بعد عودة تفشي أوميكرون... هل اقترب العالم من كتابة شهادة وفاة كورونا؟

المناعة لدى السكان ستوازن تكاثر الفيروس، ما يؤدي إلى مستوى ثابت من الإصابة عامًا بعد الآخر

بعد عودة تفشي أوميكرون... هل اقترب العالم من كتابة شهادة وفاة كورونا؟

السياق

بعد مرور عامين ونصف العام، على بدء انتشار كورونا، ورغم اللقاح الذي تسلح به معظم سكان العالم، فإن موجة جديدة من الفيروس بدأت تجتاح معظم الدول، تاركة آمالًا ضبابية بتلاشي الوباء.

تلك الموجة الجديدة، والإصابات المتزايدة في عدد من الدول، أعادت للأذهان المشاهد المحبطة، التي كانت خلال الموجات السابقة من كورونا.

ورغم أن خبراء صحيين يقولون إن العالم مجهز بشكل أفضل بكثير مما كان عليه قبل عام لمواجهة الوباء، مع مخزون هائل من اللقاحات الآمنة والفعالة إلى حد كبير والعلاجات الجديدة المتاحة، فإنهم حذروا من أن السماح لكورونا بالانتشار من دون رادع في بعض الأماكن، يزيد -بشكل كبير- من إمكانية ظهور متحورات جديدة أكثر خطورة.

فماذا عن تطورات الجائحة؟

بحسب بيانات نشرها موقع جامعة جونز هوبكنز الأمريكية، فإن إجمالي الإصابات بكورونا في العالم وصلت عند الساعة 0630 بتوقيت جرينتش، إلى 569 مليونًا و644 ألف حالة، بينما ارتفع إجمالي الوفيات إلى 6 ملايين و 383 ألف وفاة.

وأكدت الجامعة الأمريكية، أن اللقاحات التي جرى إعطاؤها في العالم وصلت إلى 11 مليارًا و 915 مليون جرعة.

يأتي ذلك بينما صدم العالم، قبل أيام، بإصابة الرئيس الأمريكي جو بايدن، بكورونا، بعيد عودته من جولة في الشرق الأوسط، ما كشف «تفحش» الفيروس، في وجه أكبر دولة في العالم.

إلا أن الطبيب المعالج للرئيس الأمريكي جو بايدن قال في مذكرة السبت، إن الأعراض التي ظهرت على الرئيس جراء الإصابة بكورونا آخذة في التحسن، مشيرًا إلى أن التهاب الحلق «أقل إزعاجًا» وكذلك رشح الأنف والسعال وآلام الجسم.

الطبيب كيفين أوكونور أكد -في تقرير نشرته «رويترز»- أن حالة الرئتين جيدة، بينما تشبع الدم بالأكسجين لا يزال ممتازًا في هواء الغرفة، مشيرًا إلى أن بايدن مصاب على الأرجح بالمتحور بي.إيه5.

ومن أمريكا إلى اليابان، قالت يوريكو كويكي حاكمة العاصمة اليابانية طوكيو في مؤتمر صحفي، إن عدد الإصابات بكورونا بلغ الخميس، مستوى قياسيًا عند 31878، متجاوزًا الرقم القياسي المسجل في فبراير الماضي.

ودعا هيروكازو ماتسونو كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني إلى توخي أقصى قدر من اليقظة، وسط تزايد الإصابات بكورونا، مشيرًا إلى أنه على الصعيد الوطني، فإن الإصابات الجديدة وصلت إلى أعلى مستوى على الإطلاق.

وشدد على أن بلاده بحاجة إلى أن تراقب بأقصى قدر من اليقظة حالة العدوى في المستقبل، بما في ذلك الحصول على الخدمات الطبية.

الصين لم تكن بعيدة كذلك عن انتشار كورونا، فلجنة الصحة الوطنية في الصين، قالت –الجمعة- إن بر الصين الرئيس سجل 1011 إصابة جديدة بكورونا، 175 مصحوبة بأعراض و836 من دون أعراض.

