بدء العد التنازلي لمهلة لجنة مظاهرات تشرين بالعراق.. انتفاضة جديدة أم موجة احتجاجات؟
قال إحسان الشمري للسياق إنّ هناك اتجاهًا لدى قسم من المتظاهرين للدفع باتجاه استمرار هذه التظاهرات ونصب الخيام، والتحول إلى حالة من العصيان المدني، مقابل توجه يدفع بتكرار تنظيم التظاهرات كل جمعة حتى تتحقق المطالب.

السياق
انتهت احتجاجات إحياء ذكرى انتفاضة تشرين الثالثة، إلا أن المهلة التي منحتها لجنة مظاهرات تشرين للقوى السياسية العراقية لاستكمال العملية السياسية في البلد المأزوم، ليست كذلك.
فبعد يومين من التظاهرات التي عمت مناطق عدة في العاصمة العراقية بغداد، والتي أرسل من خلالها المتظاهرون رسالة إلى القوى السياسية، بأنهم ماضون قدمًا في الاحتجاجات حتى إعادة استكمال العملية السياسية التي توقَّفت قبل عام في محطة الانتخابات البرلمانية المبكرة، ولم تراوحها حتى اللحظة.
وأمام تعثر المسار السياسي وفشل القوى الموجودة على الساحة في اختيار رئيسين للحكومة وللجمهورية، أمهلت لجنة «مظاهرات تشرين»، القوى السياسية العراقية حتى 25 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، لاستكمال العملية السياسية.
وهددت اللجنة المركزية للمظاهرات باتخاذ إجراءات «تصعيدية»، مطالبة بحكومة انتقالية مؤقتة تحت إشراف الأمم المتحدة، على ألا يكون فيها أي من شخصيات سياسية سابقة، بما فيها مصطفى الكاظمي رئيس الوزراء الحالي.
وأمام ذلك الموقف، وبعد أن خرج المحتجون بعشرات الآلاف إلى الساحات والميادين في ذكرى انتفاضة تشرين الثالثة، باتت مطالب استمرار التظاهرات كل جمعة ونصب الخيام تلوح في الأفق، فيما طالب محتجون آخرون بالعصيان المدني.
تلك المطالب والتي جاءت جنبًا إلى جنب مع انتهاء عمر المهلة يومًا تلو الآخر، باتت عوامل ضغط إضافية على القوى السياسية، بحسب مراقبين أكدوا أنها أصبحت رسالة ذات حدين؛ فإما توافق القوى السياسية وإما إزاحتها من على الطاولة للأبد.
وإلى ذلك، قال الدكتور إحسان الشمري رئيس مركز التفكير السياسي بالعراق في تصريحات لـ«السياق»، إن مظاهرات تشرين الأولى في عام 2019، أسقطت معادلة السلطة التي رسمتها إيران، وأسقطت حكومة عادل عبد المهدي. مشيرًا إلى أنها أرست مبدأ الانتخابات المبكرة وأسقطت قانون الانتخابات، وهي المعادلة التي كان يمكن أن تذهب بالعراق إلى حالة من العداء مع دول بالمنطقة.
وأوضح رئيس مركز التفكير السياسي بالعراق، أنَّ قوى تشرين اصطدمت من جديد بقوة الأحزاب والكيانات السياسية التقليدية، وسيطرتها على الدولة مع وجود المال السياسي والسلاح المنفلت، ما حرمها من أخذ مكانتها في العملية السياسية ما بعد 2019، وتسبب في حالة من الإحباط الشديد.
وأشار الشمري إلى محاولات الإطار التنسيقي الشيعي السيطرة على الحكم من جديد، وصياغة معادلة مشابهة لمعادلة السلطة التى حدثت عام 2018، وهو ما يعرف بـ«معادلة حكومة عادل عبد المهدي»، وما ساهمت فيه من استفزاز لقوى تشرين وأطرافها بشكل كبير.
