مصارف في لبنان.. مسلسل الاقتحامات عرض مستمر
ابنه طرد من مسكنه لعدم سداده بدل الإيجار، ما اضطره إلى عرض كليته للبيع لتأمين المبلغ المطلوب.

السياق
في حلقة جديدة من مسلسل اقتحام مصارف لبنان بعد حوادث عديدة مماثلة أقدم مودع غاضب على دخول مصرف شرق لبنان يحمل سلاحًا ناريًا، للمطالبة بتحويل مبلغ لابنه المقيم في أوكرانيا.. وهي حادثة من ضمن ثلاث جرت فقط اليوم الثلاثاء وسبقها سبع حوادث مماثلة الشهر الماضي دفعت بالمصارف إلى إغلاق فروعها لأسبوع، قبل أن تعيد فتح أبوابها جزئيًا وسط إجراءات أمنية مشددة، مستعينة بمجموعات خاصة لحراسة فروعها، إضافةً الى قوى الأمن. وبات غالبيتها يستقبل الزبائن بناء على مواعيد مسبقة.
"صرخة المودعين"
واقتحم المودع علي ديب الساحلي صباح الثلاثاء فرع مصرف "بي إل سي" في مدينة شتورة في منطقة البقاع "شرق"، وبحوزته سلاح، مطالبًا بالحصول على وديعته التي تفوق قيمتها 24 ألف دولار، وفق ما أعلنت جمعية "صرخة المودعين" وهي مبادرة مدنية تعنى بحقوق المودعين وتواكب تحركاتهم.
وقال حسن مغنية من الجمعية لوكالة فرانس برس: إن الساحلي، وهو متقاعد من قوى الأمن الداخلي وفي الخمسينيات من عمره، "سبق له أن توجه إلى المصرف لمرات عدة من أجل تحويل مبلغ مالي قدره 4430 دولارًا بدل سكن وتعليم لابنه الذي يتابع دراسته في أوكرانيا".
وأضاف "رفض المصرف منحه المبلغ، فأقدم على اقتحامه، واحتجز رهائن داخله".
وفي وقت لاحق، أوقفت القوى الأمنية الساحلي بعدما تمكن أحد الأشخاص في المصرف من سحب السلاح منه.
"كلية للبيع"
ونقلت وسائل إعلام محلية عن الساحلي أن ابنه طرد من مسكنه لعدم سداده بدل الإيجار، ما اضطره إلى عرض كليته للبيع لتأمين المبلغ المطلوب. وأكّد رفضه الخروج من المصرف قبل حصوله على كامل وديعته
وتفرض المصارف اللبنانية منذ خريف 2019 قيودًا مشددة على سحب الودائع تزايدت شيئًا فشيئًا، حتى بات من شبه المستحيل على المودعين التصرّف بأموالهم، خصوصًا تلك المودعة بالدولار الأميركي أو تحويلها الى الخارج. وعلى وقع الأزمة التي صنّفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850، خسرت الليرة نحو 95 في المئة من قيمتها.
وينظم أهالي الطلاب في الخارج تظاهرات دورية للمطالبة بالسماح لهم بتحويل مبالغ لأبنائهم.
وفي مدينة صور جنوب لبنان، اقتحم المودع علي حسن فرع بنك بيبلوس، وفق ما أفادت جمعية صرخة المودعين. وسلم حسن نفسه للقوى الأمنية بعدما سلمه المصرف وديعته بالليرة اللبنانية وفق سعر الصرف الذي تعتمده المصارف. وفي طرابلس شمال لبنان اقتحم عدد من موظفي شركة كهرباء قاديشا مصرف "اف ان بي، احتجاجًا على عدم تسلمهم رواتبهم، وفق ما أفادت الوكالة الوطنية الرسمية للإعلام.
اعتصام سلمي
وفي منطقة الحازمية قرب بيروت، يعتصم مودع بطريقة سلمية داخل مصرف، مطالبًا برفع سقف السحوبات المتاح له شهريًا.
وشهدت قاعات الانتظار في المصارف منذ بدء الأزمة المالية إشكالات متكررة بين مواطنين غاضبين راغبين بالحصول على ودائعهم وموظفين ملتزمين بتعليمات إداراتهم.
"سالي"
ومن بين حالات كثيرة للاقتحام تبقى قصة المودعة سالي حافظ التي اقتحمت المصرف الشهر الماضي هي الأكثر شهرة، خاصة بعد انتشار دوافع فعلتها بأن هدفها كان الحصول على الأموال سعيًا لدفع تكاليف علاج أختها المريضة بالسرطان.
إذ وصفها عدد كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي "بالبطلة" بعد تداول صورة تظهر فيها وهي تحمل مسدسًا بينما تقف على مكتب أحد موظفي المصرف.
وتُعتبر الأزمة الاقتصادية التي يشهدها لبنان الأسوأ في تاريخه، وبات أكثر من ثمانين في المئة من سكان لبنان تحت خط الفقر، ولامس معدل البطالة نحو ثلاثين في المئة.
ويتزامن مع الوضع الاقتصادي الحرج ظروف سياسية بالغة التعقيد يعجز فيها اللبنانيون عن الخروج من النفق المظلم الذي وقعوا فيها بشكل معمق بعد حادثة انفجار مرفأ بيروت.