وقال مسؤول محلي -الأسبوع الماضي- إنه يتعين على سكان شنغهاي المركز التجاري للصين إجراء اختبارات كورونا مرة واحدة على الأقل أسبوعيًا حتى نهاية أغسطس المقبل، ما يعني تمديد الالتزام بإجراء هذه الفحوص شهرًا آخر.

وأنهت شنغهاي إجراءات إغلاق دامت شهرين في يونيو الماضي، لكنها سجلت عشرات الإصابات الجديدة يوميًا خلال الأسابيع الماضية.

وفي شنغهاي، أظهرت بيانات الحكومة المحلية تسجيل ثلاث إصابات جديدة تظهر عليها أعراض، مثل اليوم السابق، و15 إصابة بلا أعراض مقابل 14 في اليوم السابق.

رفع الإغلاقات

وبحسب «نيويورك تايمز»، فإن الدول رفعت الإغلاقات، رغم أن البديل فيروس أوميكرون سريع الانتشار، مشيرة إلى أنه بحلول الاثنين، ستكون لدى أقل من اثنتي عشرة ولاية أمريكية إعلانات طوارئ، وفقًا للأكاديمية الوطنية لسياسة الصحة الحكومية.

لكن مع تكيف الأمريكيين مع الفيروس، اضطر حكام البلاد -بشكل متزايد- إلى تبرير تمديد هذه التصريحات إلى المشرِّعين الذين يعدونها استخدامًا غير ضروري للسلطة التنفيذية.

ومددت إدارة بايدن -الأسبوع الماضي- مرة أخرى حالة الطوارئ الصحية العامة الفيدرالية المتعلقة بكورونا، التي تم تحديدها لأول مرة في يناير 2020، ما يعني أن الطوارئ ستستمر على الأقل حتى منتصف أكتوبر.

إلى أوروبا، التي أصبحت الملصقات واللافتات واللوحات الإعلانية الباهتة تقف كبقايا شبحية من النضالات السابقة ضد كورونا، ومع أن بقايا أيام الوباء الأكثر فتكًا في كل مكان، فإن الفيروس موجود أيضًا.

وهناك عبارة شائعة تُسمع في جميع أنحاء أوروبا، أن كل شخص مصاب بكورونا، خاصة أن متحور أوميكرون مسؤول عن تفشي الإصابات في جميع أنحاء القارة.

ومع ذلك، فإن الحكومات لا تتخذ إجراءات صارمة، بما في ذلك الدول الأكثر صرامة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أنها لا ترى زيادة كبيرة في الحالات الشديدة، ولا وحدات العناية المركزة المزدحمة، ولا موجات الموت، بحسب «نيويورك تايمز».

وغالبًا ما تُحجز المقاعد التي تحمل لافتات تباعد اجتماعية زرقاء باهتة تحث ركاب مترو باريس على إبقاء هذه البقعة خالية، بينما يمر عدد كبير من الألمان غير الملثمين بلافتات ممزقة في المتاجر والمطاعم كتب عليها "Maskenpflicht" أو متطلبات القناع.

وسجلت أستراليا 5357 حالة دخول للمستشفى الخميس، وفقًا لوزارة الصحة الفيدرالية، بأعلى الأرقام منذ بدء الوباء، إلا أنه مع ذلك، لا تزال المعدلات اليومية للحالات الجديدة أقل بكثير من تلك التي شوهدت خلال أكبر موجة كورونا بأستراليا في يناير، عندما وصلت حالات الاستشفاء إلى ذروتها.

ووسط الطفرة الجديدة، أوصت السلطات الصحية والسياسيون بأن يرتدي الناس أقنعة في الداخل، ويحثون على العودة إلى العمل من المنزل.

هذا العام، اتخذت أستراليا منعطفًا حادًا في استجابتها، وتحولت إلى سياسة التعايش مع كورونا، بينما وعد رئيس الوزراء السابق، سكوت موريسون، وحكومته المحافظة بأنه مع تطعيم معظم السكان، ستُلغى القيود ويسمح للناس باتخاذ قراراتهم الصحية.

