نمط الفيروس يتغير... ارتفاع الإصابات بكورونا في الولايات المتحدة
كشفت صحيفة نيويورك تايمز، أن عدد كبار السن غير المطعمين بلقاح مضاد لكورونا في الولايات المتحدة أكبر بكثير مقارنة بالدول الغنية الأخرى

ترجمات – السياق
يبدو أن العالم على أعتاب موجة جديدة من كورونا، إذ كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أن عدد المصابين بالفيروس في الولايات المتحدة عاد للزيادة، مع ظهور هذه الموجة بنمط مختلف عن سابقتها، ما يزيد القلق من ارتفاع عدد الوفيات مقارنة بالإصابات.
ونقلت الصحيفة عن مجموعة من الخبراء المختصين قولهم: رغم تغير نمط الفيروس، فإن معظم الأمريكيين يتمتعون ببعض الحماية المناعية، سواء من اللقاحات أم العدوى أم كليهما.
فعلى مدى عامين قتل فيروس كورونا أمريكيين وفق جدول زمني وحشي، فبعد أسابيع قليلة من تصاعد وتيرة العدوى وقعت وفيات عدة، ليشق الوباء مسارًا لا يرحم في أنحاء البلاد، لكن يبدو أن هذا النمط قد تغير.
وأشارت الصحيفة، إلى أنه منذ ثلاثة أشهر تقريبًا مع ظهور سلالة أوميكرون الأكثر عدوى، حدثت طفرة جديدة من الإصابات في فصل الربيع، حيث أصبح الناس يموتون من كورونا بمعدل يقترب من أدنى مستوى للوباء.
طفرة جديدة
ونقلت "نيويورك تايمز" عن عدد من علماء الأوبئة قولهم: انتشار الفيروس وعدد الوفيات في أعقابه –اللذين يتم ربطهما معًا- تباعدا أكثر من أي وقت مضى، إذ تزداد الوفيات ببطء شمالي شرق الولايات المتحدة، حيث بدأت الموجة الأخيرة، ومن المرجح أن تفعل الشيء نفسه على المستوى الوطني، مع اندفاع الطفرة عبر الجنوب والغرب.
وتعليقًا على ذلك، يقول العلماء: البلاد لا تزال محصنة بشكل أفضل ضد وفيات كورونا مما كانت عليه، لافتين إلى أنه نظرًا لتطعيم العديد من الأمريكيين، فقد تضاءل بشكل كبير عدد الذين تكون أجهزتهم المناعية غير مستعدة للفيروس.
وذكر الدكتور ديفيد داودي، عالم الأوبئة في كلية جونز هوبكنز للصحة العامة، أنه خلال الموجات السابقة، كانت هناك جيوب كبيرة من الذين لم يتم تطعيمهم أو تعرضوا للفيروس، وبذلك كانوا معرضين لخطر الموت، مثلما كان الحال بداية الوباء.
وأشار إلى أنه رغم أن هذه الجيوب لم تعد موجودة، فإن هذا التحول في الوباء أوقع العديد من الأمريكيين في براثن الإصابة ثم الموت.
وكشفت الصحيفة أن عدد كبار السن غير المطعمين بلقاح مضاد لكورونا في الولايات المتحدة أكبر بكثير مقارنة بالدول الغنية الأخرى، لافتة إلى أن البيانات الرسمية لا توضح العدد المرتفع للأمريكيين الأكبر سنًا، الذين يبقون أكثر عرضة للخطر بسبب الإصابة بالفيروس، وبذلك يشكلون معظم وفيات كورونا لاسيما في ظل انتشار متحور دلتا بشكل كبير في البلاد.
وأوضحت أن الفيروس يستمر في قتل غير المحصنين بمعدلات أعلى بكثير من الملقحين، رغم أن العديد من غير المحصنين يتمتعون ببعض الحماية من العدوى، مشددة على أن هؤلاء الذين يعانون ضعف جهاز المناعة يواجهون أيضًا مخاطر أكبر.
وحسب الصحيفة، فإن فيروس كورونا لا يزال يقتل 314 شخصًا يوميًا ، أي عُشر عدد الذين لقوا حتفهم كل يوم في يناير 2021، ومع ذلك، فإن الخسائر فادحة، مشيرة إلى أنه بهذا المعدل، يقتل الفيروس أكثر من ضعف عدد الأمريكيين كل يوم، مقارنة بالانتحار أو حوادث السيارات، لافتة إلى أن كثيرين ممن نجوا من الفيروس أصيبوا بالوهن، بعضهم فترة طويلة بعد إصابتهم بالفيروس.
تراجع المناعة
وذكرت "نيويورك تايمز" أنه نظرًا لأن موارد البلاد لمكافحة الفيروس قلت، مع تجاهل العديد من الأمريكيين للحصول على جرعات معززة، فقد لا يستمر فصل أرقام الإصابات عن الوفيات، لافتة إلى أنه مع تضاؤل المناعة فإن الحماية من الأمراض الشديدة باتت أقل.
ونقلت عن الدكتور أبرار كاران، طبيب الأمراض المعدية في جامعة ستانفورد، قوله: "مع مرور الوقت، ستقل فعالية الاستجابة المناعية".
ويرى العلماء -حسب الصحيفة- أن الصلة بين حالات الإصابة بكورونا والوفيات بدأت تضعف خلال الشتاء، لكن الحجم الهائل من الأمريكيين المصابين بالعدوى يؤكد أن الوفيات لا تزال مرتفعة.
