية، أمر قسم العلاقات العامة في أمازون، في يناير 2019، بنشر خبر انفصاله عن زوجته عبر حسابه الرسمي على تويتر، في بيان جاء فيه "قررنا الطلاق ومتابعة حياتنا المشتركة كأصدقاء".
واستمرت "إنكوايرر" بنشر فضائح بيزوس، حتى توسط مايكل لوقفها مؤقتا.
ورغم الوقف المؤقت للنشر، لم يكن بيزوس راضيا عن النتيجة، وتساءل ما إذا كانت القصص المنشورة تهدف للانتقام السياسي منه بسبب مقالات "واشنطن بوست".
وقرر بيزوس آنذاك منح مستشاره الأمني، غافين دي بيكر، "أي ميزانية يحتاجها لتعقب الحقائق" بشأن كيفية حصول الصحيفة على رسائله الخاصة.
وبعد سلسلة مكالمات ورسائل تبادلها دي بيكر مع مايكل، شعر المستشار الأمني أن شيئا ما لم يكن على ما يرام، ولجأ إلى شركة "ديلي بيست" الإعلامية، التي يديرها صديق بيزوس، باري ديلر.
وفي 31 يناير/كانون الثاني عام 2019، نشرت "ديلي بيست" مقالا كشفت فيه عن شكوك دي بيكر بأن مايكل هو الجاني المحتمل. كما لفت المقال إلى أن تحقيق "إنكوايرر" كان مرتبطا بحملة ترامب ضد واشنطن بوست، وقال إن هناك "أدلة قوية تشير إلى دوافع سياسية".
ورغم عدم امتلاك بيزوس لأي دليل على تورط مايكل، إلا أن رئيس AMI، بيكر، شعر بالقلق من أن يصير أمر تورط صحيفته في مؤامرة سياسية ضد ملياردير مشهور، قد تضعه في مشاكل قضائية.
وحث هوارد على تسوية الخلاف مع بيزوس، والحصول على اعتراف بأن الفضائح لم تكن لها دوافع سياسية، وأن "إنكوايرر" لم تستخدم وسائل غير قانونية في إنتاج قصتها.
واستمر فريق بيزوس بالضغط، ما دفع AMI للبحث عن أي وسيلة للتوصل إلى تسوية، دون الاعتراف بأي حقائق بشأن كيفية الحصول على فضائح بيزوس.
وفي السادس من فبراير/شباط، تلقى فريق بيزوس رسالة من فريق AMI، تضمن بنودا مقترحة لاتفاقية تسوية، تنص على عدم نشر أو مشاركة أي صور أو رسائل لبيزوس، إذا قال الأخير وممثلوه علنا إن تقارير "إنكوايرر" لم تكن لدوافع سياسية.
ولم ترُق رسالة AMI لبيزوس، ما دفعه لكتابة مقال بعنوان "لا شكرا لك، سيد بيكر"، وقام بنشره على موقع "ميديوم"، وقال إن AMI كانت تهاجمه نيابة عن إدارة ترامب والسعودية.
ولفت بيزوس فيما كتبه إلى أن ملكيته لواشنطن بوست باتت أمرًا معقدا بالنسبة له، مضيفا " لا مهرب من أن بعض الأشخاص الأقوياء الذين اختبروا التغطية الإخبارية لـ "واشنطن بوست" سيستنتجون خطأً أنني عدوهم".
وتمكن بيزوس بتلك الخطوة من كسب التعاطف العام إلى صفه، بل إن صحيفة "نيويورك بوست"، اليمينية، كتبت آنذاك أن "بيزوس يفضح بيكر".
وألقت الكارثة في النهاية بظلالها على هوارد، ما أدى لإنهاء عمله في منصبه التحريري في AMI، مع انتهاء عقده في 2020.
مقال بلومبيرغ حمل عبارة فضلت منصة السياق وضعها في آخر مختصر ترجمة مقال بلومبيرغ : كان بيزوس يتنقل بين صروف الأزمة كما فعل دائمًا، من خلال التفكير بشكل غير تقليدي والتلاعب بأذرع وسائل الإعلام، بطريقة ما، طريقته التي تنجح معها في الأغلب.