زيادة في إفريقيا

إفريقيا لم تكن بعيدة عن زيادة الإصابات بكورونا، بحسب منظمة الصحة العالمية، التي قالت إن الدول الإفريقية شهدت زيادة واعدة في التطعيم ضد الفيروس.

وتأخرت القارة في التطعيم، لأن الدول المتقدمة التي صنعت اللقاحات تميل إلى كبح الإمدادات المبكرة لنفسها، ورغم زيادة عمليات التسليم إلى القارة السمراء بمرور الوقت، لا تزال معدلات التطعيم منخفضة والتقدم بطيئًا.

وقال الدكتور ماتشيديسو مويتي، مدير منطقة إفريقيا بمنظمة الصحة العالمية، التي تشمل معظم القارة، إن الاتجاه تحسن بشكل ملحوظ الشهر الماضي. ووصلت ستة بلدان إلى النقطة التي تناول فيها 10 في المئة من سكانها جرعة واحدة على الأقل.

وقال الدكتور مويتي: «يسعدني أن أكون قادرًا على مشاركة الأخبار التي تفيد بأن تناول الجرعات زاد بنسبة كبيرة بلغت 74% في يونيو مقارنة بالشهر السابق، ما أدى إلى كسر التراجع المستمر ثلاثة أشهر».

وقال الدكتور أتوهبوي: «طُرح الكثير من التمويل على الطاولة، وهذا مكّن البلدان أيضًا من تلقيح المزيد. البلدان التي لا تزال متخلفة عن الركب هي التي ما زلنا نشهد فيها إرادة سياسية غير كافية».

هل تنتهي جائحة كورونا؟

الإجابة صعبة للغاية بحسب «الغارديان»، التي قالت إنه من المتوقع أن يصل المرض -نهاية المطاف- إلى مستويات متوطنة، ما يعني أن المناعة لدى السكان ستوازن تكاثر الفيروس، ما يؤدي إلى مستوى ثابت من الإصابة عامًا بعد الآخر.

ويمكن أن يشمل هذا الاستقرار تقلبات منتظمة وقابلة للتكرار مثل الموسمية، بحسب أريس كاتزوركيس أستاذ التطور وعلم الجينوم المتخصص في التطور الفيروسي بجامعة أكسفورد.

وقال كاتزوركيس، إن هناك نوعين من المجهول في محاولة تحديد مدى قرب نهاية الوباء وما قد يبدو عليه. الأول هو: ما مدى قوة مناعتنا، خاصة ضد الأمراض الشديدة، ولكن أيضًا ضد العدوى؟ والثاني هو: ما مدى سرعة تطور فيروس Sars-CoV-2 ، لاسيما في ما يتعلق بالتغلب على دفاعاتنا المناعية؟

وأشار إلى أنه في مستويات الوباء الحالية، فإن هناك موجات متعددة كل عام، تحمل كل منها عبئًا كبيرًا من المرض والموت، لكن هل يستمر التوطن في اشتمال موجات عدة من العدوى، مع احتمال أن تكون شديدة الخطورة كل عام؟ وكم مرة تظهر متغيرات مثل أوميكرون، القادرة على اختراق دفاعاتنا المناعية جزئيًا؟ وهل تشمل في النهاية متغيرات يمكنها الهروب من الحماية التي تحفزها اللقاحات، جزئيًا على الأقل، ضد الاستشفاء والموت؟

وشدد على أن وباء كورونا لن ينتهي هذا العام، لكن سلوك الفيروس في البلدان عالية التطعيم في جميع أنحاء العالم قد يقدم لمحة عما تبدو عليه نقطة النهاية.

وأشار إلى أن انخفاض خطر الإصابة بمرض شديد من أي عدوى معينة، وفهمًا أفضل للمرض التراكمي، إضافة لعدد الإصابات، أمور قد تحدد نهاية الفيروس، واستراتيجيات التطعيم المقبلة.