وأشارت الصحيفة، إلى أنه في هذا الربيع، كان كورونا يقتل عددًا أقل من الأمريكيين يوميًا مقارنة بأي فترة باستثناء صيف 2021، إذ تسجل البلاد 10 أضعاف عدد الحالات التي كانت عليها في ذلك الوقت، ما يشير إلى أن نسبة أقل من الحالات تنتهي بالوفاة.
وحسب بعض التقديرات، فإن معدل الوفيات -نسبة حالات كورونا المسجلة التي ثبت أنها مميتة- أقل بمقدار الثلث مما كانت عليه الصيف الماضي، وربع أقل مما كانت عليه في ديسمبر.
ولتفسير هذه الأزمة، نظر الدكتور ديفيد داودي في نسبة نتائج الاختبارات الإيجابية المبلغ عنها، وهو رقم يعرف بإيجابية الاختبار، مبينًا أن هذا الإجراء أيضًا غير كامل، لكنه يعكس الأعداد الهائلة من الأمريكيين الذين أصيبوا بالفيروس.
ويقدر بعض العلماء أن الموجة الحالية ثاني أكبر موجة من الجائحة.
ولكن من خلال حساباته التقريبية، قدر الدكتور داودي أن نسبة الوفيات لاختبار الإيجابية انخفضت ثلاثة أضعاف من الأيام الأولى للوباء حتى يناير 2022، وأربعة أضعاف من يناير 2022 إلى هذا الربيع، وقال: "ما نراه هو أن متوسط حالة كورونا أصبح أكثر اعتدالًا".
ويقول العلماء إن ذلك يعكس -بشكل أفضل- المكاسب في المناعة أكثر من أي إضعاف جوهري للفيروس، بينما قفزت تقديرات الحكومة لنسبة الأمريكيين الذين أصيبوا بكورونا من الثلث في ديسمبر 2021 إلى أكثر من النصف في فبراير الذي تلاه.
أمام هذه التطورات، دفعت البلاد ثمنًا باهظًا، حيث قُتل نحو 200 ألف شخص بسبب كورونا هذا الشتاء، وأصيبت أعداد كبيرة بعد ذلك بأمراض خطيرة، لكن أولئك الذين نجوا من العدوى ظهرت لديهم أجهزة مناعية تعلمت التعامل بشكل أفضل مع الفيروس، حسب وصف الصحيفة.
بينما قال الدكتور جو جيرالد، الأستاذ المساعد للصحة العامة بجامعة أريزونا: مستوى مناعة المجتمع المتجه نحو هذه الموجة كان أعلى بكثير مما كان عليه في أي وقت مضى، بسبب مزيج من العدوى والتطعيم، مضيفًا: "كثيرون من الذين لم يتم تطعيمهم، أصيبوا بأوميكرون، من يناير إلى أوائل مارس الماضي".
زيادة كبيرة
وبينت "نيويورك تايمز" أن عدد الإصابات بكورونا زاد بشكل كبير، مشيرة إلى أنه في الشمال الشرقي -حيث سيطرت متغيرات أوميكرون الفرعية لأول مرة هذا الربيع- ارتفعت الوفيات مع ارتفاع الحالات، بينما في نيويورك، ارتفع المتوسط اليومي لوفيات كورونا من ثمانية في أبريل إلى قرابة 24 منتصف يونيو، كما زادت الوفيات اليومية في نيو إنغلاند من خمسة إلى ذروة بلغت 34 خلال الفترة نفسها.
لكن في جميع أنحاء الولايات المتحدة -حيث ارتفعت حالات الإصابة منذ أوائل أبريل- ظلت الوفيات عند مستواها تقريبًا، حسب الصحيفة.
وقالت جينيفر نوزو، عالمة الأوبئة في جامعة براون: "أعتقد أنه من المطمئن إلى حد ما أن الوفيات لم ترتفع حقًا كما حدث في المراحل السابقة للوباء".
بينما قال الدكتور جيرالد: نظام المراقبة الخاص بنا في الولايات المتحدة ليس قويًا كما ينبغي، ما يجعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لنا، لفهم وتيرة ومسار تفشي المرض.
وشددت الصحيفة، على أن هناك عددًا من الأسباب المحتملة لعدم انخفاض وفيات كورونا أكثر من ذلك، مشيرة إلى أنه مع مستويات العدوى المرتفعة للغاية وقلة الاحتياطات التي تتخذ، يصل الفيروس حتمًا إلى الأشخاص الأكثر عرضة للخطر بسبب حالة اللقاح أو السن أو الظروف، وحتى مع اكتساب بعض الأشخاص الحماية المناعية أثناء الوباء، يصبح البعض الآخر أكثر عرضة للنتائج السيئة مع تقدمهم في السن أو ضعف جهازهم المناعي.
وفي ذلك، يقول علماء الأوبئة: حالات دخول المستشفيات لا تزال ترتفع على الصعيد الوطني، ما يجعل من المرجح زيادات الوفيات.
وتعليقًا على ذلك، نقلت الصحيفة عن الدكتورة ميغان راني، طبيبة الطوارئ في جامعة براون، قولها: "هذه الموجة تبدو مختلفة نوعًا وكمًا"، مضيفة: "وحدات العناية المركزة تمتلئ بالمرضى الذين يلهثون لالتقاط الأنفاس أو على باب الموت".