وحول السيناريوهات المستقبلية، قال الشمري إنَّ هناك اتجاهًا لدى قسم من المتظاهرين للدفع باتجاه استمرار هذه التظاهرات ونصب الخيام، والتحول إلى حالة من العصيان المدني، مقابل توجه يدفع بتكرار تنظيم التظاهرات كل جمعة حتى تتحقق المطالب.
وتوقع رئيس مركز التفكير السياسي، حدوث انتفاضة جديدة في وجه عودة القوى التقليدية مرة أخرى، ونسف مبدأ المحاصصة ومواجهة استشراء الفساد، في حالة عدم تحقيق المطالب مع انتهاء مهلة لجنة مظاهرات تشرين في 25 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
عجز الطبقة السياسية
من جانبه؛ قال الدكتور غازي فيصل مدير المركز العراقي للدراسات الإستراتيجية في تصريحات لـ«السياق»، إن الحكومات المتعاقبة بالعراق منذ 2011، فشلت في مواجهة المشكلات الكبرى التي تعاني منها البلاد، وطرحتها انتفاضة تشرين الأولى 2019.
وأوضح فيصل أن عجز الطبقة السياسية وتفكيرها بمصالحها وليس في قضايا ومشكلات الشعب العراقي، الذي يعاني من «مافيا العنف المسلح»، واستمرار انتهاكها للدستور، تعدّ أساس المشكلة الحقيقية في العراق.
واعتبر أن الفوضى والجريمة المنظمة وغيرها من مظاهر الفساد، عوامل جعلت الشعب العراقي في حالة غضب مستمرة، مشيرًا إلى أن الحكومة والقوى السياسية بالعراق، تنظر الآن إلى انتفاضة تشرين بأن من قام بها «عملاء»، وهو ما اعتبره نظرة غير منطقية تبرر القتل والعنف تجاه المتظاهرين.
وشدَّد على أن قوى تشرين لم ترتكب أي أخطاء؛ فهي فقط تريد حقوقها المنصوص عليها بالدستور، مشيرًا إلى أن الحكومات المتعاقبة والتي لا يمكن أن تكون عاملًا أساسيًا لإصلاحات جذرية، هي التي أنتجت المشكلات الكبرى في العراق.
أدوات التغيير
وحول أدوات التغيير، قال مدير المركز العراقي للدراسات الإستراتيجية غازي فيصل، إن قوى تشرين لا تمتلك من أدوات التغيير سوى التظاهر، فهي لا تمتلك قوة مسلحة لمواجهة السلطة، ولا قوة دستورية، كما أنها ليست سلطة تشريعية، بل إرادة شعبية للضغط على القوى السياسية التي احتكرت السلطة منذ 2003 وحتى اليوم.
وأوضح فيصل، أن التغيير يبدأ من انتخابات جديدة مبكرة بإشراف من الأمم المتحدة، وإحالة الطبقة السياسية الحالية إلى المحاكمات، مما سيعيد قرابة 80% من الشعب العراقي ممن قاطعوا الانتخابات إلى التَّصويت، مما يؤهِّل لانتخاب طبقة سياسية وطنية جديدة للسلطة التشريعية والنظامية والالتزام بتطبيق الدستور.
وطالب مدير المركز العراقي للدراسات الإستراتيجية، الوزراء والحكومات المتعاقبة تحمل مسؤولية المشكلات الكبرى التي يعاني منها العراق اليوم، مشيرًا إلى أنَّ هناك تداخلًا بين طبقة الفساد بين السلطات التشريعية والتنفيذية وحتى القضائية.
وفيما قال إنه من غير المنطقي أن تستمر الاحتجاجات على مدار 24 ساعة، إلا أنه أكد ضرورة استمرار حالة الضغط من أجل تحقيق المطالب، مشيرًا إلى أنَّ المجتمع الدولي عليه مسؤولية مباشر لتحقيق الديمقراطية في العراق وحماية الحقوق الوطنية والشعبية.